22 يوليو، 2025 10:31 ص

القارة السوداء تفضل المدربين البيض

القارة السوداء تفضل المدربين البيض

كتب – سعد عبد العزيز:

إنتهت منذ أيام قلائل بطولة كرة القدم الإفريقية في “الغابون”, ورغم ما يحققه اللاعبون الأفارقة من نجاحات داخل أعظم الأندية الأوروبية إلا أن المدربين الأفارقة المتميزين لم ينالوا فرصتهم التي يستحقونها في قيادة منتخباتهم المحلية.

المدربين البيض

تناولت صحيفة “هاأرتس” الإسرائيلية تلك الإشكالية, ورأت أن هناك ظاهرة مألوفة جداً في بطولات كرة القدم الافريقية، وهي الإستعانة بالمدربين البيض القادمين من أوربا. فعند قراءة قائمة المدربين الذين قادو المنتخبات الإفريقية التي شاركت في البطولة المصرمة في الغابون, يتبين أن من بين 16 مدرباً مشاركاً هناك 12 مدرباً أجنبياً جميعهم من ذوي البشرة البيضاء, منهم عشرة قادمين من أوربا والاثنين الآخرين هما: “هيكتور كوبر” الأرجنتيني الذي يدرب المنتخب المصري، و”أفرام جرانت” الأسرائيلي الذي يدرب المنتخب الغاني.

وترى الصحيفة أن تلك الظاهرة مستفزة لا سيما في ظل النجاح الذي حققه المدربون المحليون ممن شاركوا في البطولات الافريقية خلال العقد الأخير. والمثال على ذلك هو المدرب المصري “حسن شحاتة” الذي حقق لمنتخب بلاده ثلاث بطولات متتالية في أعوام 2006 و 2008 و2010. والمثال الآخر هو المدرب الراحل “ستيفن كيشي” الذي قاد منتخب نيجيريا للفوز بالبطولة عام 2013.

إن مدربي كرة القدم المحليين في افريقيا, رغم قلة مشاركتهم, إستطاعوا الفوز بأربع بطولات من بين البطولات الست الأخيرة، فيما حقق البطولتين المتبقيتين المدرب الفرنسي “هيرفيه رينارد” عندما قاد منتخب زامبيا خلال عام  2012  ومنتخب ساحل العاج قبل عامين.

تميز مدربي أفريقيا

السؤال الذي طرحته “هاأرتس” محاولة رصد إجابته هو: “لماذا لا يوجد بعض المدربين السود على رأس فرق كرة القدم الأوروبية, علماً بأن رُبع اللاعبين في إنجلترا هم من ذوي البشرة السوداء. في حقيقة الأمر فإن المدربين المحليين – بداية من “تشارلز جيامفي”, ذلك المدرب الغاني الأسطوري الذي قاد منتخبه للفوز بالبطولة الإفريقية ثلاث مرات, وحتى “حسن شحاتة” و”كيشي” وغيرهما – لديهم العديد من سمات التميز.

إذاً فلماذا يكون التفضيل للمدربين البيض؟.. يمكن تفسير ذلك بأنه نوع من إنعدام الثقة عند كثير من الأفارقة أمام البيض. كما يمكن إعتبار ذلك بمثابة حالة مرضية ما زالت تُلم بالأفارقة منذ عهد الإستعمار، إضافة إلى ما يصفه كثير من المدربين الأفارقة بـ”المشكلة الذهنية”.

يقول المدرب “كيني فيري”، في حديث للصحيفة: “ليس من الإنصاف ألا يحصل المدربون الأفارقة على فرصة حقيقية لتدريب منتخبات بلادهم. فمعظم المدربين الأفارقة متميزين وتلقوا الدراسة بشكل جيد. لكن مشكلتنا كأفارقة تكمن في طبيعة شخصيتنا, فنحن لا نثق بمواطنينا بما فيه الكفاية.”

من بين المنتخبات الإفريقية الست التي شاركت في كأس العالم بجنوب أفريقيا عام 2010، كان هناك منتخب واحد فقط لعب تحت قيادة مدرب محلي – وهو المنتخب الجزائري. أما أهم الدول الأفريقية في كرة القدم مثل ساحل العاج والكاميرون ونيجيريا، فقد أستدعت مدربين بيض خلال الأشهر التي سبقت البطولة، فشغلوا أماكن المدربين المحليين الذين كان لهم الفضل في تصعيد منتخباتهم لكأس العالم.

ونقلت الصحيفة عن أحد الصحفيين الغانيين قوله: “إن حال كرة القدم  لا يختلف عن حال الإقتصاد والكثير من الأمور الأخرى, فقارة إفريقيا لديها الكثير من الموارد والمواهب والقدرات، لكن ينقصها الثقة بنفسها وبمواطنيها، لذا يلجأ المسئولون لطلب العون من أوروبا أو من الغرب عموماً.”

هناك أيضاً حالات حقق فيها مدربون أوروبيون نجاحات في أفريقيا. بعضهم، مثل “هيرفي رينارد” – الذي سيدرب منتخب المغرب ويسعى للفوز بالبطولة مع منتخب ثالث – أصبحوا خبراء في كرة القدم الإفريقية. كلود لو روا  أو ما يسمى بــ”الساحر الأبيض” وفاز مع الكاميرون ببطولة إفريقيا عام 1988 ويقوم بتدريب منتخب توجو – وهو المنتخب الإفريقي السادس الذي يتولى تدريبه في بطولته التاسعة.

وهناك المدربين ألاين غيريسي (في مالي) وهنري كاسبرزاك (في تونس) سيكونان من الوجوه الاخرى المألوفة من البطولات الأفريقية السابقة.

يقول توسو فلاي للصحيفة: “لم أسمع يوماً أن هناك في أحد المنتخبات الأوروبية ولو حتى مساعد مدرب من القارة الإفريقية, وأنا لا أفهم لماذا نعول كثيراً على المدربين الأجانب ونترك المدربين المحليين. إننا نتسرع في الحكم على مدربينا ونتسرع في إنتقادهم والإطاحة بهم, في حين أننا نتعامل باللين مع الأجانب. إن الأوربيين يخططون لنا ماذا نفعل, بدلاً من أن يكون الحال هو العكس. فبدلاً من تطوير لعبة كرة القدم أو المنتخبات, فإنهم ينظرون إلينا من أعلى ويعتبرون إفريقيا كالدجاجة التي تضع لهم بيضاً من ذهب”.

في البطولة الإفريقية المنتهية منذ ايام رأينا أربعة مدربين فرنسيين واثنين بلجيكيين، بالإضافة إلى مدرب إسباني، وبرتغالي وأرجنتيني وصربي وبولندي وإسرائيلي. وفي المقابل، لم يكن هناك سوى أربعة مدربين محليين، اثنين منهم يقودان أضعف منتخبين إفريقيين وهما غينيا بيساو وزيمبابوي. وفي هذا، لا يمكن للأفارقة إلا أن يلوموا أنفسهم فقط.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة