ندَب الله سبحانه وتعالى للجهاد, وحث عليه, وجعله واجبا للنهوض بالدفاع عن الدين الإسلامي, وعن الديار المسلمة, وقد أكدت آيات القرآن الكريم على الجهاد, ووصفت المجاهدين بأنهم أعظم درجة, وأحس عاقبة, وأن الفوز سيكون حليفهم, قال تعالى “الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ ۚ وأولئك هُمُ الْفَائِزُونَ” سورة التوبة آية 20.
كان طريق المجاهدين والثائرين من حملة العقيدة الإسلامية, هو طريق ذات الشوكة, فحمل هؤلاء أكفانهم بأيديهم, وراحوا يدافعون عن المظلومين, ويعملون لاسترداد حقوق المؤمنين المسلوبة, ويذودون عن حياض البلدان الإسلامية, ويقاومون الطواغيت والظالمين, وكان أسوتهم في ذلك أمامنا الحسين عليه السلام.
الشهيد السيد صالح البخاتي رحمه الله كان نموذجا للمؤمن المجاهد, الباذل نفسه في سبيل الله وموطِّنها على لقاء.
إلتحق السيد البخاتي بقوافل المجاهدين في بداية ثمانينيات القرن المنصرم, بعد أن استفحل البعث وأخذ صدام وجلاوزته بالتنكيل بالشعب العراقي.
تعرض البخاتي للاعتقال والتعذيب نتيجة لعمله الجهادي, وقد تم سجنه في سجن استخبارات الفيلق الرابع المرابط في مدينة العمارة وقتها, ولكن شاءت الإرادة الإلهية أن يتمكن السيد من الهروب, والالتحاق مجددا بالمجاهدين في مناطق الأهوار, مع باقي أخوته في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية.
بعد سقوط الطاغية عام 2003, عاد السيد البخاتي للعراق, ولكونه كان عاملا ورعا مخلصا, فلم تغره اضواء الشهرة, وأطماع السلطة, فلم يتصدى لأي موقع كما فعلها غيره كثيرون, فقد بقي حاملا بندقيته جاهزا للدفاع عن العراق إذا داهمه أي خطر.
عاد السيد البخاتي لخطوط المواجهة بعد أن داهمت عصابات داعش التكفيرية أرض الوطن, وانخرط في صفوف انصار العقيدة, ثم في سرايا الجهاد, وكان قائدا ومخططا ومنفذا في الوقت نفسه, اشترك في أغلب المعارك بدءا من جرف النصر وانتهاءا بالفلوجة, وقد تعرض للإصابة اكثر من سبع مرات, يعود بعدها للجبهات, حتى نال وسام الشهادة التي كان يرنو صوبها في معركة تحرير الفلوجة في الخامس عشر من شهر رمضان 1436.
وطن السيد صالح البخاتي نفسه على الشهادة, “وكان اخر ما كتبه في صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي {فيسبوك}, تعليقا على صورة له داخل عجلة عسكرية تعرض زجاجها لرصاص العدو, لكنها لم تنفذ الى داخلها وكأنه ينعى نفسه قائلا ” بيني وبين الشهادة الا جزء تبقى من الزجاجة, وانا في صراع وجداني, اذ اقول هل انني غير مستحق هذه الكرامة, ام هو لعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلم ربي بعاقبة الامور”