15 نوفمبر، 2024 5:39 ص
Search
Close this search box.

مع (كتابات) .. “فيحاء نابلسي” : الجوائز العربية تروج للرواية الفارغة من الرؤية !

مع (كتابات) .. “فيحاء نابلسي” : الجوائز العربية تروج للرواية الفارغة من الرؤية !

حاورتها – سماح عادل :

فازت مؤخراً الكاتبة السورية “فيحاء النابلسي” بالجائزة الثانية في مسابقة أدب المرأة “منارة الإبداع” التابعة لاتحاد الأدباء الأميركي، عن قصتها القصيرة “شامواه”، والتي كتبت فيها بروح الأنثى، عن رجل يرتدي بدلة “شامواه”، جلبها من سوق بيع الملابس المستعملة، وكيف يدور داخله حوار ذاتي عن رغبته في أن يكون ثرياً، وتساؤلاته الإنسانية عن الثراء والفقر، تلك الثنائية التي يعيش في ظل الصراع بين فرعيها الإنسان منذ قرون طويلة.. حاورتها (كتابات) للتعرف على إبداعها..

(كتابات): في قصتك “بروكار” مرثية للدمار الذي لحق بسوريا.. تحكي بوجع عن محنة اللاجئات واللاجئين.. ومحنة الوطن.. حدثينا عن أثر الحرب عليك ؟

  • الإنسان يتأثر لمصاب أخيه الإنسان، ويتنغص لوجعه أينما كان، فكيف إذا كان ابن بلده الذي يعيش معه على أرض واحدة، تجمعه به روابط كثيرة من اللغة والتقاليد والدين.. على الرغم من أنني أعيش في منطقة آمنة نوعاً ما إلا أن الوافدين إلى مدينتنا من مناطق الحرب يحملون معهم مآسيهم من بيوتهم المدمرّة وذويهم المفقودين أو المعوقين بسبب الحرب.. لا يمكن لإنسان أن يعيش في هذا الجو دون أن يشعر بالمرارة والأسى، ويكون هاجسه الأكبر هو الدعاء إلى الله أن يخرج البلد من هذه المحنة وأن يلطف بالبلاد والعباد.

(كتابات): في مجموعتك القصصية “بروكار” حنين دوماً للماضي.. واعتبار الذكريات كنز لابد من الحفاظ عليه.. هل الحنين للماضي صفة أنثوية ؟

  • الحنين إلى الماضي ليس صفة أنثوية وإنما صفة إنسانية بالمجمل.. من الطبيعي أن الخيال يضفي على اللحظات الراحلة ألقاً خاصاً يمحو ما بها من قتامة، ويضفي عليها بريقاً بحيث تبدو أجمل مما كانت عليه، ولكن هنا في سوريا وفي هذه الأيام العصيبة لا يمكن لأحد إلا أن يلجأ للماضي طلباً للسعادة وراحة النفس، التي تضن بها هذه الأيام.

(كتابات): من الكتاب الذين تقرأين لهم.. ومن أثر عليك ؟

  • في مرحلة الطفولة كنت أقرأ لـ”احسان عبد القدوس، وأنيس منصور”، ولكن في مرحلة الشباب قرأت للكاتب “عبد الرحمن منيف”، الآن أقرأ لكثير من الكتاب مع تحفظي في إبداء رأيي في قيمة كتاباتهم ولكن قرأت لـ”أحلام مستنغامي، يوسف زيدان، إبراهيم عبد المجيد”, ومن الكتاب الأجانب: “دان براون، غبرييل ماركيز، باولو كويلو، إليف شفاك” وغيرهم.

(كتابات): ما هي الجوائز التي حصلت عليها ؟

  • لم أحصل على الكثير من الجوائز.. مجموعتي القصصية الأولى “بروكار” نشرتها في 2013، وروايتي “ستة أيام في الخارج” نشرت في 2016، فازت قصتي القصيرة “عودة الإضاءة” بالمرتبة الثانية في مسابقة القصة القصيرة لقصص على الهواء، إذاعة الـ”بي. بي. سي”.. والآن فازت قصتي “شامواه” بالمرتبة الثانية أيضاً في مسابقة “منارة الابداع”، وفازت قصة قصيرة أخرى أيضاً بعنوان “وردة واحدة تكفي” بمسابقة أدبية ولكن نسيت اسمها.

(كتابات): ما رأيك في الجوائز العربية للأدب وهل هي منصفة وتدعم الأدب ؟

  • لا أتابع كثيراً قضية المسابقات الأدبية والجوائز.. ولكن من خلال ما تابعته ورأيت نتائجه لاحظت أن هناك توجه معين في منح الجوائز، وهو الترويج للرواية الفارغة من الرؤية الجادة والهادفة، والتي تعزز الرؤية الفوضوية وغير الملتزمة للحياة وقيمها الأصيلة، فعندما تمنح “جائزة الشيخ زايد للرواية العربية” لرواية “الأسود يليق بك” لا يمكن للقارئ العربي إلا أن يفكر بأن لجنة المسابقة تريد أن يكون الفكر العربي على مستوى هذه الرواية، وما طرحته من رؤى وأفكار، وعندما تمنح جائزة “كتارا” جائزة لـ”مملكة الفراشات” لا يمكن تجنب فكرة أن هذه اللجنة أيضاً تريد هذه الرواية نموذجاً لصياغة الفكر الشبابي العربي على هذا المستوى.. لابد أن هناك روايات قيّمة فازت بجوائز، وكانت تحمل فكر نيّر ورؤى راقية مثل رواية “ساق البامبو” وغيرها من الروايات الهادفة، ولكن التوجه العام للمسابقات العربية هو أدنى بكثير من مستوى تشكيل فكر عربي راقي ومستنير.

(كتابات): متى بدأت تكتبين.. وماذا تحقق لكي الكتابة ؟

  • بدأت الكتابة قبل 25 سنة تقريباً.. والكتابة تعني لي رسالة وأمانة أود إيصالها للإنسان، أنى كان وفي أي مكان، جميعنا نعتقد أن الإنسان أتى إلى هذا العالم لأداء مهمّة معينة، ربما ينجح في إيجادها وربما تخفى عليه، بالنسبة لي أشعر أن الكتابة هي مهمتي التي يتوجب علي أدائها بعد التعليم ومهمّة الأمومة، وبما أننا نتفق على ضرورة التغيير للواقع الكئيب الذي نعيشه كعرب ومسلمين، فأنا أرى الكتابة وسيلة ممكنة للتغير والارتقاء بالإنسان إلى مستوى أجمل وأفضل.

(كتابات): حدثينا عن روايتك حديثة الإصدار “ستة أيام في الخارج” وهل كتابة الرواية أفضل من كتابة القصة القصيرة بالنسبة لك ؟

  • العمل الأدبي يولد في رحم الخاطر ويتخلق في وعي الكاتب وتداعياته، مثله مثل الجنين، فهو كجنس يتخلق في أعماق الكاتب إما رواية أو قصيدة أو حتى خاطرة، ولكن بعد ولادته يأتي دور الكاتب ليصقله ويهذبه حسب مستواه الأدبي والفكري.. بالنسبة لرواية “ستة أيام في الخارج” هي رواية اجتماعية تتحدث عن العائلة والعلاقة الزوجية، بخصوصية مشاعرها وانفعالاتها بين الزوجين.. تطرح فكرة “الخروج من الجسد” كمحور رئيس، وهو طريقة يلجأ إليها البطل لحل مشاكله العصية، وبالمقابل تقوم زوجته بحل تلك المشاكل ولكن بطريقة المواجهة المباشرة، ومعالجة الأمر بالمنطق، الرواية تتحدث عن علاقة زوجية نمطية نشأت عن زواج تقليدي، حيث تفتقد الزوجة إحساس الشغف تجاه زوجها ذو الشخصية النمطية، ولكن في النهاية تصل البطلة لمشاعر الحب والمودة التي كانت تتوق إليه في علاقتها بزوجها.

(كتابات): ما رأيك في حال الثقافة في سوريا.. وهل أثرت الحرب عليها ؟

  • الحرب في البلد مثل المرض في الجسد، تؤثر على كل شئ وبالأخص الثقافة، فحين يكون الإنسان منشغلاً إلى التفكير في سلامته وأمنه، ويكون همّه البقاء على قيد الحياة، تصبح الثقافة أمراً مغيّباً وشئ أقرب إلى الرفاهية والترف، فكيف لإنسان فقد بيته وأهله أن يفكر في الثقافة.. الثقافة تحتاج إلى أمن واستقرار نفسي وفكري، مع ذلك نرى نسبة لا بأس بها من الشباب تتجه للقراءة والتحصيل الثقافي، كمخرج من الأزمة الأخلاقية التي يعتقد الجميع أنها كانت السبب الرئيس في الأزمة وتداعياتها.

(كتابات): لم طبعتي روايتك الأخيرة في مصر.. هل هناك صعوبات في النشر في سوريا ؟

  • منذ نشأتنا كان لدينا تصور أن مصر هي حاضنة الأدب والفن.. ربما بسبب عدد من الأدباء الكبار الذين قدموا أعمال عظيمة وراقية، لذلك كان إحساسي أن مصر هي البلد الأنسب للانطلاق الأدبي، ولكن للأسف لم تكن تجربة ناجحة، وأعتقد أني لن أكررها، وذلك لأني تعرضت للغش والنصب من دور نشر لا تحترم رسالة الأدب والفن، وتأخذ الأمر على أساس التجارة والكسب المادي، بالتأكيد لا يجوز التعميم ولا بد أن هناك دور نشر راقية ومحترمة تحترم رسالتها وعملها، وتعمل على النهوض بالمستوى الفكري والثقافي للقارئ العربي.

(كتابات): ما رأيك في كتابات الشباب من جيلك من مختلف الدول العربية وهل تختلف عن الأجيال السابقة عليها ؟

  • في الحقيقة هناك كتابات هادفة تقدم أعمال راقية من حيث المبنى والمعنى، ومن مختلف الدول العربية، ولكن أتوقف عند ظاهرة أراها آخذة في الانتشار وهي الإغراق في البيان والرمزية والغموض، بحيث يصبح النص الأدبي لوحة فنية يعمل القارئ على فك رموزها ودلالاتها، وفي هذا تشويش للقارئ وإخراج للعمل الأدبي عن مساره، والذي هو من المفترض أن يقدم رؤية ترتقي بالقارئ والمتلقي إلى مستوى فكري ونفسي وقيمي أفضل.

جدليّة المبنى والمعنى جدلية دائمة، بعض الناس يفضلون الاستمتاع بالبيان وسحر الكلمة، والبعض يفضلون الأسلوب البسيط الذي يوصل الفكرة بسلاسة من غير إرهاق لفكر القارئ وتصوراته، ويبقى الأمر من خصوصيات الكاتب، وهو يختار القالب الأدبي الأنسب لفكرته ورؤيته، ويستطيع صقل خبراته وأسلوبه من خلال تفاعل قرائه مع ما يقدمه لهم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة