كتب – محمد بناية :
“تلك المسرحية التي شهدتها الرياض على مدى اليومين الماضيين، لن تساعد السعودية في شئ رغم أنها نتاج عمل 15 عاماً، وتزيد من تعقيد حل المعادلات الاجتماعية السياسية السعودية المتصدعة، والتي أشرت إليها في مقالات سابقة”. هكذا أستهل “نصرت الله تاجيكـ” السفير الإيراني السابق في الأردن، مقالته التحليلية التي نشرها موقع “خبر أونلاين” الإيراني مؤخراً.
موضحاً نصرت الله: “فالمملكة تتبنى منذ العام 2002 سياسة الاحتواء المزدوج حيال إيران والعراق”. وفي هذا السياق يقول السفير “دينيس روس” مستشار في معهد واشنطن وزميل متميز في برنامج الزمالة زيغلر: “لا أدري لماذا اقتصر الهجوم الأميركي عام 2003 على العراق دون إيران، والآن يطرقون كل الأبواب للحيلولة دون تمدد إيران في المنطقة”.
وتبذل السعودية الكثير من الجهود والتكاليف المادية السرية والمعلنة، وتعد الكثير من السيناريوهات، حتى تحافظ الولايات المتحدة – باعتبارها الحامي والمدافع – على بقاء السعودية ضمن معسكرها.
أميركا تعمل على نشر الطائفية مع قطر وتركيا..
يخلص “نصرت الله تاجیک” في مقالته التي نشرها تحت عنوان “هل يطأ ترامب قشر البطيخة السعودية ؟!”، إلى أنه حين فشلت السعودية، بالتزامن مع اندلاع الربيع العربي، لم تعد الولايات المتحدة تميل كثيراً للدفاع عن سلاطين وملوك الشرق الأوسط حتى أنها تخلت عن “حسني مبارك” الرئيس المصري السابق، لذا تخوض طريقاً آخر وتهيئ بالتعاون مع قطر وتركيا إلى نشر الخلافات الطائفية عبر الحرب النهائية بالتوازي مع توفير البيئة الخصبة لتمدد “داعش” والجماعات الإرهابية في سوريا، ربما يمكنها تثبيت مكانتها الإقليمية ضد إيران. ومن حسن الحظ فقد تسببت سياسات الحكومة الديمقراطية والإصرار على قضايا حقوق الإنسان في توتير العلاقات بين البلدين وهو ما كان واضحاً في زاوية السياسة الخارجية للبلدين نهاية فترة “باراك أوباما”.
يضيف السفير الإيراني السابق في الأردن: “مع استلام دونالد ترامب للسلطة في الولايات المتحدة الأميركية، أدرك السعوديون سريعاً مفاد الرسائل التي أطلقها وهي أنه كرجل أعمال يسعى للحصول على تكلفة الدفاع الأميركي عن السعودية. وعليه أخرجت المملكة بسخاء من جيوب السعوديين وسعت إلى توريط ترامب في مشكلات المنطقة، وما أُشيع عن شراء السعودية أسلحة أميركية بقيمة 480 مليار دولار، إنما يقتصر فقط على المعلن إذ أخرجت السعودية في هذه الفترة القصيرة الكثير من الأموال السرية، وعليه لا يُستبعد في ظل هذه الأجواء أن تشهد الفترة المقبلة تورط ترامب. ورغم ان الأخير أعلن بشكل صريح خلال بداية جولته بالشرق الأوسط، أن التجارة السعودية مع أميركا أهم إليه من قضايا حقوق الإنسان، وأعرب عن شكره العميق لحجم الاستثمارات السعودية وتوفير فرص العمل في أميركا، لكن لا يقتصر كل شئ على التجارة. فالإدارة الأميركية تعلم جيداً دور السعودية المهم في نشر الإرهاب بالمنطقة وتكوين “داعش” عبر إشعال الحروب الطائفية. فضلاً عن ذلك يقوم السعوديون بتنفيذ أعمال قذرة ضمن سياساتها الخارجية في الشرق الأوسط، ودشنت للحرب في اليمن ما أدى إلى كارثة إنسانية، وليس لديهم أي عمل يمكن الدفاع عنه، وزيارة ترامب للسعودية بغرض مكافحة “داعش” ليست إلا مزحة، والكاريكاتير المنشور في وسائل الإعلام يصور بشكل جيد هذه الخطوة الساذجة والسخيفة للحكومة الأميركية”.
زيارة ترامب للسعودية تزيد من حدة الصراع في المنطقة..
يرى “نصرت الله تاجیک” أن زيارة ترامب إلى السعودية، هي خطوة تقترن بالمصلحة السياسية ولن تسهم في تخفيف الصراع بالمنطقة، وإنما قد تزيد من احتمالات الصراع. وسيكون لتلك الزيارة نتائج تدميرية كثيرة على المنطقة، وسوف تؤدي إلى زيادة غرور السعوديين.
وقد تكون هذه الزيارة من وجهة نظر “ترامب” خطوة نفعية لكنها غير مسؤولة، وسيطال دخانها عيون الجميع. والسعوديون يعلمون جيداً أن ترامب لا يتمتع بمكانة قوية، وحتى لو انتهت فترته الرئاسية فهو لا يتمتع بالقوة التي يمكن من خلالها البناء على أفعاله وأقواله.
وهذه الخطوات الاستعراضية لن تسهم في حل مشاكل المنطقة في العلاقات الثنائية أو المتعددة. ويمكن قبول الاختلاف في وجهات نظر ورؤى وأعمال البلدين على صعيد العلاقات الخارجية، لا ما لا يمكن قبوله تطور هذه القضايا إلى رؤية أمنية أو الشكوى من إيران واتهامها بالتدخل في قضايا المنطقة.
لإيران أهدافها من سياساتها الخارجية وكذلك السعوديون وهذا لا يجب أن يكون سبباً للعداء بين البلدين. والمضحك أن الملك السعودي يفصل بين الشعب الإيرانية وحكومته، وأن يطلب وزير الخارجية السعودي “عادل الجبير” إلى إيران عدم التدخل في الشأن الداخلي لدول المنطقة، والإلتزام بمبادئ حقوق الانسان. بعبارة أخرى، تملك السعودية حق التدخل في الشأن الإيرانية الداخلي لكن لا يمكن لإيران البحث عن مصالح وأهداف سياساتها الخارجية.