23 نوفمبر، 2024 7:11 ص
Search
Close this search box.

المواطن العراقي وإشكالية فهم الحرية

المواطن العراقي وإشكالية فهم الحرية

ان ما يعيب فهم الحرية في أغلب مجتمعات الدول النامية هو التعمد في تغليب السلوك القبلي على القانون ، وارجاع هذا التصرف وربطه بالعادات والتقاليد ، متناسين أن هذا القانون جاء نتيجة لتطور هذه العادات وتلك التقاليد، وهو نتاج طبيعي للتطور البشري ، وفي العراق ، يتصرف المواطن المسؤول وكان الحرية يقصد بها العبث بالوظيفة والمال العام على نحو غير مقيد إنما هي الحرية المطلقة ، وأنه بالتالي بمأمن من أية محاسبة أو مساءلة ، ولقد كان لتصرف الكثير من المسؤولين ، بعد السقوط، المثل الصارخ على ذلك ، فلقد بلغ عدد الوزراء المتلاعبين بالمال العام أو المخالفين للتعليمات الإدارية والمالية 48 وزيرا ، وهناك أكثر من 240 مديرا عاما ،أو من هو بدرجة خاصة فسر الحرية على أنها فرصة مناسبة لخرق القانون والعبث بالتعليمات المالية وضوابط الصرف للمال الحكومي ، كما أن البعض منهم أو أغلبهم حول الوزارة أو الدائرة إلى ضيعة من ضياع عشيرته، وأخذ يقيم الدعوات والولائم ، بالأسلوب القبلي ، وعلى نفقة الدولة والمال العام . مستغلا فسحة الحرية المتاحة أو ضعف الدولة وقياداتها العليا أو مستغلا فساد هذه القيادات نفسها ، مما أفقد الخزينة الكثير والكثير من الأموال العامة . أما المواطن العادي ، فهو الآخر أخذ مفهوم الحرية على أنها أفعل ما شئت ، فأخذ يسكن البنايات الحكومية ، أو يؤجرها للغير ، أو يسيطر على الأراضي العائدة للدولة ، أو يستحوذ على الأرصفة أو المساحات العائدة للدولة أمام داره ويضعها إلى ممتلكاته ، ولقد سيطر الكثير من العامة على المساحات الخضراء وحولها إلى أبنية ومشييدات خاصة ، أو أخذ علنا يسير وهو يقود السيارة متفاخراً بعكس الاتجاه ، والبعض الآخر حول أحياءا سكنية إلى مناطق صناعية ، والكثير حول الأرصفة العريضة إلى ورش لغسيل السيارات ، ونوع آخر حول الشوارع إلى مراعي للأغنام أو مناطق للنحر وأمام المارة ، أو ان حدادا اقام ورشة الحدادة بالقرب من المدارس وهو يقطع الحديد مسببا الصوت المزعج المعرقل للعملية التربوية ، وهناك الكثير من الظواهر والأفعال التي تمارس اليوم وهي بعيدة جدا عن مظاهر التحضر أو حتى عن عاداتنا وتقاليدنا ، والسبب يعود إلى أن الفرد العراقي لم يتعود على الحرية ، أو أنه كان يطبق القوانين بفعل القوة الغاشمة ، ويرى الكثير من المطلعين على الأمور أن الحرية لم تعد تناسب هذه الأجيال وأنها بمثابة الإشارة نحو العبث بالمجتمع وأنها بدأت تجر العراق تدريجيا نحو عصور الظلام ، والحل هو الإتيان بحكومة قوية نزيهة وجهاز قضائي محمي وشرطة متعففة وتقييد محسوس للحرية ، كي يخاف المسؤول والمواطن من سطوة القانون ، وإلا فإن الوقت يمضي وهذه الافعال تتجذر وسوف تصبح قوتها فوق قوة القانون، وعندها لا يفيد الندم .

أحدث المقالات

أحدث المقالات