الخلاف بين السعودية وقطر، بدأ عندما ترأس محمد مرسي، المنتمي لحزب الاخوان المسلمين، رئاسة مصر.
قطر كانت مؤيدة وداعمة بشدة للرئيس المصري مرسي، بالمقابل كانت السعودية رافضة لوصول الأخوان لسدة الحكم، رغم ان مرسي جاء للرئاسة بأغلبية اصوات الشعب المصري، منذ ذلك الحين برز الصراع السياسي على السطح بين الدولتين.
انتهى هذا الصراع بخسارة الارادة السياسية القطرية، فتم خلع مرسي من سدة الحكم، ووصول السيسي لمنصة الرئاسة، ذو الاتجاه العلماني، الذي دعمته السعودية ضد الاخوان، وبذلك انتصرت الارادة السعودية السياسية في مصر.
لم يكتفِ هذا الصراع بين الدولتين على حدود مصر، بل انتقل الى سوريا ايضاً، فقطر كانت تدعما الاخوان والحركات الجهادية المتطرفة في سوريا، ضد بشار الأسد، وصرفت قطر الاموال الطائلة في هذا المجال، بينما السعودية دعمت الحركات ذات الاتجاه العلماني، مما أدى هذا الامر الى نشوب صراع عسكري بين الاطراف المسلحة، كنتيجة للصراع السياسي، صبّ في مصلحة الرئيس بشار الأسد.
كل هذا التنازع القطري- السعودي، لم يؤدِ الى خصومة بين البلدين، بل بقيت العلاقات اعتيادية بينهما، وكانا يحضران اجتماعات دول مجلس التعاون الخليجي، كما انهما من المشاركين الاساسيين في التحالف العربي العسكري ضد اليمن.
بعد القمة العربية الأمريكية الاسلامية ، التي احتضنتها ودعت اليها الرياض، لمحاربة ومكافحة الارهاب في المنطقة، بحضور الرئيس الامريكي ترامب، ظهر بقوة الخلاف السعودي- القطري، فوصل الى ما وصل إليه اليوم، من قطع للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، من بعض الدول العربية مع قطر، رغم انها كانت حاضرة في هذا التحالف.
ما هو سبب قطع العلاقات؟ السبب يكمن في مصر، الملك سلمان دعا الرئيس المصري للحضور في القمة، لكن الرئيس السيسي اعتذر من الحضور في بادئ الأمر، وبعد إلحاح من الملك سلمان، واتصال هاتفي من ترامب للسيسي، عدل عن رأيه هذا الأخير وقرر الحضور الى القمة.
الرئيس السيسي، رائد الاتجاه الليبرالي العلماني في مصر، كان منزعجاً ومستاءاً جداً من تصرفات حكومة الدوحة، لدعمها الاخوان والحركات المتطرفة لقيامها بأعمال ارهابية في مصر، واحتضانها قيادات كبيرة من الاخوان، تعتقد حكومة مصر بأنها متطرفة تدعو الى القتل والارهاب، حتى اسقط القضاء المصري عن 11 منهم الجنسية، وأما إسقاط جنسية الداعية والمنظّر الاول للاخوان، يوسف القرضاوي فما زالت قيد التداول في المحكمة.
يبدو ان الرئيس السيسي، استثمر القمة السعودية لصالحه، لكي يطيح بقطر، فلم يحضر القمة الاّ بعد ان اخذ الضوء الأخضر من ترامب والملك سلمان في معاقبة حكومة الدوحة، وهذا ما اشار إليه الرئيس ترامب في تصريحه مؤخراً:( اني طالبت هناك في القمة العربية، بقطع التمويل عن الارهاب في المنطقة، فاشاروا لي الى قطر)، وكذا تصريحات الخارجية السعودية;( اذا كانت قطر تريد اعادة علاقاتها بدول عربية كبرى عليها قطع الدعم والعون عن المجموعات الارهابية)، والملاحظ ان كلا التصريحان فيهما اشارة من بعيد لمصر.
خاصة اذا لاحظنا ان قطع العلاقات مع قطر، بدأت بعد لقاء الجبير وسامح، وزيري خارجية السعودية ومصر، اضافة الى عامل آخر مهم، وهو ان العرب تريد تطبيع العلاقات مع اسرائيل، وحل الدولتين، الذي يطالب بهذا الامر عباس، رئيس فلسطين.
حماس التي تدعمها قطر، تشكل حجر عثرة في هذا الطريق، فيجب اضعافها وازاحتها من خلال توقف قطر عن دعمها.
السعودية لا يمكن ان تخسر حليف عربي قوي، له ثقله السياسي العربي في المنطقة، مثل مصر، من اجل الدوحة، وبالتالي ستكون الارادة السياسية العربية بقيادة السعودية هي المنتصرة، كما عهدنا، وقطر ستكون الخاسر الاكبر من هذا الصراع، الاّ اذا خضعت قطر لإرادة الرياض.