22 نوفمبر، 2024 6:58 ص
Search
Close this search box.

من سمات ألحكومات الفاشلة,البطالة المقنعة والوظائف الوهمية

من سمات ألحكومات الفاشلة,البطالة المقنعة والوظائف الوهمية

تنشأ البطالة المقنعة نتيجة لفشل الحكومة في وضع الخطط الاقتصادية التنموية وعجزها عن خلق فرص عمل حقيقية قادرة على امتصاص (البطالة الصريحة) في المجتمع, فتعمد إلى زجهم في دوائر الدولة دون الحاجة إليهم أو في ابتداع وظائف وهمية لأهداف سياسية وخداع الرأي العام بانجازات وهمية زائفة, فالفشل في خلق فرص عمل حقيقية للعاطلين قادها إلى فشل آخر تمثل بترسيخ البطالة المقنعة, وهي الأخرى تعني فشلا ذريعا أسوأ من سابقه, لما لها من انعكاسات سلبية كبيرة في زيادة الإنفاق الحكومي وفي تحميل الموازنة العامة لأعباء مالية كبيرة هي في غنى عنها لو إنها درست أسباب تفشي البطالة وحدت من تفاقمها, وكنتيجة حتمية لوجود كادر يفوق الحاجة الفعلية فان ذلك يؤدي إلى نشوء التسيب الوظيفي والإهمال والاتكالية والتسرب من الدوام وتتحول الدوائر العامة إلى أشبه ماتكون بالنوادي الاجتماعية أو المنتديات  ويكون الفساد الإداري دوما مرادفا للبطالة المقنعة.

ويعاني العراق من هذه المشكلة وتفاقمها, فتعطيل المشاريع الصناعية العامة والتي تتميز بكثرة الأيدي العاملة فيها بذريعة الخصخصة قد أخرجهم من الخدمة الفعلية وتحولهم من طاقة منتجة إلى بطالة مقنعة وعمالة ناقصة تستنزف موارد الدولة بدلا من أن تكون سببا لزيادتها, كما إن إهمال القطاع الصناعي الخاص والصناعات الحرفية والمتكونة من المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر شريان الاقتصاد الوطني وتهميش دورها وما لها من دور فاعل في امتصاص حجم البطالة وإخراجها من الخدمة لصالح المنتج الأجنبي ذو السلعة الرديئة,  قد جعل هذا القطاع طاردا للأيدي العاملة بدلا من استقطابها والى غلق الآلاف من هذه المشاريع لأبوابها وإفلاسها, بالإضافة إلى القطاع الزراعي الذي عانى الإهمال من الدولة والفلاح على حد سواء ولينشأ جيش من العاطلين مابين مكشوف ومقنع.

إن استمرار ضياع فرص العمل الحقيقية والتوجه نحو القطاع العام قد جعل البطالة المقنعة تشكل نسب عالية ومخيفة للعارفين بشؤون الاقتصاد تبلغ (70%) من حجم القوى العاملة في القطاع العام ولتشكل أعلى نسبة في العالم, فعلى سبيل المثال, إن حجم العمالة العالمي لإنتاج الطاقة الكهربائية يبلغ (3000 عامل/1000 ميغا واط) إلا إن وزارة الكهرباء وعلى ضوء إنتاجها وفي أحسن الظروف قد يبلغ (6500) ميغا واط, فيكون ما تحتاجه من الأيدي العاملة يجب أن لا يزيد عن (19500) عامل, لكن الواقع يشير إلى وجود (100) ألف عامل فيها وفي وزارة يتقاضى منتسبيها أعلى الرواتب ما بين إقرانهم من موظفي القطاع العام, وهذا يقودنا للبحث عن تكاليف البطالة المقنعة واحتسابها لنكشف حجم المشكلة الحقيقي, فإذا كان حجم العمالة في القطاع العام يزيد على الثلاثة ملايين عامل, وحجم العمالة الزائدة فيه يبلغ أكثر من (70%) أي ما يعادل (2,1) مليون عامل وبمعدل أجور يبلغ (500$) شهريا فان ما تستنزفه البطالة المقنعة من رواتب يبلغ (12,6) مليار دولار سنويا, وإذا ما أضفنا بقية المصاريف التشغيلية الثابتة الأخرى فان ذلك يعني إنها لا تقل عن (20) مليار دولار سنويا, وهذه كارثة اقتصادية بحق كان من الممكن استخدام هذه الأموال الطائلة في عمليات التنمية وخلق فرص عمل حقيقية ومعالجة مشكلة البطالة وهي في طور النشوء بدلا من إهمالها ولتغرق الحكومة نفسها في مشاكل اقتصادية غير محسوبة العواقب, ثم تمتد يدها الى الدعم المخصص للطبقات الفقيرة لارتفاع موازناتها التشغيلية وحتى قبل أن تضع خططها لمكافحة الفقر والحرمان ونظاما فعالا لبرامج العمل الاجتماعي الداعم لهذه الطبقات, لذا فان من الضروري معالجة البطالة المقنعة ووضع الحلول الناجعة لها وتحويلها إلى أيدي مدرة للدخل من خلال الحلول التالية:

1- تفعيل دور القطاع الخاص (الصناعي والزراعي) وحمايته من المنافسة الغير عادلة التي أخرجته من الخدمة الفعلية لصالح الإنتاج المستورد الرديء وتفعيل القوانين الاقتصادية المعطلة, ليعود مستقطبا للأيدي العاملة ويوفر فرص عمل إضافية للذين سيتم التخلي عنهم من القطاع العام لتخفيف العبء عن الموازنة العامة.

2- خلق فرص عمل حقيقية في القطاع العام من خلال تشغيل المشاريع الإنتاجية المتوقفة وتوسيعها وإنشاء أخرى جديدة قادرة على رفع مستوى الناتج القومي (صناعية- زراعية- سياحة وفندقه) لما لهذه المشاريع من قدرة كبيرة على استيعاب البطالة المقنعة التي يمكن المناورة بهم بين هذه المشاريع.

3- تشديد العقوبات الإدارية الرادعة كالطرد والإقالة والفصل من الوظيفة بحق الفاسدين والمفسدين ومن الذين شغلوا مناصبهم دون استحقاق كالمزورين ومدعوا الفصل السياسي وتطهير دوائر الدولة منهم والتخلص من أعباءهم المالية وفسادهم.

4- خفض السن التقاعدي, للتقليل من حجم البطالة المقنعة.

5- إبعاد إدارات الدوائر العامة عن المحاصصة الحزبية, وإسنادها إلى أشخاص أكفاء من التكنوقراط, والتي أصبح تبوء المناصب فيها نوعا من التكريم ودون أعمال تنجز, وترتبط بهم مجموعة كبيرة من الوظائف الوهمية والمقنعة (كالمستشارين والخبراء والحمايات وغيرها من المناصب) التي ارتبط وجودها بوجود هؤلاء المسؤولين.

أحدث المقالات