23 ديسمبر، 2024 9:37 م

حقائق رمضانية مرّة .. استغلال العوائل المتعففة لأغراض منتفعة

حقائق رمضانية مرّة .. استغلال العوائل المتعففة لأغراض منتفعة

عندما يطل علينا شهر رمضان المبارك ، يظهر لنا بعض منظمات المجتمع المدني في كركوك ، من خلال برامج تلفزيونية تهدف في الظاهر تقديم العون للعوائل المتعففة والإحسان إليهم من خلال جمع التبرعات العينية والنقدية من الأناس الخيرين المتبرعين الذين يقدمون معوناتهم تلك لأولئك العوائل ، غير عارفين ولا مدركين بان تبرعاتهم تلك لا تذهب إلى هدفها المقصود وشأوها المنشود ، بل تذهب في الباطن إلى جيوب المنتفعين الذي استغلوا تلك العوائل المتعففة واستثمروا عن سابق قصد العواطف الإنسانية والتوجهات الدينية للناس الخيرين الذين يقدمون تبرعاتهم لتلك العوائل المتعففة وليس للأشخاص المنتفعين الانتهازيين الذين لا هم لهم سوى ملئ جيوبهم من السحت الحرام الذي سينقلب عليهم وبالا في الحياة الدنيا التي يخزهم الله فيها لا محالة ، وفي الحياة الآخرة التي سيحاسبهم الله مما كسبت أيديهم الممتدة بدون وجه حق إلى أموال الفقراء ، فيحول تلك الأموال المحرمة عليهم إلى نار حامية تأكل بطونهم وتغلي في أحشائهم .
وتعالوا معنا لنطلع عن كثب على الآلية الخبيثة التي تعتمدها تلك المنظمات من اجل تمرير مخططاتها ( الاستثمارية ) غير المشروعة في شهر رمضان من كل عام،من خلال المعلومات المستقاة من بعض الأشخاص الذي ذهبوا إلى مقرات تلك المنظمات لغرض تقديم تبرعاتهم ومعوناتهم العينية والنقدية للعوائل المتعففة :
تقوم تلك المنظمات قبل كل شئ بتشخيص وتحديد العوائل المتعففة قبل شهر رمضان من خلال جولة مسح ميدانية تجريها للغرض المذكور ، ثم تدعو تلك العوائل إلى مقراتها في كركوك فتتفق معها على زيارة بيوتهم في شهر رمضان وعرض حالتهم البائسة للرأي العام من خلال برنامج تلفزيوني معد لهذا الغرض ، ثم تقوم بتلقينهم دروس في كيفية تقديم أنفسهم في حالة يائسة وبيوتهم في حالة بائسة ، حتى إذا تطلب الأمر تقديم بعض مشاهد البكاء والتوسل لإضفاء مزيد من الحالة المأساوية على الصورة المعروضة  ، حتى يتم تحريك العواطف الإنسانية واستجلاب المشاعر الدينية واستغلال التوجهات الرمضانية للناس الخيرين والمتصدقين ، ثم يقوم العاملين في البرنامج بتقديم بعض الأطعمة البسيطة والأرزاق المحدودة مع ظرف يحتوي 25 ألف دينار من فئة ال ( 250 ) للعائلة المتعففة إيهاما للمتفرجين بان الظرف يحتوي على المبالغ التي يتم التبرع بها للعوائل المستهدفة بالتبرعات الخيرية طوال شهر رمضان ، حيث يقوم معد ومقدم البرنامج خلال فترة بثه بعرض رقم هاتفه الشخصي من على شاشة التلفزيون ، داعيا المتبرعين من داخل وخارج القطر الاتصال بالرقم المعروض لغرض الاتفاق معهم حول تحويل تبرعاتهم إلى مكاتب صيرفة معينة تحت الاسم الفلاني ، فيقوم بعدها بإرسال شخص مخصص لغرض استلام تلك التبرعات النقدية الواردة ، ثم يقوم بتحوليها جميعا إلى عملة أجنبية صعبة ليتسنى له بعدها بإرسالها عبر حوالة نقدية إلى حساب جاري له في الخارج وبشكل سري مكتوم .
أما التبرعات النقدية والعينية التي يتبرع بها الخيرون بنية إيصالها للعوائل المتعففة التي سبق عرضها من على شاشة  التلفزيون بشكل توسلي مزري ، غير آبها ولا مهتما بالمعايير الشرعية التي تستوجب التصدق على ذوي الحاجة بشكل خفي ودون أن تدري اليد اليسرى بما قدمته اليد اليمنى ، فيتم استلامها من قبل شخص معين لهذا الغرض ، والذي يقوم بدوره إكمال النصف الآخر من المهزلة عن طريق استلام تلك التبرعات النقدية والعينية تحت اسم ( فاعل الخير ) وليس باسم الشخص المتبرع غالبا ، حتى ( تتيه الحسبة ) حسب المثل الشعبي الدارج ، فتصبح التبرعات بمجموعها قادمة من أشخاص ( فاعلين للخير ) أي مجهولي الهوية ، فلا يستطيع احد بعد ذلك محاسبتهم على الواردات والمخرجات من التبرعات ، أما الأشخاص الذين يطلبون عناوين تلك العوائل المتعففة لغرض إيصال معوناتهم وتبرعاتهم إليهم بأنفسهم ، فأنهم يصطدمون بممانعة المسؤولين عن البرنامج المقدم من التلفزيون عن إعطائهم عنوانيهم تحت ذرائع واهية ، طالبين منهم منحهم تلك التبرعات مباشرة حتى يقوموا هم بإيصالها إلى تلك العوائل المتعففة ، والحقيقة المرة غير ذلك تماما ، كونهم ينوون عن سابق قصد سئ للاستحواذ على تلك التبرعات وإيصال 01 % منها أحيانا إلى تلك العوائل التي تم استغلالها شر استغلال من اجل تحقيق أغراض نفعية غير مشروعة .
إن عدم وجود سلطة رقابية على هذه المنظمات ، تفتح الباب على مصراعيه أمامها بل وتدفعها وتشجعها لغرض القيام بمثل الأعمال الاستغلالية غير المشروعة للعوائل المتعففة ، لذا يتطلب من المسؤولين في مراكز القرار التركماني منع مثل هكذا منظمات من تحقيق أغراض نفعية ومكاسب مادية غير مشروعة تحت يافطة تقديم العون لذوي الاحتياجات الخاصة ، وفي حالة عدم منع هذا الإخطبوط  الخطير مما يقوم به من امتصاص دماء الناس عن طريق القيام بسرقتين في آن والحد ، ألا  وهي سرقة أموال الناس الخيرين المتبرعين ، وسرقة حقوق ذوي الحاجة الذين تم استغلالهم أبشع استغلال من اجل سرقة التبرعات المقدمة إليهم من الأشخاص الخيرين ، فانه سيتمادى في استغلال ذوي الحاجة من اجل امتصاص دماء الأناس الخيرين الذين يقدمون تبرعاتهم الخيرية دون أن يعلموا بأنها تذهب بالنتيجة إلى جيوب أولئك الطفيلين الانتهازيين المنتفعين .