فجأة وبدون أية مقدمات شاعت حكاية إنتشار الإلحاد بين الشباب في العراق. مواقع التواصل الإجتماعي إشتعلت بالحديث عن هذه القصة دون تدقيق لمصدرها وعلى أي الأسس تستند ومن أين ظهرت وكيف إنتشرت. بالمناسبة فإن مفردة “إشتعلت” التي تستخدم للجدل الذي يدور في مواقع التواصل الإجتماعي هي بديل المصطلح الكلاسيكي “الدنيا أنكلبت”. مثلما أن العالم “قرية صغيرة” ماهي الإ مقابل دلالي لمصطلحنا القديم “الدنيا زغيرة” . بالمصادفة ربما المحظة أوالمخطط لها تزامنت معها قضية أخرى لاتقل غرابة وهي إنتشار الهجمات الألكترونية على مواقع العديد من الوزارات والمؤسسات بدء من مستشارية الأمن الوطني و”حط ايدك”.
وقبل أن يقول البعض “قيم الركاع” بإعتبار أن هذه المؤسسة يفترض أن تكون الأكثر تحصينأ في البلد فقد شملت الهجمات وزارات أخرى, بينما أعلنت وزارة أووزارتين فشل مخططات الإختراق. الملحدون والمخترقون كلاهما وطنيان لجهة النوايا والأهداف. لا هم لهم سوى الإصلاح والتقدم نحو الأفضل. الملحدون الذين لم نعثر على واحد منهم يقول أنا ملحد برغم من إنتشار حكايتهم في مواقع التواصل الإجتماعي قد لايختلفون من حيث إنتشار الأحاديث عنهم في كل مكان عن جماعات الهكر الذين يصنفون على إنهم “خوش ولد وحبابين” وأن هدفهم من هذه العمليات هو لفت نظر أولوم الجهات المسؤولة بشأن عدم تامين مواقعها بصورة محكمة.
إذا ربطنا الحكايتين مع بعض لانجد فيها ما يوحي بـ “نظرية المؤامرة” بل الأمر لايكاد يخرج عن الصدفة بين ما بات ينظر اليه بوصفه خطرأ معلوماتيأ عبر تهكير المواقع الحساسة بالجملة أو خطرأ إيمانيأ عبر الإيحاء للناس أن الطبقة السياسية التي تقودها غالبية إسلامية شيعية وسنية أوصلت المجتمع بعد 14 سنة الى هذا الحال بحيث بدأ الناس يذهبون الى أقصى التطرف وهو إنكاروجود الخالق. وبصرف النظرعن حيثيات هذه القضية فإن ردود الفعل على الممارسات السياسية إن صحت لاتذهب الى هذا الحد. أقصى ما يمكن تخيله على هذا الصعيد هو بروز ظاهرة اللادينيين التي هي أقرب ماتكون الى الليبراليين أو العلمانيين.
وبقطع النظر عن الدوافع والأسباب التي تؤدي الى إنتشارما يقرب من الشائعات فتتحول الى حقيقة على المجتمع أن يتعامل معها ” حكاية الإلحاد المزعومة”, أو ظاهرة “التهكير” للمواقع الحكومية, فإن ذلك يتطلب وقفة جادة من صناع الرأي والفكروالنخب الثقافية والإعلامية التي بدلأ من أن تخضع مثل هذه الظواهر الى الفحص الدقيق فإن الكثيرين ممن يفترض بهم أن يكونوا من ذوي الوزن الثقيل ينساقون خلف زفة التهكير والإلحاد معا.
تتذكرون قبل نحو ثلاث سنوات ظهرت فجأة حكاية “الإيمو” أو “الجراوة” بالمصطلح الشائع عندنا كمقابل دلالي للمصطلح الغربي, وإشتعلت المواقع و”إنكلبت الدنيا” وجرى الحديث عن وقوع قتلى في صفوف “الجراوة”. لكن الحكاية سرعان ما إختفت. لا إيمو سجن ولاجرو قتل مع أن الشائعات ملأت الفيس بوك. ما أريد قوله أن الكثيرين منا ممن ينبغي عليهم عدم الإنسياق على طريقة “حس الطبل” أن “نبيع ثكل”.