الموضوع / أوجاع وطنية.. أوجاع المبدع الكبير فيصل عبد الحسن
فيصل عبد الحسن زاملته سنوات وسنوات، هي عمر صداقتنا في بغداد –نحن القادمين من أقاصي الجنوب، من البصرة، أو مما يسمّى “ثغر العراق” الذي لم يعد باسماً -ومثل أيّ غريبين كان علينا ان نناضل على صعد عدّة، في أولها ان نثبت لأنفسنا ان بغداد، المدينة التي وصفها السيّاب، ابن البصرة مثلنا، بكونها “مبغى كبير” لم تكن كذلك فقط، وانّما كانت “محطّة وجع” وليست “مرقى نجومية”.
وثانيا، كان علينا ان نقاتل لإثبات وجودنا كأدباء مبدعين، وسط جوّ ثقافي تتقاسمه الأهواء والتحزبات اليسارية والقومية والدينية، في الفترة السبعينية التي ظهرنا فيها.
وإذا ما كانت المدينة قد روضتني، وأعترف بذلك، فأشهد إنَّ فيصل بقي جامحاً وعصيّاً عليها، وهو ما انعكس على معظم كتاباته القصصية او أعماله الروائية، حتى إذا وصلت الأمور الى مفترق متقدم بينه والنظام، حمل روحه وعائلته بحثاً عن متنفّس آخر، متحمّلا دفع ثمن ليس سهلا، فأقلّ ما فيه هو “العيش الكفاف” بدرجاته الدنيا، ونظرة المجتمع البديل للمهاجر، خصوصا في بلد يعاني أصلا من غياب فرص العمل، وتدبير أمور الحياة اليومية.
.
واليوم، وهو يعود بعد التغيير السياسي في النظام..
والتغيير – الذي من المفترض ان يكون-في الوزارات والمفاصل الحكومية الأخرى والذي كنّا نأمل منه إعادة اعتبار المهمّشين والمعارضين وحفظ حقوقهم الوظيفية، حالهم حال “المتحزّبين” الجدد، حتى من الذين لم يكونوا معارضين ولا اسم لهم، ولا مكانة أدبية أو مجتمعية كتلك التي تتمتع بها، حيث احتسبت لهم خدمات “جهادية” مضافة للراتب ومضاعفة له وللتقاعد أيضا، حتى ممن لم يخدم أصلا في أية وظيفة حكومية،
.
اخبار فيصل عبدالحسن التي وصلتني محزنة حقاً، اذا لم أقل موجعة، فكأنّ المثل الذي يقول “كأنك يا بو زيد ..ما غزيت” هو ترجمان حالك، أيها الأديب العراقي الكبير، والانسان العراقي الكبير، فما واجهته أمس، يواجهك اليوم وتصطدم به ثانية وبطريقة أبشع، حيث لم يعد الشباب مثلما هو الأولي، ولا الصحة، ولا القدرة على التحمّل خصوصا بعد ان كبرت العائلة وصارت المسؤوليات أكبر.
.
أخباره مع “أمانة بغداد”، وتضييع مستمسكاته الوظيفية، وضياع “خدمة عمر” والدخول في لعبة “البحث عن مخرج” الفنطازية، تعصر القلب بقبضة حديدية أصابعها النكران، وكفّها عدم الوفاء، و”العبث” الذي كنّا نقرأ عنه في الكتب، لكنه اليوم يواجهه وبصورة أقسى، وهو ما يتطلب من الحكومة إيجاد حلّ سريع، لكونه يتعلّق بمواطن –أولا-وبمبدع –ثانياً-.
.
انني اذ أوجّه رسالتي إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي، لأني أعرف ان هذا الرجل كان مناضلاً “مثل فيصل” باختلاف التخصّصات، وكان ممن عارض النظام ضد التهميش، وبحث عن الحرية “مثله”، وكانت اطروحاتك تدعو الى انصاف العراقيين، كما كانت كتابات وإبداعات فيصل عبدالحسن تدعو إلى ذات القضية .
.
ولهذا، أهيب برئيس الوزراء –مثقفاً ومناضلاً ومسؤولاً-للوقوف مع المبدع الكبير فيصل عبدالحسن في استرداد حقوقه الوظيفية، انصافاً وعدلاً، وليس منّة من أحد عليه، ف”فيصل عبد الحسن” الروائي، والقاص الكبير، المعترف به عراقياً وعربياً، والذي ترجمت الكثير من اعماله الى لغات العالم الحيّة، مثلما كانت الموضوع الأكثر أهمية في الدراسات الاكاديمية، وبحوث الترقية الجامعية.
وهو كذلك ” الموظف” الذي عرفته دوائر “وزارة الثقافة” ملتزماً، ومخلصاً، وأميناً في العمل والتميّز الوظيفي، مثلما عرفته دوائر “أمانة بغداد” مهندساً نظيف اليد، وهي خصلة اجدها نادرة هذه الأيام.
مكتب سيادة رئيس الوزراء المحترم
-الصديق الثقة لنا كمثقفين ومبدعين-
انني اذ اضع قضية “فيصل” أمامكم لتكون “فيصلا” فيها
ويحدوني أمل، بأنّك لن تتساهل في ضياع حق، سيادتكم الأقدر على ارجاعه لمستحقّه ..
.
وانا ومعي الكثير من المثقفين والمبدعين الذين عشقوا قصص وروايات ودراسات ابن البصرة النقدية، سننتظر اجراءاتكم، وبنا من الثقة ما بنا، أيها المسؤول الأول والمثقف والمناضل.
×
نسخة منه/
الى الله، وأمينة بغداد، والصديق المبدع فرياد راوندزي، وزير الثقافة والآثار الذي لم يقصّر، والذي ننتظر منه المتابعة مع رئاسة الوزراء.
* شاعر عراقي