23 نوفمبر، 2024 6:04 ص
Search
Close this search box.

واردات الكمارك وحدها كافية لتسديد ديون العراق

واردات الكمارك وحدها كافية لتسديد ديون العراق

اقتصاد العراق يمرّ بأسوأ حالاته نتيجة عوامل عديدة معروفة ومشخصة من قبل الجميع وكانت من نتائج هذا التردي الكبير بروز مشاكل كبيرة تحتاج لمعالجة علمية وجادة لانقاذ الاقتصاد وتجاوز المصاعب, ولعل من أهم هذه المشاكل هو تنامي حجم الديون الخارجية وارتفاع معدلات العجز في الموازنة, حيث تقدر حجم الديون الخارجية للعراق بأكثر من 120 مليار دولار بينما يقدر حجم العجز في موازنة البلاد لعام 2017 أكثر من ( 26,6 مليار دولار) وهذه الأرقام مقلقة للغاية ويجب على الحكومة عند ادارتها للملف الاقتصادي أن تذعن للأصوات التي تنادي منذ سنوات طويلة بالكف عن الاعتماد على النفط فقط لتمويل الموازنة والخروج من الاقتصاد الريعي والاهتمام بالقطاعات الأخرى وخلق تنمية حقيقية فيها لتمويل الموازنة وتقليل هذه الأرقام المخيفة, وأحببت أن أتطرق في هذه السطور القليلة الى قطاع واحد مهم وحيوي ويكفي الالتفات اليه والنهوض به لسد ديون العراق بالكامل ألا وهو قطاع الكمارك الذي يعتبر منجماً دائماً وأفضل من النفط.
إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الصناعة في البلاد منذ عام 2003 ولحد الآن نجد عجلتها قد توقفت بشكل شبه تام والمنتوج المحلي قد لفظ أنفاسه بشكل تدريجي نتيجة الإهمال الكبير ما أدى الى الوصول الى حقيقة ثابتة هو أن العراق يستورد كل مايحتاجه من الخارج أي بمعنى آخر أننا نستورد من الأبرة للطائرة وهذا يعني بأن معدلات التعامل التجاري مع الدول الخارجية كبير جداً ويكفي أن نطلع على أرقام حجم تعاملاتنا مع بعض الدول المجاورة مثل ايران وتركيا والكويت وغيرها نجدها أرقام هائلة لايمكن الاستهانة بها, وهذا يعني أن عملية دخول البضائع للعراق عبر جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية هي عملية مستمرة وبشكل يومي ومستمر طوال أيام العام, وهذا يعني أن الحكومة لو أحكمت السيطرة على جميع حلقات الكمارك بشكل دقيق ووضعت رقابة صارمة عليها لضمنت واردات هائلة تدخل لموازنة البلاد وهي كافية وحسب تقديرات الخبراء الاقتصاديين لسد ديون العراق الخارجية بالكامل وبوقت قياسي, وأتعجب عن غفلة حكومتنا عن هذا المورد الكبير وأتسائل هل هو بسبب جهلها بأهميته أم هناك ضغوط سياسية تمنع الحكومة من إحكام سيطرتها الكاملة على المنافذ الحدودية, فاذا كانت الحكومة غير منتبهة لهذا الأمر فها نحن نذكرها بذلك ونطالبها بالالتفات الى هذا المورد المهم الذي لاتقل أهميته عن النفط وهو لايتأثر بالتغيرات العالمية وحلقاته بالكامل بأيدينا وجميع الدول التي تتعامل مع العراق هي التي تحتاجنا وليس العكس لأن العراق اصبح من أكبر الأسواق التجارية في العالم نظراً لحجم استيراداته الكبير وفي جميع تفاصيل السلع والبضائع.
كل مانحتاجه هو وضع اليد بشكل حقيقي من قبل الحكومة على جميع المنافذ الحدودية والاسراع بإبعاد الأحزاب والكتل السياسية التي تتقاسم هذه المنافذ وتتمتع بوارداتها, وكذلك وضع نظام رقابي صارم على عمل هذه المنافذ والضرب بيد من حديد على عصابات الفساد المنتشرة بشكل علني والتي تعتبر نفسها فوق القانون وتمارس عمليات الفساد جهاراً نهاراً, وكذلك إعادة النظر بكافة الرسوم والضرائب بشكل علمي مدروس يأخذ بنظر الاعتبار كل سلعة أو بضاعة داخلة ومدى أهميتها لحياة المواطن الضرورية بحيث تكون الرسوم والضرائب لاتمس حياة الفقير, وأنا على يقين بأن الحكومة لو التفتت الى ذلك لتفاجئت من حجم الايرادات التي ستدخل الموازنة ولتفاجئت أكثر من حجم الأموال التي يتم سرقتها وتذهب الى جيوب الفاسدين يومياً.
ماوددت قوله بأن الكمارك ووارداتها هو قطاع واحد وهذا الذي سنجنيه من وارداته, فكيف اذا مااهتمت الحكومة بالقطاعات الأخرى وعملت على تنميتها بشكل صحيح فكيف سيكون حال اقتصادنا؟ وهل سنحتاج لواردات النفط بعد ذلك؟ .

باحث وخبير اقتصادي

أحدث المقالات

أحدث المقالات