22 نوفمبر، 2024 11:34 م
Search
Close this search box.

عذراً جواد سليم…

عذراً جواد سليم…

أنا مواطن العراقي اكتب و أقدم اعتذاري لك بالنيابة عن الملايين من ابناء شعبي من الاغلبية الصامتة التي لاحول لها ولا قوة, الذين لم يفهموا  قول أبو  القاسم الشابي حين قال ” إذا الشعب يوماً أراد الحياة…”
 انا على يقين تام انك لطالما أخذك التفكير طويلا قبل إقدامك على إقامة هذا النصب, لكي لا يكون مجرد لوحة أو جداريه خالية من التعبير توضع في أي ساحة وتكون مكاناً للترفيه, ولم تكن تفكر ليومك أو لسنوات عمرك التي قضيتها في ربوع بلدك, إنما كنت  تريد أن يكون رمزا ومنطلقا للأجيال القادمة للباحثين عن الحرية والأمل, كنت تتمنى أن يكون رمزا لجيل من الممكن أن يحطم الجدران وان يفك القيود, كنت تبحث عن أصوات تصرخ بوجه الظلم والاستبداد وان تتخذ من هذا الرمز منطلقها  للتعبير عن رفضها كل أشكال الظلم والعنجهية التي مورست على هذا الشعب طوال عقود ولازالت تمارس عليه والى يومنا هذا..
اعتذر اليوم للمقارنة بين أمكنة يجمعها اسم واحد إلا وهو التحرير, المكان الذي احتضن عصارة جهدك ليطلق عليه ساحة التحرير, وبين ساحات في عواصم اخرى تحمل نفس الاسم ولكها عبرت عن مكنونها و أسمعت اصوات ابنائها وصرخاتهم كل العالم واجبروا الطغاة على الرحيل
اعتذر منك اليوم وانا ارى ابناء بلدي يقفون تحت نصبك وكل واحد منهم  يغني على ليلاه, فهذا يطالب بالتقاعد وذاك يطالب بالكهرباء واخر يطالب بأطلاق سراح المعتقلين واخر يطالب القصاص..
لقد اضعنا بوصلتنا ولم نكن نحن  ابناؤك كما كنت تتمنى, الذين راهنت عليهم في يوم من الايام, فلم يعد لدينا هدف يجمعناوانما عناوين تفرقنا وتمزقنا يوما بعد يوم فقد أصبنا بضعف ووهن,من غير الممكن أن نضحك على أنفسنا ونقول اننا موحدين ومتفقين على كلمة سواء, الواقع على العكس تماماً, فالاحتلال اصابنا بمقتل ونجح في ان يشتتنا,واليوم ترانا نتكلم بالقومية والطائفية تارة وبالمذهبية تارة اخرى, لم تعد لنا كلمة اصبحت دول الجوار والاقليم تتحدث بالنيابة عنا, وتتدخل بشؤننا فاصبحوا هم اصحاب الدار ونحن الغرباء…
عذرا منك ففصول السنة لم تعد تلك التي كنت تعرفها والتي كانت تدرس لنابالجغرافيا ,فخريفنا قد طال والربيع لم يعد موجوداً, لأننا لم تكن لنا الرغبة بقدومه فنحن اليوم نعيش خريفا طويلا …
لم نكن اهلا للأمانة التي اليوم أثقلت كاهلنا وأصبحنا ننوء بحملها, ولم نستطيع ان نؤديها حقها كما كنت تريد…
اليوم أصبحنا عاجزين عن عمل أي شيء, ونعترف بعجزنا,لأننا لم نستطع ان نعيد لهذا النصب قيمته الحقيقية التي من اجلها كافحت وسهرت لتجعل منه عنواناً للباحثين عن الحرية بكل معانيها
بالنهاية اتمنى منك وانت في قبرك ان تقبل اعتذاري بالنيابة عن نفسي وعن كل مواطن لا يستطيع ان يطلق صرخة بوجه الظلم ولاتستطيع صرخاته ان تغادر اقفاص صدره .

[email protected]

أحدث المقالات