كان في السابعة من عمره عندما اصطحبته والدته معها من القرية الصغيرة إلى قلب المدينة لاقتناء بعض الحاجيات، وهناك انتبه إلى طوابير من الناس تصطف أمام إحدى الصالات في انتظار الإذن لها بالدخول، سأل والدته: ماذا يوجد داخل تلك الصالة؟ أجابته: إنها صالة سينما وفيها تعرض الأفلام، طلب من والدته أن تمنحه فرصة اكتشاف ذلك العالم فرفضت، يقول: اقتنعت بشيء واحد في تلك اللحظة وهو أن من يتجهون إلى دخول الصالة، كانوا في منتهى البهجة، ربما لأن البهجة ذاتها موجودة بالداخل.
مرّ على هذا المشهد سبعون عاما، تحول خلالها ذلك الطفل إلى صانع البهجة الأول في الوطن العربي من خلال السينما والمسرح والتلفزيون، وإلى النجم العربي الأغلى على الإطلاق، واستطاع أن يحافظ على نجوميته لأكثر من 50 عاما، وأن يتحول من مجال دراسته الجامعية وهو علم الإنتاج النباتي، إلى عالم إنتاج السعادة، وإنتاج مفهوم القدرة ليس فقط على النجاح، وإنما على الاستمرار فيه، بالمحافظة على استمرارية الحلم: قوة الدفع الذاتي التي يحتاجها البشر جميعا، ويصل إلى مفاتيحها المحظوظون فقط.
اليوم يحتفل النجم عادل إمام بعيد ميلاده السابع والسبعين، محفوفا بأبنائه وأحفاده وأصدقائه وزملائه وبرصيد كبير من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات والتتويجات والذكريات الرائعة مع أجيال متعددة من أهل الفن والثقافة والإعلام والسياسة ونجوم المجتمع منذ بداية عقد الستينات من القرن الماضي، ومن حوله الكثير من الطاقة الإيجابية التي كانت وراء بقائه على أعلى هرم النجومية.
ورغم تلك الانتقادات التي عادة ما يتلقاها بصدر رحب من بعض النخبويين المتحذلقين، لا يزال الزعيم يحظى بحب الناس الذي يترجمه حصوله على أعلى أجر لبطل الدراما التلفزيونية هذا العام وهو 45 مليون جنيه مصري عن دوره في «مسلسل عفاريت عدلي علام» الذي وصلت تكلفته إلى 120 مليون جنيه، فشركات الإنتاج تنتج لتبيع للقنوات التلفزيونية التي تشتري العمل لتحصد الأرباح من خلال الحصول على أعلى نسبة المشاهدة العالية الضامنة لمداخيل كبيرة من الإعلان والرعاية.
قبل 70 عاما، قاده إحساسه الطفولي إلى اكتشاف البهجة عن بعد، قبل أن يخوضها من الداخل، وربما ما كان ليصبح صانع البهجة لو لم تستنفر فيه تلك الحادثة كل قدراته الخفية، وتحرك فيها طاقات الدفع الذاتي ليتحول إلى حالة استثنائية في مجاله، وإلى فنان تحتفل بلاده وأمته اليوم بعيد ميلاده السابع والسبعين وعيد نجوميته الخمسين.
عادل إمام: كل عام وأنت صانع السعادة وصانع البهجة.
نقلا عن العرب