مع إن الجمهورية الاسلامية الايرانية قد حققت نجاحا نسبيا في خداع المجتمع الدولي من حيث دفعه لکي يصدق بأن هناك فعلا جناح معتدل و إصلاحي في طهران، لکن مرور الاعوام و التمعن في تجارب هذا الجناح في الحکم، کان کافي لکي يفهم العالم کله بأن الاعتدال و الاصلاح بمعناه الحقيقي و الواقعي لاوجود له في إيران على وجه الاطلاق.
مايسمى بجناح(الاصلاح و الاعتدال)، في إيران و الذي هناك تشکيك دولي في مصداقية الشعارات التي يرفعها و ينادي بها، يخوض صراعا ضد الجناح المتشدد في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، لکن وکما يبدو فإن هذا الصراع هو صراع على القشور و ليس على الجذور، بمعنى إنه صراع من أجل المصالح و ليس من أجل التغيير الجذري کما تدل ظاهر الشعارات البراقة للجناح الاول.
محمد خاتمي، أول رئيس حمل شعار الاصلاح و الاعتدال و نادى بحوار الحضارات و الانفتاح على العالم و راهن عليه الکثيرين ظنا منهم بأنه سيحدث التغيير المطلوب في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية المبني على أساس نظام ولاية الفقيه، لکن الذي لم يلاحظه و يلتفت إليه الکثيرين ولاسيما أولئك المراهنين على هذا الجناح المخادع، إن خاتمي بنفسه الذي أمضى 8 أعوام في الحکم، قد أکد قائلا:( يجب أن لايراودنا شك بأن مجرد التفکير بتغيير أو تعديل دستور نظام ولاية الفقيه يعتبر خيانة، وبالتالي يجب عدم مناقشة هذا الامر.)، ونتسائل؛ کيف يمکن القيام بالاصلاح و التغيير في ظل قادة يصرون على صنمية المبادئ و الرکائز التي يقوم عليها النظام؟
جناحا الصراع في إيران، متفقان تماما ودونما أي نقاش أو جدل على أساس و جوهر نظام ولاية الفقيه و ماهيته المتشددة التي ترفض التغيير، وإن الصراع في الحقيقة قائم من أجل المصالح و النفوذ و ليس من أجل التغيير ذلك إن کلاهما في المرکب نفسه، غير إن شعار الاعتدال و الاصلاح الذي تم رفعه لفترات و متباينة في إيران، إنما کان بسبب علم القادة و المسٶولين الايرانيين بالرغبة العارمة التي باتت تعتري کافة شرائح و أطياف الشعب الايراني و تطالب بالتغيير بعد أن باتت متيقنة من إن أوضاعها تسير کل عام من سئ الى أسوء، ولذلك فإن رفع شعار الاعتدال و الاصلاح جاء أساسا للإلتفاف على مطلب التغيير بزعم إن التغيير سيأتي من داخل النظام نفسه، لکن تجربة الاعوام و الفترات السابقة أثبتت خلاف ذلك تماما، وإن إطلاق هذا الشعار في إيران يهدف أيضا لإمتصاص زخم و تأثير الشعار المرکزي الذي رفعته المعارضة الايرانية النشيطة و الفعالة المتمثلة في المقاومة الايرانية بإسقاط النظام برمته و إجراء التغيير الجذري، ولاسيما وإن التجمعات السنوية الضخمة للمقاومة الايرانية و التي تشارك فيها الجاليات الايرانية بکثافة تزيد عن ال100 ألف کل عام، تنادي هي الاخرى بالتغيير الجذري في إيران وحل المعضلة الايرانية من الجذور والتي لها تأثيرها و صداها على الداخل الايراني ذلك إن أکثر من 100 ألف من أبناء الجاليات الايرانية المشارکين في هذه التجمعات لهم أيضا أقربائهم و معارفهم و إمتداداتهم في داخل إيران ولذلك أکثر من معنى، وفي کل الاحوال، فإنه لايمکن أبدا أن يصبح الاعتدال و الاصلاح الوهمي بديلا عن التغيير في إيران المثقلة بالمشاکل و الازمات.