الزعيم مانديلا طبق مقولة سيد الألم الإمام علي (ع) (الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظيرا لك في الخلق ) نجح بشكلاً منقطع النظير بأن يبني دولة من الصفر ويهيئ جماهير أمته للنهوض بوعيها من ركام الاستعباد والرق الذي مورس عليها لعقود من الزمن ,هو سياسي مناهض لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وثوري شغل منصب رئيس جنوب أفريقيا 1994-1999,وكان أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا، انتخب في أول انتخابات متعددة وممثلة لكل الأعراق. ركزت حكومته على تفكيك إرث نظام الفصل العنصري من خلال التصدي للعنصرية المؤسساتية والفقر وعدم المساواة وتعزيز المصالحة العرقية. سياسيا، هو قومي أفريقي وديمقراطي اشتراكي، شغل منصب رئيس المؤتمر الوطني الأفريقي African National) Congress : ANC)) في الفترة من 1991 إلى 1997, كما شغل دوليا، منصب الأمين العام لحركة عدم الانحياز 1998-19999.,أثارت فترات حياته الكثير من الجدل، شجبه اليمينيون وانتقدوا تعاطفه مع الإرهاب والشيوعية. كما تلقى الكثير من الإشادات الدولية لموقفه المناهض للاستعمار وللفصل العنصري، حيث تلقى أكثر من 250 جائزة، منها جائزة نوبل للسلام 1993 و ميدالية الرئاسة الأمريكية للحرية ووسام لينين من النظام السوفييتي. يتمتع مانديلا بالاحترام العميق في العالم عامة وفي جنوب أفريقيا خاصة، حيث غالباً ما يشار إليه باسمه في عشيرته ماديبا أو تاتا ،وفي كثير من الأحيان يوصف بأنه “أبو الأمة”. في يونيو 2004، في عمر يزيد عن 85 وبصحة متدهورة، أعلن مانديلا انه “يتقاعد من التقاعد” وينسحب من الحياة العامة، ومستدركا “لا تدعوني، فأنا من سيدعوكم”
ترأس الانتقال من حكم الأقلية بنظام الفصل العنصري إلى الديمقراطية متعددة الثقافات، ورأى في المصالحة الوطنية بأنها المهمة الأساسية في فترة رئاسته وبعد أن شاهد كيف تضررت الاقتصاديات الأفريقية في مرحلة ما بعد الاستعمارية برحيل النخب البيضاء، عمل مانديلا على طمأنة السكان البيض في جنوب أفريقيا بأنهم
ممثلون في {أمة قوس قزح}فيقول :{لا يوجد إنسان ولد يكره إنسانا آخر بسبب لون بشرته أو أصله أو دينه .. الناس تعلمت الكراهية وإذا كان بالإمكان تعليمهم الكراهية إذاً بإمكاننا تعليمهم الحب }واجه الإساءة بالإحسان والعنف بالمحبة والتطرف بالود والإخوة ,أدرك جيدا أن السفينة لا يمكن ثقبها وإغراقها فالجميع سيغرق وسيذهب للهاوية ،الحكمة تكمن في التعامل مع الأزمات وكيفية الخروج منها دون ضرر ،تعرض مانديلا لمحن كثيرة ومتاعب جمة كان ينظر للسلطة ليس من اجل السلطة واحتكارها بل من اجل بناء الدولة التي تعد السلطة بأنها أداتها التي تعمل بها ،وعند استقرار الوضع ووضع أسس الدولة الديمقراطية التي تضمن للكل حق المشاركة في دولتهم ,ثم اتخذ القرار بالتنحي ﻷن لديه مهمة قد أتمها وبقي يرشدهم ويقدم العون المساعدة لمن تسلم مقاليد الأمور من بعده,فيما أستأذن علي بن يقطين الإمام الكاظم (ع) في ترك عمل السلطان ، فمنصبه في ذلك الوقت هو وزير الخليفة بمعنى أنه رئيس وزراء بوقتنا الحاضر وأي خليفة أنه هارون الرشيد الذي يخاطب الغمام بأنها أينما ذهبت فأن خراجها عائداً له ,فلم يأذن له الإمام وقال : لا تفعل ، فإنّ لنا بك أُنساً ، ولإخوانك بك عزّاً ، وعسى أن يجبر الله بك كسراً ، ويكسر بك نائرة المخالفين عن أوليائه , يا عليّ !.. كفّارة أعمالكم الإحسان إلى إخوانكم ، اضمن لي واحدةً وأضمن لك ثلاثاً ، اضمن لي أن لا تلقى أحداً من أوليائنا إلا قضيتَ حاجته وأكرمته ، وأضمن لك أن لا يظلّك سقف سجن أبداً ، ولا ينالك حدّ سيفٍ أبداً ، ولا يدخل الفقر بيتك أبداً ,يا عليّ !.. مَن سرّ مؤمناً فبالله بدأ ، وبالنبي (ص) ثنّى ، وبنا ثلّث .
السلطة في نظر أبن يقطين لم تكن سوى وسيلة ليتمكن خلالها قضاء حوائج الناس ومساعدتهم قدر المستطاع ورفع جزء من الظلم عنهم,وإسعافهم قدر المستطاع ,وليس التشبث بها بأسنانه وأن كان على حساب كرامته واعتزازه بنفسه ,وإنما كان سبباً من أسباب الله في تنفيذ حقه وعدله بين الرعية ,رفضه للمنصب مراراً وتكراراً لأن قيمته أكبر من كرسي السلطة لم يخضع لتأثير المقام الذي وصل اليه ,وإنما يخضع المقام لتأثير نفسه الكبيرة .