6 فبراير، 2025 12:56 ص

الافعى تبدل جلدها .. إعلان حل “أنصار الشريعة” قُبلة الحياة لـ”داعش”

الافعى تبدل جلدها .. إعلان حل “أنصار الشريعة” قُبلة الحياة لـ”داعش”

كتبت – نشوى الحفني :

أعلن تنظيم “أنصارالشريعة” المتطرف في ليبيا، الذي تعتبره الولايات المتحدة والأمم المتحدة تنظيماً إرهابياً، في بيان له نشره الأحد 28 آيار/مايو 2017 على شبكة الإنترنت، “حل” نفسه رسمياً.

معلناً “أنصار الشريعة”، المرتبط بتنظيم “القاعدة”، في بيان بعنوان “الرسالة وصلت وجموع الشعب ستحملها”، إنه: “بعد هذه المسيرة الحافلة والتضحيات التي قدمت فيها أنصار الشريعة جل قادتها وكوادرها.. ها نحن نعلن للأمة والمجاهدين عامة وأهلنا في ليبيا خاصة عن حل جماعة أنصار الشريعة بليبيا رسمياً”، بحسب نص البيان.

وأضاف التنظيم، الذي تتهمه واشنطن بالوقوف خلف الهجوم الذي استهدف خلال 11 أيلول/سبتمبر 2012 القنصلية الأميركية في بنغازي وراح ضحيته السفير الأميركي “كريستوفر ستيفنز” و3 أميركيين آخرين، أنه بإعلانه حل نفسه “نكون قد أفسحنا الطريق لغيرنا من أبناء هذه الأمة الصادقين لحمل الأمانة من بعدنا”.

ولم توضح الجماعة في بيانها سبب إقدامها على خطوة حل نفسها، برغم إقرارها بشكل غير مباشر بأن الحرب التي شنها ضدها “الطاغوت حفتر وجنده”، في إشارة إلى المشير “خليفة حفتر” الرجل القوي في شرق ليبيا، قد أضعفتها.

وكانت “أنصار الشريعة” قد خسرت قائدها “محمد الزهاوي”، الذي قتل في نهاية 2014 خلال معارك ضد قوات “حفتر” في بنغازي، قبل أن يزداد التنظيم وهناً مع انشقاق غالبية عناصره عنه من أجل مبايعة تنظيم “داعش”.

وبعد ذلك انضم التنظيم إلى “مجلس شورى ثوار بنغازي”، وهو تحالف ميليشيات إسلامية سيطر على بنغازي في 2014.

ولكن ما هي إلا أشهر قليلة حتى شن “الجيش الوطني الليبي”، الذي أسسه “حفتر”، حرباً ضد هذه الميليشيات، تمكن في أعقابها من السيطرة على القسم الأكبر من ثاني كبرى مدن البلاد.

ومنذ أسابيع تفرض قوات “حفتر” حصاراً مطبقاً على آخر مقاتلي “مجلس شورى ثوار بنغازي” المتحصنين في اثنين من أحياء وسط المدينة.

واستولت “أنصار الشريعة” على ثكنات ومواقع عسكرية كانت تابعة لنظام العقيد الراحل “معمرالقذافي” وحولتها إلى معسكرات لتدريب مئات المتطرفين الراغبين بالقتال في سوريا والعراق.

وأثار إعلان تنظيم “أنصار الشريعة” في ليبيا عن حلّ نفسه تساؤلات كثيرة، وطرح بيانه الإعلاني عدة ثغرات للاستفهام.. فمن جهة أرجع أن سبب اتخاذ هذا القرار يعود إلى تفاقم خسائره، خاصة في صفوف القياديين وزعماء التنظيم العسكريين، لكنه في نفس الوقت وجه دعوة إلى بقية القوى المقاتلة لتشكيل جبهة موحدة لمواصلة القتال.

وتبعاً لذلك، أكد عدد من المراقبين أن هذا القرار الذي اتخذه تنظيم “أنصار الشريعة” هو تكتيك من التكتيكات التي تتبعها عادة التنظيمات الإرهابية عندما يضيق الخناق عليها، وذلك لإبعاد الشبهات عنها وتفادي ملاحقتها أمنياً، لحين تنظيم صفوفها وتأهيل نفسها للعودة مجدداً إلى الميدان.

تمهيداً لإحياء تنظيم “داعش”..

فقد ذكرت صحيفة “لاستامبا” الإيطالية في تقرير لها، الأحد 28 آيار/مايو 2017، أن تنظيم “أنصار الشريعة” الليبي قد أعلن رسمياً حل نفسه تمهيداً لتوحيد القوى المتطرفة في شرق ليبيا، تحت لواء تنظيم “داعش” مجدداً.

ورغم إعلان بيان التنظيم عن أن سبب اتخاذ قرار الحل، “تفاقم الخسائر خاصة في صفوف القياديين وزعماء التنظيم العسكريين”، إلا أن البيان نفسه يوحي، حسب “لاستامبا”، بدعوة ما تبقى من قوات التنظيم للالتحاق بالتنظيمات المتطرفة الأخرى، وعلى رأسها “مجلس شورى بنغازي” الإرهابي، الموالي لتنظيم “داعش”.

ويهدف التنظيم بحل نفسه إلى توحيد صفوف الحركات المتطرفة، خاصةً في ظل عودة تنظيم “داعش” إلى محاولة استقطاب أنصار ومؤيدين جدد في المناطق الجديدة التابعة له داخل المدن والقرى الصحراوية الليبية مثل “جنوب مصراتة، وبني وليد”، وحتى معقله السابق مدينة “سرت”، وصولاً إلى “الجفرة” جنوباً، مستفيداً من التقارب الفكري والتنظيمي مع “أنصار الشريعة”، خاصة بعد إعلان مفتي التنظيم المنحل الولاء لـ”داعش” منذ 2013.

ويسعى “أنصار الشريعة” إلى استمالة مقاتلي التنظيم المنحل، الذي نجح في وقت سابق في استقطاب ما يفوق 10 آلاف مقاتل، من ليبيا، ومن تونس المجاورة، بفضل هروب قادة التنظيم التوأم في تونس، إلى ليبيا بين 2012 و2013.

وراء القرار إستراتيجية مستقبلية..

الصحفي الليبي المتخصص في الجماعات الإسلامية “أسامة الجارد”، يري أن “تراجع الحاضنة الشعبية التي تدعم تنظيم أنصار الشريعة منذ عام 2012 عندما انتفض المواطنين على معسكر التنظيم، إضافة إلى الظروف الدولية بسبب تصنيفه من قبل مجلس الأمن على لائحة الإرهاب، تعد من الأسباب التي دفعته لإقرار حل نفسه، إلا أن ذلك لا يعني بأنه سيزول”.

قائلاً في تصريح صحافي: “قد يكون وراء هذا القرار استراتيجية مستقبلية لجماعة أنصار الشريعة في إعلان حل نفسها إعلامياً، إلى حين إعادة صفوفه والإعلان عن نفسه مجدداً”.

مضيفاً “الجارد”: أن “ذلك كان واضحاً في بيانه عندما قال إن الجهاد ماض إلى قيام الساعة وإن الحرب قد تستنزف جيل التضحية كي تحيى ما أسماه جيل التمكين، وقال كذلك ابشروا بجيل قادم يغزوكم ولا تغزوه”.

دون فعالية عسكرية..

مصدر أمني من الجيش الليبي، أكد على أن “الدوافع التي جعلت من تنظيم أنصار الشريعة يعلن حل نفسه، هو فقدان أغلب قياداته في ليبيا سواء داخل ساحات القتال أو بسبب مبايعة بعض منتسبيه لتنظيم داعش، ما جعله يصبح تنظيم دون فعالية عسكرية”.

مضيفاً أنه “سيحاول التخفي وراء قراره والتحايل على توصيفه مجموعة إرهابية من الدول الكبرى، حتى يبقى بعيداً عن الرقابة والاستهداف، ما يجعله أمام فرصة مناسبة لعقد تحالفات جديدة مع التنظيمات التي تنتمي للقاعدة وإعادة التشكل في تجمع جديد في منطقة شمال إفريقيا”.

مناورة لإعلان اسم جديد..

النائب بالبرلمان الليبي “يوسف عبد السلام”، اكد من جانبه على أن “هذا التنظيم لم تعد لديه القدرة على البقاء كتنظيم مترابط له فاعلية، ما جعله يعلن عن حل نفسه لإعطاء الفرصة لمن تبقى من أفراده باتخاذ أسباب نجاتهم بأنفسهم وتجنيب من هم قريبون منه الزج بهم وإلصاق تهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، لكن هذا الأمر اعتبره مناورة لا تمنعه من العمل وقد تمنح له بعض الحماية، وربما سيعلن عن اسم جديد قريباً عندما تتهيأ له الظروف”.

محاولة إلتفافية..

الباحث في الشؤون الإسلامية “مصطفى أمين”، يوضح في حديث لـ(كتابات)، أن إعلان تنظيم أنصار الشريعة عن حل نفسه ما هو إلا محاولة إلتفافية من جانب التنظيم للخروج من فكرة كونه جماعة إرهابية، منتظراً خروجه باسم جديد وتنظيم جديد.

نشأة “أنصار الشريعة”..

مع انتقال الحراك الثوري العربي من تونس إلى مصر ومن ثم إلى ليبيا مطلع عام 2011، دخل العامل الجهادي على خط المواجهة مع النظام القائم منذ اللحظة الأولى، وهذا ما تم تغييبه عن الساحة الإعلامية، لكن الكل يعلم أن العمل العسكري في بنغازي استهل بعملية تفجير فدائية على باب ثكنة للجيش الليبي في المدينة. وكان واضحاً عمل الفصائل الجهادية، وتلك المقربة منها، خلال ما عرف بمعركة بنغازي الثانية تزامناً مع بداية الضربات الجوية لحلف شمال الأطلسي والتي أوقفت زحف قوات القذافي على تخوم المدينة.

لكن المراقبون يختلفون حول تاريخ إنشاء “تنظيم أنصار الشريعة” في ليبيا، حيث يقال إنه أنشئ أواخر عام 2011 أو في أبعد تقدير بداية عام 2012، لكن بعض المصادر تعيد تاريخ إنشاء التنظيم إلى قيام ما عرف “بالملتقى الأول لأنصار الشريعة” في بنغازي، وهو كان بمثابة أول ظهور إعلامي للتنظيم، في صيف 2012، وذلك بعد انشقاق أو خروج عدد من كوادر “سرايا راف الله شحاتي”، التي ما زالت تعمل في بنغازي حتى يومنا هذا والتي كانت من أولى أهداف ضربات الطيران، التي استهدفت على حد سواء مراكزها ومراكز “كتيبة شهداء 17 فبراير” منذ أيام.

ومنذ نشأة “أنصار الشريعة” كان المسؤول العام عنها الشيخ “محمد الزهاوي”، وهو من السجناء السابقين في سجن أبو سليم الشهير في العاصمة الليبية طرابلس، وكل ما قيل ويقال عن دور قيادي لـ”سفيان بن قمو”، وهو السائق السابق لبن لادن مؤسس تنظيم القاعدة، يُرجح أن يكون مبالغاً به. لأن هذا المعتقل السابق في “غوانتانامو” لا يتعدى كونه آمراً على فرع الفصيل في مدينة درنة، على أهميتها. ومن الملاحظ أن “أنصار الشريعة”، بعد أن مرت بفترة انحسار نسبي منذ أشهر خلت، عادت إلى عدد من المدن والبلدات أبرزها “بنغازي، درنة، أجدابيا وسرت”. ذلك بينما ينفي التنظيم نفياً قاطعاً أي وجود له في مدينة “سبها” أو في الجنوب الليبي عموماً.

إلا أنه ومنذ تشرين ثان/نوفمبر من العام الفائت بدأت تحتد المواجهات مع عدد من الفصائل، ومنها من كان ألتحق حديثاً بالجيش الليبي في مدينة بنغازي. ما أدى إلى رفع “أنصار الشريعة” لحواجزها ولمغادرة المدينة أقله ظاهرياً، لكن من يتيقن للعلاقة الوطيدة بينهم وبين “سرايا راف الله الشحاتي” و”كتيبة شهداء 17 فبراير” يعلم أن الفصيل استمر بالتواجد بفعالية في بنغازي، بل طور عمله لاحتواء السخط الشعبي الذي تعرض له في تلك الفترة.

من هذا المنطلق بدأ “أنصار الشريعة” والقائمون عليه، تطوير وتركيز النشاط الدعوي والخدماتي في مناطق تواجدهم. فبموازاة المجهود الدعائي الذي يُظهر جهوزية الفصيل العسكرية والتنظيمية، قام القياديون لـ”أنصار الشريعة” بعدة نشاطات دعوية واجتماعية في بنغازي نفسها، من “تنظيف للشوارع ومساعدة المحتاجين والفقراء”، أو حتى “تنظيم السير على مداخل المدن التي يتواجدون فيها”. وقد ساعدهم في هذا السعي عدد من المتمولين من المغتربين الليبيين.

أما في ما يخص تطبيق الشريعة الإسلامية، وهو أمر يصبو إليه التنظيم بطبيعة الحال، فإن عمله في هذا السياق يقتصر، حتى الساعة، على مصادرة الكحول ومكافحة المخدرات التي باتت ليبيا إحدى أهم طرق مرورها بعد أحداث “مالي” الأخيرة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة