15 نوفمبر، 2024 1:16 م
Search
Close this search box.

ماذا جنى العرب من المال العربي والاسلام السياسوي ؟

ماذا جنى العرب من المال العربي والاسلام السياسوي ؟

شكل الخامس من حزيران 1967 بداية الانحراف الرئيسي للوضع العربي برمته، المستمر بالتنفيذ منذ 50 سنة، وبالشروع التنفيذي الصهيو امريكي المباشر او بالوكالة لتدمير كل ركائز وهياكل وتنظيمات حركة التحرر الوطني العربية التي كانت واجهتها وصدارتها الاحزاب والتيارات القومية العربية آنذاك.

وقد برزت ظاهرة تعميق القطريةمن جهة واستغلال المال السياسي من جهة اخرى ، لصناعة تيارات الولاء السياسي القطري والقومي باموال النفط العربي وتم تغذية تيارات الاسلام السياسوية، المستعدة للعمل معها، بمزيد من الدعم السياسي وبالمال والاعلام المطلوب ، من خلال طرح مشروع “الاسلام هو الحل”، وتم تبغيض صورة التيارات القومية لدى الشارع العربي على مدى خمسين سنة من التعبئة والهدم والتحشيد بخطاب اسلاموي ظلامي بغيض.
كانت اولى الساحات التي تشرذمت وانقسمت على نفسها هي حركة التحرر الوطني الفلسطيني، بعد الاجهاز عليها وتقسيمها ، خلال احداث ” ايلول الاسود 1970، بتغذية مقصودة في تشتيت فصائل المقاومة الفلسطينية ، بدعم وحث من دول النظام العربي الرسمي المنقسم على نفسه، وكان الداعي الى تكريس القطرية بواجهات وشعارات كرست حالة معقدة من ابصراعات القطرية ، ومنها ما استغلت المال النفطي المتحمس لشراء الولاءات لمخابراته واجهزته المرتبطة عن قرب او بعد مع توافقات المشروع الاستراتيجي الاكبر الصهيو امريكي.
واستمر هذا الحال حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي حتى تجسد كليا وبكل بشاعة في الصورة المنقسمة عربيا، وتراجع تاثير القوة والتيارات القومية والتقدمية ونفوذها على الشارع العربي، مقابل صعود غير متوقع للتيارات الاسلاموية المدعومة بالاعلام والمال السياسي النفطي، والموظف بذكاء وبراعة وحنكة انتقائية لشراع الاتباع وصنع الواجهات السياسوية لنفسه، باستغلال الدين، للعمل على عزل تام للتيارات القومية والتحررية، التي تراجعت وانكفأت على نفسها تماما ، بل وحتى اختفائها الكلي بعد سقوط الاتحاد السوفياتي نهاية الثمانينيات، وانشغال الانظمة العربية القطرية بمتاهاة سياساتها واخطائها القاتلة واحترابها وانقساماتها خصوصا بعد العدوان الثلاثيني على العراق 1991.
.
منذ التسعينيات تكافل بشكل كامل تعاون المال النفطي في مجاله السياسي ودعم كبير قدم لواجهات واحزاب وحركات وشخصيات الاسلام السياسوي، ليرسم ويكرس صورة الواقع العربي والاسلامي، تقدمته دول نفطية واقليمية عربية معينة، بتوظيف ثلاثي المال والاعلام وصناعة الاتباع في الظل والعلن، وبمختلف الشعارات السياسية الاسلاموية خاصة التي اندفعت في ظل الفراغ السياسي بعد تراجع دور مصر الناصرية ومحاصرة العراق على مدى ربع قرن، وخضوع النظام السوري كليا، وانحسار دور منظمة التحرير الفلسطينية، وخضوعها كليا للاملاءات التي تفرضها عليها القوى الدولية من خلال سطوة وابتزاز مال واعلام دول عربية معينة، منها، لم تكن لها اية ادوار متقدمة في صناعة الاحداث العربية، مثل قطر، ثم دخلت دول الجوار ، الايراني والتركي، فاسهمت في دفع الامور نحو التعفن والانحلال، بعد الاجهاز كليا على العراق واحتلاله وامتداد الخراب الى دول ومجتمعات مصر وسوريا وليبيا واليمن… وهلم دواليكم…
ما نعيشه هذه الايام هي نتيجة ملموسة ومحتومة لامتدادات هزيمة العرب التي بدأت في الخامس من حزيران 1967 وما تلاها ، من مسلسل التراجع على كل الاصعدة، وما جنى المال النفطي العربي من حضور بدى فاعلا، بخلق واجهات وادوات الاسلام السياسوي ، بكل مصادره وخاصة توظيف ، المال الخليجي، وانخراط حركة الاخوان المسلمين في هذه اللعبة، حتى سارعت وانضمت اليها واجهات وادوات الاسلام السياسي الشيعي بتوجية مباشر وتمويل من ايران الفارسية، لسد الفراغ السياسي والامني باستغلال حالة الانقسام القومي العربي، مستغلة انسحاب القوات الامريكية من العراق، وخدمتها تصرفات تنظيمات القاعدة، وبعدها داعش، وما غطاها، من سياسات ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما التي تواطئت وتساهلت ودعمت بشكل خفي او علني كل ممارسات ثلاثي المال والاعلام وانشطة الاسلام السياسوي لتكريس حالة التشتت والتجزئة والتعفن السياسي والاجتماعي في البلدان العربية لتصل الحالة الى قاع السقوط الحالي.

مرحلة الرئيس الامريكي ترامب وادارته تحاول استغلال حالة التعفن والتخمر المتسارع في التفكك فشرعت بالعودة المباشرة للسيطرة على الفراغ التالي بمرحلة ” ما بعد داعش” تحت شعار ” مكافحة الارهاب” ، فكان عليها ان تجد لها خصما وعدوا، ولو من سراب، لكي تجني الارباح تحت يافطة التعبئة والتحالفات الجديدة في المنطقة والعالم.

ان تريليونات من دولارات النفط العربي ضاعت في شكل رشاوي وشراء ذمم وتسليح وتوظيف للمجموعات السياسية الاسلاموية لصنع ادوات الارهاب وتخليق المليشيات وادامة انشطة المجموعات المسلحة التي انهت مرحلتها السياسية المتقدمة، التي نعيش بعضا من فصولها الان، الا وهو مرحلة الهدم والاجهاز على الدولة الوطنية والانظمة القطرية، واشاعة الفوضى الخلاقة العارمة، التي باتت صعبة التوقع والحدوث.

كما التنظيمات والحركات الاسلاموية العربية، بشقيها السني والشيعي، اضحت ادوات فساد وانزيمات هذا التعفن والخادمة الفعلية في تنفيذه، وقد وصلت حد التخمة في فسادها الاخلاقي والسياسي وحتى الشرعي، بارتهان قادتها ومراجعها ودعاتها الى قبول الرشى والانغماس في صفقات التمويل للارهاب، وخدمة مشروع القضاء على الفكر القومي العربي وتدمير مرتكزات الوحدة الوطنية على مستوى كل قطر عربي، وها هي تحصد نتائج ما جنته اياديها ، وتشهد كواليس حيتانها ثمار ما نفذته سياساتها على مدى خمسين سنة بعد نكسة وهزيمة حزيران 1967 ، وما جنته قياداتها من تضليل جرت بلدان الوطن العربي في الايغال بتنفيذ المشروع الصهيو امريكي الملقح، والمخصب، خلال سنوات ربع القرن الاخير بامتدادات اذرع وايادي وافكار النظام الايراني الفارسي الصفوي وهيمنته على اغلب المشهد الامني والسياسي في المنطقة.
هذا ما جناه العرب والمسلمين من توظيف المال السياسي والاسلام السياسوي .
وان غدا لناظره قريب.

* الامين العام للجبهة الوطنية العراقية

أحدث المقالات

أحدث المقالات