تعتبر العشائر من اهم مرتكزات المجتمع العراقي وقد لعبت العشائر، بوصفها من أهم المؤسسات الاجتماعية التقليدية، دوراً بارزاً في الحياة السياسية العراقية، منذ تأسيس دولته إلى يومنا هذا. وتراوح دورها بين الظهور والغياب، بحسب طبيعة الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق، والتي كانت أكثريتها علمانية من حيث الشكل، حتى عام 2003.
فالسلطة السياسية وضعت في اعتبارها عناصر القوة التي تتمتع بها مؤسسة القبيلة والعشيرة في المجتمع العراقي، لاسيما السلطة القبلية او الرابطة بالدم والانتماء العشائري او الدور القيادي والراعي الابوي التي يمارسها زعيم القبيلة وشيخ العشيرة على أتباعهما.
والعشائر في العراق تسلح أفرادها بأسلحة خفيفة ومتوسطة، باعتبارها أهم مظاهر القوة، ولا يمكن أن تستغني عن أسلحتها. غير أن العشيرة، وعلى طوال تاريخ العراق المعاصر منذ عام 1921، لم توجه أسلحتها إلى الدولة، أو تنازع سلطتها سلطة الدولة، إلا في حالة تكاد تكون نادرة جِداً، تهدد امن وهيبة وكرامة القبيلة فسلطة القبيلة والعشيرة كانت متماهية، إلى حد كبير، مع مختلف السلطات في هذه الحقب المتعددة والمختلفة.
ولقد مارست العشائر دورا بارزا في محاربة الإرهاب، فلها دور محوري في تلبية فتوى المرجعية الدينية العليا، او في جانب اخر من التعاون مع الدولة في طرد فلول تنظيم القاعدة كما حصل سابقا في مدينة الانبار وتشجيع أبنائها للالتحاق بصفوف المتطوعين والحشد الشعبي، الذينَ بدورهم أثبتوا وطنيتهم وشجاعتهم وحبهم لوطنهم، بما نزفوه من دماء حفاظاً على دينِ الله ومقدسات الوطن.
وأيضاً لا تنكر المكانة الإجتماعية التي تتمتع بها العشائر عبر ممثليهم الشيوخ والأمراء والسادة العُمداء، الذينَ لعبوا دوراً مهماً في الحفاظ على النسيج الإجتماعي الرصين، وكانت لهم صولات وجولات تاريخية، في مساندة مطالب المرجعية والشعب، كما حصل في ثورة العشرين مثلاً. او في تعاطيهم مع الاحداث السابقة والجارية في العراق
ومن الجيد أن يكون للعشائر الكريمة دور كبير أيضاً في حل الكثير من المشكلات واالنزاعات الداخلية والمساهمة الفاعلة في احلال السلم المجتمعي ومحاربة الفساد، لكن ليس على هذه الشاكلة، فحسب بل نطمح ان تكون العشائر على مستوى عال وكبير في اعلى درجات المقاييس الوطنية ويجب أن تؤمن العشائر بالقضاء والمؤسسات، واحترام القانون وتحذر أبنائها من الإنجرار إلى بحر الفساد سيء الصيت، وتعمل على تثقيفهم وردعهم، بما يضمن دعم كيان الدولة ومؤسساتهِ العاملة، ليكون مستقبل العراق أفضل.
من خلال المؤسسات الدينية والتي تكون المرشدة والرافد الروحي والديني والعاطفي لتلك العشائر وابناءها وبما يعزز مكانتها الشرعية ودورها الشرعي والاخلاقي والتثقيفي لمواجهة تحديات المرحلة وسبل تامين حماية ابناءها وتعزيز الرابطة الوطنية والأخلاقية وتعميم الافكار الدينية ونشرها فكرا وسلوكا . فالثقافة المجتمعية والاسلامية تعد اليوم رسالة الامة الضميرية التي يجب نشر افكارها وتعميق مفاهيمها لدى ابناء العشائر للمساهمة في بناء المجتمع العراقي الجديد .