منذ أن شبت النار في جسد الشهيد محمد البوعزيزي ,وشبت معه نيران الثورة والاحتجاج في أرجاء الوطن العربي وبدرجات متفاوتة ,برز معها وإياها دورا موازيا أعد وجند له مايمكنه من أن يبلغ مداه على نحو مغاير بالمطلق لما أعتمرت به قلوب الجماهير العربية من أحلام وتطلعات تتمحور حول قيام الدولة القانونية الحديثة ,وترجمات مفهوم هذه الدولة من تمتع مواطنيها بالحرية وسيادة قيم العدالة والازدهار بكل معانيه.
نعم لقد اختطف ماأطلق عليه ب(الربيع العربي)وحرف مساره,بل إن مركزية حرفه ظهرت جليا على الساحة السورية,وهي التي طفقت جائزة هذا الربيع الأسود,لما أظهرته وبشكل جلي فوضى هذا التحرك في جل الساحات العربية, وبالذات في سوريا,فبعد أن بدأت في درعا ثمة احتجاجات ومع الأسف لم تعالج إلا بالأسلوب الذي اعتادت أن تعالج به هذه الأنظمة مثل هذه الحالات ,والتي مالبثت واستغلت من قبل قوى الظلام والتآمر المتحفزة أصلا ,وبالذات وأولا كانت من أردن وادي عربه والمتخمة موساديا,ومن ثم امتدت في الهشيم لتجد ضالتها في محاور التهميش والبطالة والتي وظفت آثاره لتتحول إلى وقودا لتلك النار .
إن من الموضوعية بمكان أن نضع أيدينا على هذا الجرح لنعرف حجمه وسعته لكي نعالجه أولا بما نقوله عنه,مشخصين أبعاده ومداه,فلم يفلح وينجح ذلك المتربص إلا من استثماره لجسر الفساد التي كانت طريقه ممهدة للعبور إلى ضفتنا ,
هذا الفساد وبكل مروحية آثاره ,كانت قد رصدت بعض جوانبه في المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي في دمشق من عام 2005, إلا أن بعض من شارك في رصده وتشخيصه كان يمثل عامل إعاقة جدية للحيلولة دون معالجته.
وبعدما حصل الذي حصل ,بادرت قيادة الدولة وبشخص الرئيس بشار الأسد وباشرت في وضع اللوائح والقوانين الإصلاحية,ومن ثم تحويلها إلى اجراءات على الأرض ,شهدت سوريا البعض من تطبيقاتها ,وكأنها تشهد قيام الجمهورية الثالثة ,والتي لابد أن تقوم لكي يبلغ الدور والموقف السوري المتميز مداه الحقيقي .
ليس فقط لتعزيز وصيانة الدولة السورية ,بل لبلوغ هذا الدور مكانته ,ليغدو نموذجا نحن بحاجة إليه حقا لتوسيع دائرة المواجهة والمقاومة والتي اضطلعت وبشرف سوريا القيام به وقيادته ,وليتحول هذا القطر إلى (القطر القاعدة)فعلا لا قولا.
لم يكن الذي جرى ويجري وبهذه الفاعلية المؤتمتة ,لولا أن قوى (العالم الحر) من واشنطن إلى تل أبيب مرورا بكل شركات النفط في الخليج والتي تسمى مجازا دولا ,هذه القوى التي تحركت وحركت معها جل دول العالم بمنظماته وهيئاته ,بل وحتى بجماهيره ,وهنا لابد لنا من أن نتوقف هنيهة ونتأمل تمحيصا ,بما تشهده هذه الجزئية من العالم , وهي سوريا ,من حركة التفاف واستهداف خرج من أدراج التآمر إلى العلن ,وزد على ذلك وهنا, يحق لنا أن نسأل وببساطة هل إن من المعقول أن الولايات المتحدة الأمريكية تحمل اليوم لواءا للحرية ويشاركها في حمله(إسرائيل) و(دول)الأمراء والملوك العرب .
إن الأزمة التي مرت وتمر بهذا القطر الصامد ,لابد لها من أن تنحسر أولا ,ومن ثم توأد,ليس اعتمادا فقط على عامل الردع الأمني والعسكري اللازمين والضروريين فحسب ,وإنما بعد أن تأخذ اللوائح والقوانين الإصلاحية بعدها التطبيقي (مزنرة)بالتفاف السواد الأعظم من الجماهير في هذا البلد حول قيادة الرئيس بشار الأسد ,والمساندة الإقليمية التي تتمتع بها سوريا من القوى الأكثر وعيا والأشد حرصا وبالذات في لبنان ,عبورا إلى الموقف الإيراني المتميز ,وصولا إلى الموقف الشجاع الذي تضطلعان القيام به كل من روسيا والصين .
وليعلم القاصي والداني في هذه الدنيا ,بأن هذا النصر هو صبر ساعة.
وان غدا لناظره قريب …