17 نوفمبر، 2024 11:19 م
Search
Close this search box.

هيمنة اليهود التجارية أثناء الاِحتلال والإنتداب

هيمنة اليهود التجارية أثناء الاِحتلال والإنتداب

بعد أنْ تغلغل يهود الدونما في أوصال الإدارة العثمانية ، وشغل العديد منهم الوظائف المهمة في مفاصل الدولة العثمانية والتأثير على قرارات الباب العالي ، وجعلها في خدمة اليهود في آفاق الدولة العثمانية ، وقد شملت تلك القرارات تلك القرارات يهود العراق ، وخصتهم بحقوقٍ متساوية مع الجاليات الأجنبية التي تعيش في حياض ا لٌمبراطورية ، شأنهم شأن بقية رعايا الدول الأجنبية الأخرى ، أي تم إنتزاعهم ـ من دون وجه حق ـ من النسيج الإجتماعي لمكونات الإمبراطورية العثمانية جرّاء الضغوط الأروبية ،
    وترتب على هذ الإمتياز الخاص باليهود ، إلغاء ضريبة الجزية المفروضة وفق شرائع الدين الإسلامي ، وهي الضريبة التي كانت مفروضة عليهم ، علاوة على إعفاء اليهود من الخدمة العسكرية ، والضريبة الجماعية ، وتم ذلك في سياق ما يسمى بالإصلاحات التي إحتوتها القرارات التي صدرت تحت بند المرسوم الثاني المعروف [بخط همايون] في 18 شباط 1856 ، أي بما يسمى الإصلاحلت الدستورية ، وتكرر فيه التأكيد على حقوق المواطنة والمساواة في مجال الإلتحاق بالوظائف العامة ، وحرية العبادة ، وإنشاء المحاكم الخاصة بهم .
    تلك هي بدايات التغلغل اليهودي في أوضاع العراق الإقتصادية ، كون العراق كان تابعاً للإمبراطورية العثمانية آنذاك ، مما هيأ الظروف المناسبة للتحكم المطلق بإقتصاد العراق ، تعينهم على ذلك التوجه مجمع خبراتهم التاريخية في التجارة والإحتكار والغش والربا الذي تبيحه الشرائع اليهودية بحرية تصرفاتهم ضد “الأغيار” أي مَنْ هم من غير اليهود .
    وفي هذا النطاق يؤكد الباحث الدكتور السيد صباح عبد الرحمن في كتابه المخصص لدراسة الأوجه المختلفة للنشاط اليهودي الإقتصادي ليهود العراق ، في الصفحة 30 ، على ذلك التوجه العام ، بقوله : “وهذه الإصلاحات أعطت اليهود في العراق” الفرصة للسيطرة على “مختلف المجالات ، لاسميا في المجال الإقتصادي ، إذ إستطاعوا السيطرة على مجريات الحياة الإقتصادية بمختلف مجالاتها ، ففي المجال التجاري كانت لهم السيطرة شبه المطلقة على السوق المحلية في العراق” .
    وبتدبير محكم وتنسيق تام مع أبناء جلدتهم من اليهود ، وخصوصاً في مانشيستر البريطانية وكرمنشاة الإيرانية ، وغيرهما من المدن التي تواجد فيها اليهود وإحتلوا فيها مواقع إقتصادية مهمة ، تمكن اليهود العراقيين من إيجاد روابط مهمة مع الخارج بيسرٍ وسهولة عبر الإتصال بالوكلاء والبنوك المصرفية وتأسيس البنوك والشركات داخل العراق ، وغداة فتح قناة السويس عام 1869 شهد نموهم التجاري طفرات مهمة .
    إذ زاد عدد التجار من اليهود في بغداد جراء ما سبق ، وتوسعت نشاطاتهم في المجالات التجارية والإقتصادية المتاحة ، ومن الناحية الجغرافية فلقد غطت عملفيات إنتشارهم المدن العراقية الهامة ، مما وسع فرص الإستثمار المالي في الأسواق ، وتمكن قسم منهم من فتح شركات ومصاف أو إقامة وكالات عنهما في لندن ، العاصمة البريطانية ، التي كانت تتطلع لإقتطاع حصتها من تركة الرجل المريض ، تلك السياسية الأوربية المشهورة التي كانت شائعة آنذاك ، أو : أي تأسيس أو إقامة وكالات عنها ، في غيرها من المدن الأوربية أو العواصم ، وفي ذلك يقول يؤكد الدكتور صباح عبد الرحمن في كتابه الذي ذكرناه سابقاً : النشاط الإقتصادي ليهود العراق ، وعلى الصفحة 33 ما يلي ، “وكان يهود البصرة يحتكرون 95 % من الأعمال التجارية في البلاد منذ العام 1914 وحتى العام 1933” ، وكما يبدو فإنَّ كل ذلك يعني هو الهيمنة شبه المطلقة على الإقتصاد العراقي قرابة نصف قرن في حين أنَّ نسبة اليهود مقارنة بمجموع سكان العراق يشكلون ما نسبته 2 إلى 2,5 % فقط .
    بعبارة أخرى ، فإنه كلما إزداد ضُعف الإمبراطورية العثمانية ، إنعكس ذلك الضعف على اليهود فإزدادوا قوة في الوضع الإقتصادي والتجاري العراقي ، جرّاء الضغود الأوربية المفروضة على الإمبراطورية العثمانية على إعتبار أنها العجوز والرجل المريض وبالتالي يتم من خلالها “منح اليهود العراقيين الحقوق المتساوية” المعطاة لرعايا الدول الأجنبية من الأوربيين .
    وشكل ذلك الظرف الموضوعي الذي إتسمت به السيطرة المطلقة لليهود على الوضع الإقتصادي العراق ، لبروز أسماء وأسر يهودية لها شأن ومكانة في داخل العراق وخارجه ، بخصوص عالم التجارة في الاستيراد وشكل ذلك الظرف الموضوعي الذي إتسمت به السيطرة المطلقة لليهود على الوضع الإقتصادي العراق ، لبروز أسماء وأسر يهودية لها شأن ومكانة في داخل العراق وخارجه ، بخصوص عالم التجارة في الاستيراد والتصدير ، من قبيل عائلة شعشوع وقصرهم في مدينة الأعظمية ، الذي سيصبح مكان البلاط والمقر السكني للملك العراقي لاحقاً ، وكذلك عائلة دانيال ، وعائلة ساسون التي منها ينحدر ساسون حيسقيل أفندي الذي سيغدو أول وزير مالية في الحكومة العراقية الوليدة في الخـُمس الأول من القرن العشرين .
   وعند العودة إلى موضوع الهيمنة اليهودية على الإقتصاد العراقي ، قرابة القرن من الزمان ، على خلفية الوعي التجاري لمكونهم الإجتماعي ، كون االتجارة والمال حرفتهم الأساسية ، ولهم فيهما الباع الأطول في معرفة أسرار السوق العراقية ، وإدراك منافذ الإحتكار في العديد من القطاعات الإنتاجية العراقية على الصعيدين الزراعي والحيواني ، وقضايا العرض والطلب على مستوى البضائع المنتجة وإحتاجات السوق العالمية أو الداخلية لها ، بالإضافة إلى رعاية البريطانيين ودولتهم المتطورة الأولى من الناحية الإقتصادية والعسكرية في كل العالم ، من الناحية السياسية لهم .
    ولا ننكر حقهم المعرفي وحملهم لموروث تجاري طوال تاريخ إقامتهم في العراق ، وتبحرهم في الحرفة التجارية ، ومعرفة أسرار السوق ، وتشبعهم بالمقولة الإقتصادية الناجحة : “الربح القليل لتوفير الكثير” وجعلها مثالاً عمياً في وعيهم اليومي ، كما يتوهم البعض ، لكننا نحاول دراسة الظروف السياسية الدولية التي هيأت لهم العوامل الباعثة على النجاح في هذا المجال ، وتبيان دور الظرف الداخلي والأبعاد الخارجية ، على الصعيدين السياسي والإجتماعي ،التي جعلتهم يسيطرون على ما نسبته الـ 95 % أي السيطرة المطلقة على كامل إقتصاد البلد تقريباً ، في حين أنَّ نسبتهم السكانية لا تتجاوو 2 ، إلى 2,5 ، إذ أنَّ هذه الحصيلة لا يمكن تحقيقها بالإعتماد على العوامل الذاتية البحتة ، ولا تحصل في الواقع الملموس حتى جرّاء عوامل تصادف الصدف أو هبوط الرزق من السماء بقدرة قادر ، فقوانين الأوضاع الإقتصادية لها مشيئتها الكبرى .
    لكن كل ذلك تحقق عند اليهود كونهم يمتلكون أساليب ملتوية ويتبعون طرق مواربة ، وتقديم الخدمات المختلفة لدولة القرار الأساسي على الصعيد الدولي ، ويتمتعون بمميزات الضغوط الدولية التي مورست على ما سمي بالرجل المريض لغايات أوربية معلومة علي الصعيدين السياسي والإقتصادي ، وفي ذلك يؤكد الأستاذ البحاثة حنا بطاطو في كتابه عن الطبقات والحركات الثورية في العراق ، وفي الجزء الأول على وجه التحديد ، ص 284 ، على التالي : “كتب المفوض المدني البريطاني في بغداد في العام 1918 . لقد وجهت عنايتي دوماً إلى القيام بدعم النشاط للجماعة اليهودية وزودتهم بإمكانية ثمينة ذات قيمة سياسية كبيرة ، وفعلت ما بإستطاعتي لكي أظهر لهم ثمرة نوايانا في هذه البلاد كونها ستكون لذيذة المذاق ومفيدة لهم .
وتكشف وقائع العقد الثاني من القرن العشرين ، مدى حجم ذلك الدعم ونوع الرعاية البريطانية المستعمرة للعراق آنذاك ، طبيعة الهيمنة اليهودية المطلقة على الوضع الإقتصادي العراقي عبر السيطرة شبه المطلقة على الغرفة التجارية العراقية في العاصمة بغداد ، وفي المحافظات العراقية الأخرى ، إذ شهد العام 1926 عملية إنتخاب الغرفة التجارية في العاصمة العراقية ، حيث تم إنتخاب 14 عضواً خلال المرحلة التي ساد فيها المستعمرون البريطانيون على العراق ، كان عدد اليهود فيهم تسعة أعضاء ، فلا غرابة إذن أن تشهد تلك السنوات من ذلك العقد ظواهر مقترنة بالعبث العشوائي والتخريب اليهودي لإقتصاد العراق ، فيما يشير الباحث الكاتب الدكتور صباح عبد الرحمن في كتابه المذكورويؤكد السيد الدكتور محمد سلمان حسن ذلك التوجه أيضاً ، في كتابه الهام الذي يبحث الوضع الإقتصادي العراقي خلال قرن كامل تقريباً ، والمعنون بالتطورات الإقتصادية في العراق ، وعلى الصفحة 254 من خلال المقارنة ما بين مؤشرات حالات التصدير والإستيراد ليستخلص التالي ، بوجود “عدم التناسب بين ظاهرتي الإستيراد والتصدير ، والسبب في ذلك ، كما يؤكد الدكتور سلمان ، يعود إلى الأعضاء اليهود في الهيئة الإدارية للغرف التجارية ، الذين شجعوا الإستيراد على حساب التصدير وأغرقوا الأسواق العراقية بالمواد الكمالية والمصنـَّعة الجاهزة التي لا تخدم تطور الصناعة العراقية في أيٍ من المجالات الممكنة آنذاك ، ويبين الجدول التالي نسب والواردات والصادارات في العراق ما قبل الحرب العالمية الثانية في العقد الرابع من القرن العشرين :
95%   من ورادات العراق بيد اليهود .
90%   من العقود العراقية بيد اليهود .
10%   من الصادرات العراقية بيد اليهود .
وعلى ضوء هذا التباين الحاد في النسب نتبين الطبيعة التجارية العراقية وتحكم اليهود فيها ، وهم الأكثر تبعية للدولة المستعمرة للعراق ، ما يسمى ببريطانيا العظمى ، للدرجة التي طالبوا فيها المندوب البريطاني السامي بالسماح لهم لكي يكونوا رعاية بريطانيين يحظون بالرعاية التامة ، وفي ظل هذا العبث في أوضاع العراق الإقتصادية والتخريب المقصود به إلحاق الضرر في العراق ، وهو الأمر الذي عزز الشكوك في التوجه المضاد في طبيعة “المواطنة اليهودية العراقية” ، خاصة عندما نعلم أنَّ المساهمة المالية اليهودية في عملية دعم المنظمات الصهيونية العالمية كان في المرتبة الرابعة في نسب المتبرعين لتلك المنظمات في العام 1921 ، وذلك بعد كلٍ من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانية والصين ” ، وفقاً للمعلومات التي ذكرها كتاب الدكتور صباح عبد الرحمن المعنون النشاط الإقتصادي ليهود العراق ، ص 215 أعلاه ، وعلى الصفحة 84 التالي : “لقد كان الميزان التجاري العراقي يعاني من خللٍ وعجز كبير في المرحلة المحصورة بين أعوام 1920 إلى أعوام 1952 ” ، عندما تم تأسيس مجلس الإعمار وتعديل الأسعار في المجالات النفطية المجحفة بحق العراق ، وذلك بسبب التوجه الإقتصادي لليهود وإهتمامه بالإستيراد ، إذ كانت أغلبية المواد المستوردة هي مواد إستهلاكية وكمالية تدر الربح السريع .
ويؤكد السيد الدكتور محمد سلمان حسن ذلك التوجه أيضاً ، في كتابه الهام الذي يبحث الوضع الإقتصادي العراقي خلال قرن كامل تقريباً ، والمعنون بالتطورات الإقتصادية في العراق ، وعلى الصفحة 254 من خلال المقارنة ما بين مؤشرات حالات التصدير والإستيراد ليستخلص التالي ، بوجود “عدم التناسب بين ظاهرتي الإستيراد والتصدير ، والسبب في ذلك ، كما يؤكد الدكتور سلمان ، يعود إلى الأعضاء اليهود في الهيئة الإدارية للغرف التجارية ، الذين شجعوا الإستيراد على حساب التصدير وأغرقوا الأسواق العراقية بالمواد الكمالية والمصنـَّعة الجاهزة التي لا تخدم تطور الصناعة العراقية في أيٍ من المجالات الممكنة آنذاك ، ويبين الجدول التالي نسب والواردات والصادارات في العراق ما قبل الحرب العالمية الثانية في العقد الرابع من القرن العشرين :
95%  من ورادات العراق بيد اليهود .
90%   من العقود العراقية بيد اليهود .
10%   من الصادرات العراقية بيد اليهود .
وعلى ضوء هذا التباين الحاد في النسب نتبين الطبيعة التجارية العراقية وتحكم اليهود فيها ، وهم الأكثر تبعية للدولة المستعمرة للعراق ، ما يسمى ببريطانيا العظمى ، للدرجة التي طالبوا فيها المندوب البريطاني السامي بالسماح لهم لكي يكونوا رعاية بريطانيين يحظون بالرعاية التامة ، وفي ظل هذا العبث في أوضاع العراق الإقتصادية والتخريب المقصود به إلحاق الضرر في العراق ، وهو الأمر الذي عزز الشكوك في التوجه المضاد في طبيعة “المواطنة اليهودية العراقية” ، خاصة عندما نعلم أنَّ المساهمة المالية اليهودية في عملية دعم المنظمات الصهيونية العالمية كان في المرتبة الرابعة في نسب المتبرعين لتلك المنظمات في العام 1921 ، وذلك بعد كلٍ من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانية والصين ” ، وفقاً للمعلومات التي ذكرها كتاب الدكتور صباح عبد الرحمن المعنون النشاط الإقتصادي ليهود العراق ، ص 215  .

أحدث المقالات