18 ديسمبر، 2024 10:52 م

النفط .. أزمة تخطيط

النفط .. أزمة تخطيط

يعتمد إستقرار السوق العالمية للنفط على عوامل أساسية، أهمها التفاعل بين العرض والطلب، والموازنة بينهما بالسحب، أو الإضافة الى المخزون العالمي من النفط، وأي إختلال يلحق بواحد من هذه العوامل، تنعكس آثاره في إرتفاع سعر البرميل الخام أو إنخفاضه.
وإزاء التدهور الذي تعرضت اليه السوق النفطية، بعد حالة الإنتعاش التي شهدتها في السنوات الماضية، والإرتفاع غير المتوقع لسعر البرميل، وما ترتب عليه من سياسات إقتصادية للدول المنتجة، ولاسيما ذات الإقتصاد الريعي، كالعراق، الذي يشكل النفط، مصدره الأساس، أو يكاد أن يكون الوحيد للدخل القومي، ثم أعقبت هذه الزيادة الإنفجارية للموازنة، هزة إرتدادية عنيفة خلّفت لديه أزمة مالية خانقة، من دون تحصينات تذكر لليوم ” الأسود”، سواء سياسة إقتصادية لتنويع الموارد، أو رقابة صارمة لمنع الفساد الذي أضاع المليارات من الدولارات في مشاريع وهمية، ونفقات إستهلاكية، إستدركت الدول النفطية داخل ” أوبك”، وخارجه، خطر سياسة الإغراق التي تتبعها في السوق النفطية، وقررت تخفيض الإنتاج ضمن سقف زمني محدد أمده ستة أشهر، إستطاع أن يوقف حالة الإنهيار، ويعيد بعض العافية لسعر البرميل، ما أطمعها الى تمديد التخفيض الى تسعة أشهر أخرى، تنتهي في 9 آذار 2018 ، لكن، كما يبدو، أن التمديد  لم يحقق النتائج ذاتها التي أثمرت في التخفيض الأول، بل العكس حصل بعض التراجع في سعر الخام.
عراقياً، الموقف محرج، إذ هو بين نارين، صحيح أنه دعم إتفاق التخفيض، لكنه لايستطيع أن يتجاوز العجز الحاصل في موازنته، ولاسيما الإنفاقية، مالم يزد من صادراته النفطية، ولو بأسعار مخفضة، هل يتحمل تسديد نفقاته التشغيلية، فضلاً على العسكرية، حتى وإن كانت بالآجل، وماذا يترتب عليه للصندوق الدولي من قروض إذعان ؟!.
التخفيض خطوة في الإتجاه الصحيح، لكن كم يستمر أولاً، وكيف يمكن المحافظة على إلتزام الأعضاء بالإتفاق، خاصة الدول التي يشكل النفط مصدرها الوحيد؟.
حل من هذا النوع، يبقى قصير الأجل، لأن المشكلة الأساسية تتلخص في ضعف الإهتمام بالتخطيط طويل الأجل الذي يستطيع مواجهة سياسة الدول الكبرى المسيطرة على السوق النفطية العالمية، وصناعة الأزمات فيها، لذا المطلوب إيجاد سياسة نفطية مشتركة تضم الدول المنتجة، الى جانب تشكيل منظومة من داخل ” أوبك”، و” أوابك”، وخارجهما، للدفاع عن هيكل الأسعار، ووضع ستراتيجات بعيدة ، تضمن إستقرار السوق العالمية.