في شهر رمضان من كل عام تحرص جمعية “شوربة للجميع ” على تنظيم افطارات جماعية في مدينة “باريس” لمساعدة المحتاجين من المسلمين وغير المسلمين , وشوربة للجميع هي جمعية فرنسية أسسها قبل ستة عشر عاما التربوي المعروف “كابريل لوريس” و تمولها التبرعات الخاصة ودعم بلدية باريس بالإضافة إلى دعم بنك “وسترن يونيون” شعارها هو ” ادخل شاركنا في وجبة الإفطار, مهما كان أصلك ومهما كان مذهبك” .
هذه هي مقدمة لخبر منشور في إحدى وسائل الإعلام الفرنسية حول قيام رئيس الوزراء الفرنسي “جان مارك” بزيارة لإحدى الخيم التي تقيمها هذه الجمعية لتقديم الفطور للمحتاجين وزيارة رئيس الوزراء جاءت لغرض دعم هذا المشروع وتشجيع المتطوعين والقائمين علية ولكن المفاجئة كانت عندما رفض القائمين على المشروع أن يشارك السيد رئيس الوزراء هؤلاء الفقراء في إفطارهم خوفا على مشاعرهم وخوفا من أن يوجد بين المفطرين من لايقبل أن يشارك رئيس الوزراء في مائدته لكي لا يعطى للمشروع صبغه حكومية , لهذا أقيمت خيمة صغيرة خاصة لرئيس الوزراء لكي يتناول فيها الفطور بعيدا عن الأعين وعن الكاميرات التي كانت بصحبته.
دائما ما تحرص المجتمعات التي تتقدم علينا بمسافات طويلة في مجال المبادرات الإنسانية أن تبقي نشاطاتها ومبادراتها بعيدا عن تدخل الحكومة لكي لا تفقد استقلاليتها ومصداقيتها أمام المجتمع وبالمقابل غالبا ما يحاول السياسيون والمسئولين إقامة شراكات مع هكذا منظمات ليس من باب خدمة المجتمع بل من باب “فيد واستفيد” وهذا ما ترفضه هذه المنظمات على العكس من منظماتنا الإنسانية ولا أقول جميعها بل اغلبها حيث دائما ما تلهث لعقد شراكه مع الحكومة والمسؤولين في الدولة طمعا في التمويل وحسب مبدأ ” استفيد واستفيد” , وبالتأكيد مقابل قبول التبرعات من المسؤولين فان على المنضمات أن تقوم بالدعاية لهم من خلال نشاطاتها .
لم يكن السيد ” مارك” يظن نفسه “سيفوت بالحيط” , عندما حاول تقليد مسئولينا في صولاتهم وجولاتهم بين أطباق “المحمر والمشمر” على موائد الرحمن حيث يعتبر شهر رمضان بالنسبة لهم فرصة للتكفير عن الذنوب من خلال إطعام الفقراء وما الضير أن كانت المناسبة لهم إلى جانب إبراء ألذمم بإطعام الفقراء وغير الفقراء هي القليل من الدعاية على الفضائيات والجرائد” فكما يحرص المسئول على إعداد قائمة بأصناف الطعام التي سيقدمها على مائدته يحرص أيضا على إعداد قائمة أخرى بأسماء الصحف والصحفيين اللذين سيدعوهم لتغطية صولته العظيمة على بطون الفقراء فالمسؤول لا يصيد العصفورين إلا بحجر واحد دائما.
وقبل أن يمد احد المدعوين يده إلى أنواع الطعام المعروضة بإتقان على المائدة فان المسؤول لا ينسى أولا أن يقبض ثمن وليمته فيقوم بإلقاء كلمه يذكرهم بأعمال الخير التي يقوم بها ويعدد على مسامعهم مناقبه ونضاله و تضحياته الكبيرة والصغيرة من اجل إعلاء شأن الوطن والمواطن وكيف انه يوصل الليل بالنهار من اجل الحفاظ على كرامة المواطن التي هو أول من يستبيحها بكاميرات الصحفيين على مائدته التي يسميها “مائدة الرحمن” وكأني به يقوم بمقايضة مفضوحة النوايا ” أقدم لك الطعام مقابل أن أصورك ليرى العالم أني أطعمك ” , والله اعلم بالنيات .
[email protected]