لاشك أن الأحداث تتسارع في سورية وفي الدول المجاورة لها ، وكل المؤشرات تقول أن سورية وشعب سورية سيكونان الضحية الأكبر ، وسيستمر بحر الدماء لسنوات طويلة ! والمقدمات التي حتمت هذه النتيجة هي سياسة الممانعة والمقاومة التي انتهجتها سورية بالضد من المشروع الأمريكي والإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط ، وخريطة التحالفات السورية مع الدول الإقليمية ودول العالم ، فان سقوط هذا النظام سيكون بالتأكيد مختلفا ً عن سقوط كل الأنظمة في المنطقة ، حيث ستكون له تداعيات وتأثيرات إقليمية ودولية ، وسيكون الاستقرار الداخلي السوري بعيد المنال في السنوات القليلة القادمة ،وما يثير الدهشة هو دخول أطراف عربية كلاعب أساسي في تحقيق الحلم الإسرائيلي والأمريكي في القضاء على جذوة المقاومة العربية التي تراجعت في معظم الدول العربية ، إلا أنها لازالت موجودة ومتمركزة في سورية التي جاء دورها الآن بعد مصر عبد الناصر ، وعراق أحمد حسن البكر ، وصدام حسين ، حيث دائما ً كان للاعب الخليجي متمثلا ً بالسعودية وقطر والإمارات دور حيوي في إقتلاع أي حركة عربية مقاومة للاحتلال الإسرائيلي والأمريكي لبلاد العرب .
ونعتقد أن لكل هذه النتائج من سيل الدماء في سورية كانت بسبب الطائفية التي قدمت كل شيء مادي ومعنوي من أجل تفجير الأوضاع في سورية ، وأن السعودية وقطر دخلتا في لعبة ليست خطرة فقط بل هي مميتة لهذين النظامين ، حيث سيكون للدول الإقليمية المجاورة لسورية والبعيدة عنها الحق في التدخل في الشأن السوري لأسباب طائفية أيضا ً ! لأن التدخل الخليجي جاء لحساب المشروع الأمريكي والإسرائيلي ، وللحفاظ على ديمومة هذه الأنظمة الملكية ، واللاعب الخليجي يحاول أن يحجم ما يعتقده مشروعا ً شيعيا ً كبيرا ً تمثله دول إقليمية مهمة مثل العراق وايران ولبنان والبحرين ، وحسب اعتقادنا أن سورية اليوم هي الفلوجة الثانية في التفكير الإستراتيجي الأمريكي والإسرائيلي ، والفرق بين معركة الفلوجة الثانية ، ومعركة سورية اليوم هو الأدوات فقط ! حيث إن الأمريكان كانوا يقاتلون القاعدة في الفلوجة بعد أن سمحوا لها بالدخول من كل أنحاء العالم ، ومن ثم تم توجيه ضربة قاتلة لكل المقاتلين فيها ، واليوم يتجمع كل مقاتلي القاعدة بكل انتماءاتها وارتباطاتها في سورية لتتقاتل فيما بينها ، ومع الجيش السوري الذي يملك ترسانة من كل صنوف الأسلحة ، والأمريكي والإسرائيلي يتفرج على فصول المسرحية التي أعد لها منذ سنوات ، ويشعر بالنشوة العارمة من هذا الانتصار الذي يتحقق من دون أي ثمن مادي أو معنوي ، والعجيب أن الجميع يعلم بكل هذا ، ولكن الحقد الذي ترسخ في كل النفوس بسبب سياسة الأنظمة الشمولية الدكتاتورية والشوفينية ، وبسبب الطائفية المقيتة التي رفع لواءها أعداء العرب والإسلام متمثلا ً بحلف شياطين البترو دولار الخليجيين .
وسط هذه المعمعة الدموية التي تجري بجوار العراق نتساءل هل يحق للعراق أن يتدخل فيها ؟ وهل يعتبر تدخله تدخلا ً في الشأن السوري بعد أن أصبح هما ً وشأنا ً عربيا ً وإقليميا ً بامتياز ؟
نعتقد أن تدخل العراق سيكون مشروعا ً لحماية تجربته الديمقراطية التي تؤرق هؤلاء المماليك ، ولابد من توجيه رسالة مؤذية جدا ً للسعودية وقطر ! لكي تعرف هاتين المملكتين أن تجاوزاتهم على الأمن الوطني العراقي ، والأمن القومي العربي لا يمكن أن تمر من دون عقاب ! فالعراق قادر بكل المقاييس من توجيه هذه الرسالة .
ويجب أن يكون العراق محطة مهمة لكل الأطراف السورية في الحرب والسلم ! فموقعه من سورية وامكانياته الإقتصادية والثقافية ، والعلاقات المصيرية التي تربط الشعبين العراقي والسوري تحتم عليه لعب هذا الدور ، وعلى العراق أن يسارع الخطى في ترميم البيت الداخلي ، وجمع كافة الأطراف السياسية العراقية التي تريد الخير لكل أبناء هذا البلد ، لكي يستطيع الجميع التصدي لكل من يريد أن يعبث بوحدة وأمن وتجربة العراق الجديدة .
[email protected]