17 نوفمبر، 2024 9:43 م
Search
Close this search box.

العرب.. ما العيب في الاسم..؟!

العرب.. ما العيب في الاسم..؟!

ما بين إعلان عمان عاصمة للثقافة الاسلامية قبل ايام واعلان عمان عاصمة الثقافة العربية، مر نحو عقد ونصف العقد شهدت فيها الحياة الثقافية والثقافة المجتمعية الأردنية تحولات واسعة سمتها العامة المزيد من التراجع والمزيد من الاختلالات، فلقد ساهمت عمليات التحديث السياسي غير المكتملة والازمات الاقتصادية والحدود الشفافة مع ازمات الآخرين، وازدياد حدة الفراغ في المجتمعات الشبابية والطلابية وتراجع الإنفاق الرسمي على الثقافة الى استعادة النزعة الأبوية في الثقافة المجتمعية وعودة عناوين الصراع بحدة بين أصوليات خارج العصر ومظاهر هشة للحداثة، ما خلق حالة من الارتداد الثقافي القائم على الإكراه والتعصب حيث لا يعترف بالفرد واستقلاليته.
لقد دخل المجتمع الأردني في حالة الارتداد الثقافي التي شهدتها المنطقة العربية بشكل عام، بل نلاحظ مظاهر قاسية لهذه التحولات في تراجع حضور مؤسسات ثقافية وموت بعضها، واختفاء الاسماء الكبيرة في الحياة الثقافية سواء في الابداع او الفكر او التأثير في الحياة العامة، فمنذ سنوات طويلة لم نسمع عن ميلاد شاعر أردني او روائي مبدع او مفكر مؤثر، وتغيب الفرق المسرحية ومواسمها التي كانت لها سمعتها وصولاتها وجولاتها، تتراجع بل وتغيب الفرق الفنية الفلكلورية التي تعكس ضمير المجتمع الأردني ووجدانه الثقافي والحضاري والشعبي اي الثقافة التي ينتجها الناس وتعكس معاشهم وهويتهم وهمومهم وأحلامهم.
واحد من بين مظاهر الخراب الثقافي هو التفريغ او التجريف الذي شهدته الحياة الثقافية؛ كيف ولماذا تراجعت الفرق الفلكلورية الأردنية خلال السنوات الاخيرة بشكل يطرح اسئلة كبيرة بعد مرحلة من الازدهار، نسأل أين فرقة الفحيص لإحياء التراث الأردني ،أين فرقة معان وفرق الفلكلور الشركسي مثل فرق نادي الجيل والاهلي وغيرها من فرق شعبية وتراثية.
لنأخذ على سبيل المثال فرقة الفحيص لإحياء التراث الشعبي التي تأسست العام 1982 وحققت حضورا لافتا على مدى اكثر من ربع قرن واستطاعت ان تفعل الكثير في التعريف بالهوية الثقافية في واحد من اكثر اشكالها ثراء وصدقا، ثم تراجعت الفرقة واختفت تماما، ويعيد مؤسسها الفنان صخر حتر في مادة ارشيفية هذا التراجع بكل بساطة الى ان التطوع له حدود وان افراد الفرقة اصبح لديهم اسر ومسؤوليات، ولم يتوفر لهم التمويل للاستمرار والتجدد، وتتكرر القصة مرة اخرى مع فرقة معان التي ظهرت في الثمانينيات وحققت حضورا لافتا واصبحت سفيرا للثقافة الأردنية، وقس على ذلك فرق التراث الفلكلوري الشركسي التي تراجعت في العقد الاخير بعد ان ازدهرت بقوة في التسعينيات. وحسب ميرنا جانبيك إحدى مؤسسي واحدة من هذه الفرق، فقد استطاعت تلك الفرق خلق حالة ثقافية مميزة واستطاعت ان تقدم رسالة الأردن الثقافية بقوة في الخارج، ووصلت الى القفقاس وبقاع عدة في العالم وأبدعت وأبهرت الكثيرين.
تراجع شامل في الحالة الثقافية في المجمل، وبشكل قاس، هذا الفراغ يُملأ اليوم بأشكال متعددة من التعبيرات الثقافية المأزومة المملوءة بالعنف والتعصب والكراهية والاقصاء، بكل بساطة الاسئلة القاسية عن الأحوال الثقافية تقدم اجابات عن الحالة التي نعيشها اليوم.
وزارة الثقافة ليست وحدها المسؤولة عن التنمية الثقافية بل هي مهمة الدولة بشكل عام، ولكن هذا لا يعفي الوزارة من ان تمارس دور ذراع الدولة القوي في احداث التغيير. يتمتع وزير الثقافة الحالي وأمينه العام بكفاءة حقيقية ودراية بالمشهد الثقافي الراهن وعلله، وامامهم فرصة كبيرة لعمل الكثير، فالحالة الثقافية الراهنة تحتاج الى عمل كبير، وكبير جدا.
نقلا عن الغد الاردنية

أحدث المقالات