للاجابة عن هذا السؤال فمن الضروري أن نلقي نظرة الى وضع نظام الملالي والانتخابات التي أجراها. ما حصل في الانتخابات، عمل مجلس صيانة الدستور وبأمر من الولي الفقيه، انتقاء 6 من المرشحين المسجلين أسمائهم. وكان من المفضل لدى خامنئي أن يصل ابراهيم رئيسي الى كرسي الرئاسة. ولدى المقاومة الايرانية معلومات تؤكد أن خامنئي كان يعتزم أن يسوق لرئيسي ليصبح خليفة له. ولكن خامنئي مني بفشل ذريع في أجندته واضطر الى الرضوخ لولاية ثانية لروحاني. كما ان روحاني نفسه كان على علم بالوضع البائس الذي يعيشه النظام. روحاني وخلال جولاته للمحافظات ومن باب الصخب الاعلامي قال في مدينة همدان للتشكيك في النظام برمته ان النظام لم يفعل شيئا طيلة 38 عاما سوى الاعدام والتعذيب. غير أنه تراجع عن كلمته بعد ما هاجم خامنئي بقوله من يركز على التباينات في النظام سيتلقى صفعة قاسية، وهكذا انسحب روحاني ولكي لا ينفرط شمل النظام قال في اجتماع انتخابي في تبريز وهو يمتدح بشكل مقزز الولي الفقيه انه مستعد أن يقبّل يد الولي الفقيه عشرات المرات لكي يمرر بعض الأمور. لذلك السؤال الذي يتبادر الى الذهن بشكل منطقي هو لماذا لم يستطع الولي الفقيه من هندسة الانتخابات التي كان لديه التجربة بشأن ذلك ولم يفلح في اخراج رئيسي من صناديق الاقتراع؟
الاجابة عن هذا السؤال تتطلب معرفة دقيقة لطبيعة نظام الملالي والعقدة العويصة التي انحشر فيها. الواقع الحالي الذي يعيشه النظام هو حاله حال شخص يتنقل في أزقة مسدودة ولكنها مرتبطة ببعضها بعضا ولكن ليس لأي منها أي مخرج. وعلى هذا الأساس ان الولي الفقيه يلعب على الحبال داخل نظامه وبناء على مصلحته الآنية ويناور فقط في داخل الأزقة المنغلقة دون مخرج لها. وبتعبير أوضح ان نظام ولاية الفقيه هو مصاب بسرطان انتشر في كل كيانه ولا علاج له الا الموت. ولهذا السبب فان نظام ولاية الفقيه يبذل قصارى جهده لعله يحصل على انفراجة. ولكن واقع الحال ان هذه المحاولات هي ليست الا محاولات يائسة وبائسة لا تعطي نتيجة الى تصعيد الأزمات والتوتر داخل الحكم.
اضافة الى ما ورد أعلاه، اذا ألقينا نظرة الى الوضع الاقليمي والدولي فنجد تحالفا قويا للغاية تأسس في القمة العربية والاسلامية والأمريكية خلال يومي 20 و21 أيار في الرياض. كل المواقف التي طرحت في القمة والبيان الختامي للقمة كانت ضد النظام الايراني. المواقف القاطعة للملك سلمان وكذلك وزير الخارجية السعودي ومواقف دونالد ترامب ووزير الخارجية الأمريكي تيلرسون كلها استهدفت النظام الايراني وأخذت البوصلة تتجه نحو النظام.
الأمر اللافت أن تشكيل هذا التحالف واقامة القمم تزامن مع اعادة انتخاب حسن روحاني لرئاسة الجمهورية للملالي ولكن أي من قادة والزعماء المشاركين في القمم لم يستغلوا الفرصة لكي يوجهوا التهنئة الى روحاني. وانما خاطبوا النظام لاسيما روحاني بأن يتوقفوا عن اثارة الحروب والارهاب وتصدير الأزمة. هذه الكلمات كانت توجه رسالة واضحة الى الولي الفقيه والنظام الذي من شأنه أن لا يمر مرور الكرام بالحادث أو يتجاهله. ويمكن من مجموعة العوامل التي تحيط بنظام ولاية الفقيه الاستنتاج بأن خامنئي ورغم تجاربه العديدة في هندسة الانتخابات وأعمال التزوير الواسعة والنجومية الا أنه لم يفلح في تنصيب مرشحه المفضل آي رئيسي الجلاد على كرسي الرئاسة.
وسبب هذا العجز اضافة الى الوضع الاقليمي والدولي، يعود الى عامل قوي وحاسم آخر وهو نشاطات قوات المقاومة داخل ايران وحملة حركة المقاضاة التي انطلقت قبل 8 أشهر من قبل مجاهدي خلق ضد النظام وكان شاخصه ضد ابراهيم رئيسي بصفته عضوا في لجنة الموت. مما جعله مفضوحا بحيث لم يتجرأ الولي الفقيه أن يخرجه من صناديق الاقتراع أو يهندس الأمر بشكل لكي تتحول الانتخابات الى جولة ثانية ويضطر عندئذ الى قبول روحاني لولاية ثانية. الواقع أن خامنئي لم يكن يريد أن يخرج المواطنون الى الشوارع فتندلع انتفاضة على غرار ما حصل في عام 2009. نظام ولاية الفقيه واهن جدا وله خط أحمر بخصوص اندلاع الانتفاضة وتفاقم التظاهرات ويعلم أنه اذا خرج الناس الى الشوارع فسيكون شعارهم حركة المقاضاة واعتقال ومحاكمة الآمرين والمنفذين في مجزرة 1988 وهولا شك شعار ضد النظام بأكمله. لأن كل المسؤولين في النظام متورطون في ارتكاب الجرائم وضالعون في المجزرة. انها وصمة عار على جبين نظام ولاية الفقيه طبعتها المقاومة ولا مفر لخامنئي منها. نظام ولاية الفقيه لا محيد منه والحل الوحيد هو ما نادت به المقاومة الايرانية ومنظمة مجاهدي خلق الايرانية في التجمع السنوي بمشاركه أكثر من 100 ألف من الايرانيين وحضور مئات من السلطات والشخصيات السياسية والبرلمانيين والدينيين المعروفين من 5 قارات في العالم بكل صراحة وشفافية. ان طريق الخلاص من هذا النظام الفاشي والقروسطي وكل الأزمات الموجودة في ايران والمنطقة يكمن فقط في اسقاط نظام ولاية الفقيه واحلال سلطة شعبية في ايران.