السياسة فيها وجهان؛ وجه حسن وآخر قبيح, أصحاب الوجه الحسن يسعون؛ لإعلاء كلمة الله تعالى, ورفع راية الإسلام, والذود عن الأوطان, والدفاع عن العقيدة, تراق دماؤهم, ويضحون بأنفسهم, لتحقيق أهدافهم؛ هكذا هم الصالحون, بينما أصحاب الوجه القبيح ليس لديهم سوى الشعارات, التي لا تغني ولا تسمن؛ كالتحرر والدين أفيون الشعوب.
ما أصاب العراق؛ كان لأسباب عديدة منها, المباشرة وغير المباشرة, فالأخيرة؛ كانت نتيجة للصراعات السياسية, على خلفيات طائفية وحزبية, وتدخلات دولية وإقليمية, يبقى السبب المباشر؛ يكمن في سوء الإدارة, وتفشي الفساد, والاستفراد بالسلطة, وكان نتيجة لعدم الاستماع إلى الأصوات المعتدلة, التي تريد الخير للبلاد, ما جعل الكثير يتمادون ويؤيدون الطالح والفاسد, ويتركون الصالح والكفء, والمخلص المدافع عن الوطن أرضاً وشعباً.
طيلة عقد ونيف على تغيير النظام السابق عام 2003, لم تستقر الأوضاع الداخلية في العراق, ما جعل الكل في دوامة الحركة والتزاحم, من أجل تحقيق أهداف وغايات تحملها المشاريع السياسية؛ كانت إسلامية أو لبرالية أو علمانية, إلا إن النزوات الشخصية بسبب النوازع الحزبية والمصالح الذاتية, فتحت الباب لتطاول معسكر الوصوليين, فسخروا كل إمكانياتهم لتحميل المشروع الإسلامي, أسباب دخول داعش للعراق.
لتفنيد ذلك, نجد خطين متوازيين, الأول؛ يدافع عن العراق بدمائه, ويذود عنه بأمواله, أولئك أصحاب الوجه الحسن, والخط الأخر؛ لا وجود له في ميادين الدفاع عن الوطن, غايته الوصول إلى السلطة, واستلام مقاليد الحكم, شعارهم فقط؛ “باسم الدين باكَونة الحرامية”, لذلك الفرق واضح بين الانتهازيين المدنيين, والإسلاميين المخلصين؛ كالسيد صالح البخاتي وزملائه, ممن كانوا وما زالوا, أوسمة على صدر الوطن.
الشهيد البخاتي؛ لم يكن في حياته إنساناً عادياً, فليس من الساعين إلى التعلق بأستار الدنيا, إنما قضى حياته بين حقبتين؛ محارب شرس, ومعارض مسلح, لأشد الأنظمة دكتاتورية, وأقساها مرارة على العراقيين, والحقبة الثانية؛ قضاها سياسياً بعيداً عن الأضواء, وقائداً مجاهداً في ساحات المنازلة, ضد أعداء الإنسانية, وما كلماته التي أعلن فيها تحرير الصقلاوية, إلا شاهد حي على مسيرة حياته المشرقة.
مقابل جهاد وصبر, وكفاح وقيادة البخاتي, تقف نماذج الوجه القبيح, والحقيقة ليس لديهم سوى الشتائم والسباب, واستهداف المشروع الإسلامي الوطني, عبر شعارات بالية, فشتان بين مشروع البخاتي؛ الساعي لبناء الدولة العصرية, ومشاريع الماركسيين الجدد؛ الداعين للإلحاد, والتفسخ المجتمعي, والتجاوز على حريات الآخرين, وبذلك أعادوا للأذهان؛ الانقلابات الدموية, ومقاصل الإعدامات, وسحل جثث المواطنين في الشوارع, نتيجة لانحراف المجتمع فكرياً وعقائدياً وأخلاقياً.
لذا عندما نستذكر شهادة السيد صالح البخاتي السنوية؛ نعيد للذاكرة تاريخه الوطني, ومواقفه البطولية, ومشروع دولة العدل الإلهية, الذي ضحى لأجله؛ ليعطي بشهادته دروساً للأجيال, في تحرير الوطن, ونصرة المظلومين, تحت لواء المرجعية الدينية, وتقديم دمائه الزكية, لتبقى بغداد والنجف وكربلاء والرمادي والموصل والبصرة, والمحافظات الأخرى, شامخة أبية بوجه الطامعين.