الشباب هم عماد كل امة وبناة كل مستقبل وروح كل حاضرلا يستقيم امر امة بدون ان يستقيم امر شبابها فهم السواعد التي تبني والعقول التي تخطط والهمم التي تنهض بها الشعوب واصحاب كل منجز من منجزات الحضارة منذ الازل حتى ساعتنا هذه.. ان الاوضاع والمتغيرات التي شهدها عراقنا والمنطقة بصورة عامة فرضت علينا ضرورة وحتمية ان نواكب التطورات الحاصلة وندلو بدلونا في الحراك العالمي والعربي المتجه نحو بناء المجتمعات ونهضة الامم وأن الاداة الوحيدة التي يمكن استثمارها بهذا الخصوص هي الطاقة البشرية فهي لا تنضب ومستديمة على الدوام..
تبلغ نسبة الشباب في مجتمعنا اكثر من نصف تعداد السكان ومن المعروف ان نسبة البطالة فيهم كبيرة جدا بالاضافة الى ان من يعمل منهم فيندرج عمله ضمن مفهوم البطالة المقنعة وبالتالي اصبح لدينا شباب اما عاطل عن العمل او يعمل في عمل معطل اصلا وهذه النتيجة جاءت من تراكم العديد من المسببات سواء كانت اقتصادية او اجتماعية مما جعل هذه الشريحة الواسعة تشكل عبئا وثقلا على الدولة لانه بدل ان يعيل المواطن الشاب الدولة اصبحت الدولة تعيله من الموارد المحدودة المتاحة لها وظهرت لنا فئة واسعة من الشباب لا تساهم في اي عملية للتنمية بقدر ما تستنزف مقدرات وثروات البلد..
الكل يعلم انه لا يمكن الاطمئنان إلى أي بناء مجتمعي ديمقراطي متمدن حداثي إذا لم يكن مدعوما بالمعرفة التي تكتسب عن طريق اوعيتها المعروفة لنا من كتب ومجلات علمية ومقالات متخصصة ومصادر الكترونية متنوعة وحيازة المعرفة لا تاتي الى من طريق واحد لا ثاني سواه وهو (((القرأءة))) فأن لم نطلع على ما انتجته الحضارة من علوم ومعارف لنكتسب طريقة تفكير تقودنا الى انتاج المعرفة فأننا بهذا نكون وضعنا المعرفة في نعش الاهمال والامبالاة وبالتالي لن تحدث فينا اي محاولة للتنمية الحقيقية فقد نبني جسرا وربما ناطحة سحاب لكننا سنفشل بدون ان نبني الانسان فهو الغاية وهو الوسيلة , البناء العمراني لن يبني بشرا او يبني عقولا او يصنع رجالا فمراحل بناء العقل اصعب وأعقد بكثير من اي بناء هندسي لذا ان ما نصبو اليه هو بناء العقول وتنمية قدرات وطاقات الشباب لان عقول الشباب اذا ما استثمرت بالشكل الصحيح فانها ستكون أوسع بكثير من ان تضيق بفكرة و أقدر من ان تعجز عن تنفيذها
لا شك في ان الانظمة السابقة تتحمل وزر ما يعانيه الشباب لانها عملت بكل جهد لعسكرة الشباب وابعادهم عمدا عن مقاعد الدراسة ومراكز البحوث وعن المصنع والحقل وخلقت هذه السياسة الطائشة بدورها اغمائة ثقافية وفكرية وعلمية لعقول وطاقات شبابنا وظل شبابنا معطل عن اداء ما عليه من واجبات تجاه الوطن وتجاه نفسه بالاساس فطيلة تلك الفترة لم نكتسب عالم ولم نفقد جاهل لا لقصور ذاتي فينا بل لقصور موضوعي في ظروفنا .. اما الان فأن الاوان قد حان لنكون فاعلين لا منفعلين منتجين لا مستهلكين فقط لكل انواع المعارف والعلوم ففينا يكمن أمل شعبنا وشبابنا على وجه الخصوص نريد ان نكون القاطرة التي تمشي خلفها الامم لا القطار الذي يدور في نفس السكة.
المعرفة مثلها مثل اي سلعة فقيمتها تحسب في درجة الاستفادة منها اما عدا ذلك فيعتبر حائزيها موسوعات بشرية وما أكثرها هذه الايام ؟؟وهذا ملا نريد ان نكون عليه لذا لا يكفي ان نحوز المعرفة بل أن نطبقها ان نجعل عقول الشباب قادرة على الابداع في مختلف المجالات و نتجه نحو خلق قيمة مضافة تساهم في عملية التنمية والوعي الاجتماعي وستكون فلسفتنا في المعرفة هي ان(( نتعلم لنتفكر ولا نتعلم لنتذكر )) اذ علينا تجاوز المراحل البدائية لطريقة تحصيل المعارف وأن نؤسس لثقافة جديدة مفادها ( انا اقرأ اذن انا افكر وأنا افكر اذن انا موجود وما دمت موجودا لن اتوقف عن تحصيل وانتاج المعرفة ).
إن المبدعين والمفكرين مجموعة من الشخصيات المتميزة اختاروا العلم موطناً والقراءة طريقاً؛ لأن الإبداع عندهم هو أن توجد شيئاً جديداً من مجموعة ما لديك من معطيات، ولن يتأتّى ذلك إلا بالقراءة والمعرفة المرتبطة بها.
إن عقولنا لا تدرك الأشياء على نحو مباشر، بل عبر وسيط معرفي مكون من مبادئ علمية وعقلية وخبرات حياتية، وعلى مقدار ما نقرأ يتحسن ذلك الوسيط، وبتحسنه يتحسن فهمنا للوجود، وتتحسن معه نوعية حياتنا، ولذلك فمن لم يكن قارئاً فقد عطّل وسائط تفكيره وإدراكه وسبل حياته.
ويعرف كثير من المفكرين القراءة بـ”أنها عملية عقلية تشمل تفسير الرموز التي يتلقاها القارئ عن طريق عينيه، من خلال الربط بين الخبرة الشخصية (المخزون المعرفي) ومعاني هذه الرموز”.
وللقراءة عمليتان أساسيتان: الأولى الاستجابة لما هو مكتوب، والثانية هي عملية عقلية يتم من خلالها تفسير المعنى عبر التفكير والاستنتاج (الفهم).
إن المعرفة منتوج القراءة المباشر، وهي عماد التنمية والسبيل إلى مستويات التقدم وهي ميزة إنسانية تمكن الإنسان وتؤهله للتفكير والتخيل والفهم والربط بين المعطيات المختلفة وتؤهله لتكوين رأيه المنفرد والتعامل مع المتغيرات والارتقاء نحو الأفضل. إن الفرد له الحق المشروع في الوصول إلى المعرفة، وللوصول إلى المعرفة يجب أن تتوافر له دروب المعرفة المختلفة،,,
ابتدأت حضارات الشعوب الاخرى بثورات ثقافية ازاحت الجهل والتخلف وأرست قواعد العلم والمعرفة وان اوان ثورتنا الثقافية التي من شأنها ان تؤسس لبناء مجتمع واعي هومجتمع العلم والمعرفة مجتمع الانجاز والمنتج فاذا كان سابقا مقدر لمصر ان تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ فغدا يجب ان يقرأ العراقي اولا ومن ثم يكتب وليطبع هو بنفسه وليقرأ العالم بأسره نتاجات ابناء بابل وسومرو أكد وعلومهم ولترجع بغداد عاصمة الدنيا وحاضنة الثقافات وشمس للمعرفة والابداع وان نحرص اشد الحرص على ان لا تختزل ثقافتنا في شارع لا يتجاوز طوله 500 متر ويزوره عشرات الاشخاص من اصل 15 مليونا في نصف نهار الجمعة ,, نريد ان يكون المتنبي في كل مدينة في كل شارع بل في كل بيت هكذا تنهض الامم والا فلا تستقيم احوالنا..نعلم ان طريقنا ستكون طويلة فليس هناك رحلة أشق من العودة الى العقل لكنها ممكنة اذا تظافرت الجهود وتكاتفت الايادي وتوحدت الاهداف.