اتحاد أدباء العراق يولدُ وطناً من الأصالة والذكريات.
تشير اللغة إلى أن ( أيّار ) يعني الضوءَ والنور، وقد يعني الزهر. إلا أن الثابت في قلوب المحبين هو ( أيّار ) الذي يعني كليهما. فما كان للنور والزهر إلا أن يجتمعا في السابع من أيّار عام 1959 لينطلق اتحاد الأدباء العراقيين.
وعلى مدى السنوات الممتلئة بالشمس، واصل الأدباء مساعيهم العبقة بالحياة، فأبناء الجواهري والطاهر وصلاح خالص والسياب ونازك والمخزومي بيادر ذهب في حقلٍ مذاقه نجمةٌ لا تعرف النوم.
فحين نقول: اتحاد الأدباء.. سنعني بالتأكيد زوارق الربيع المكتسية بالغمام، وسنعني كل رجفة حبيب أمام حبيبته وهو يسرق الصور من قصائد نابضة، ونعني الملتقى، والجداول التي لا تعرف التوقف، والتضاريس البيض لمهجةٍ هتفت وغنّت واحتفلت بالوجود.
وسنعني بالتأكيد.. كلّ الوطن…
الوطن الذي تصوغه الأقلام، وتعمّره الأفكار، وتلوّنه الذكريات الباقية.
الوطن الذي آمن به الأدباء ليكون دينَهم وديدنَهم، وضوءَهم وضوعَهم، وبَردَهم و بُردَهم.
الوطن الذي قد يهتزّ بفعل الساسة الطارئين، إلا أن مشاعل الحاملين أنينَ شعبِهم، تظل أمانةً تثبّتُ أطرافه في عيون طفل يتفتح توّاً.
-هل كبر الاتحاد..؟
-لا شكَّ .. نعم ..
فالسنوات الثماني والخمسون له تركت تجاعيدَها لتعلن الحكمةَ في كلِّ جرّة كحل على جبينه الندي. والتباشيرُ الدائمةُ بتطوره تناغي -كلَّ ثانيةٍ- موسماً جديداً من النبوغ. والتصاويرُ المزوّقةُ بالأسود والأبيض مازالت ترفل بأناسٍ تحيا بالألوان.
فيا أيُّها الاتحاد التاريخ…
حسبُكَ أنك مازلتَ دائم الخضرة في خريف الأفول…
وحسبكَ أنك استحليتَ ثباتكَ في زمن الخطوة المتزلّقة نحو العطايا…
وحسبكَ أنك صنعت الموقف في حين تلوّن آخرون…
وحسبكَ أنك تسيرُ وحدكَ فخطوتك تعني كل البلاد…
وحسبكَ أنك ( أنتَ ) .. تشدّ عزمكَ بازغاً من عيون قصائد الجواهري ( المحرّقة ).
وحسبكَ ( أنّكَ باقٍ وأعمارُ الطغاة قصارُ ) إذ ( كم هزَّ دوحكَ من قزمٍ يطاولُه..فلم ينلهُ ولم تقصر ولم يَطُلِ ).
وحسبكَ أنك ستظلُّ… فالأدبُ عاصمُكَ وعاصمتُكَ..
ومن كانت مدنُه من الكلمات الحرّة لن يخشى كلّ شيء.
فألف .. ألف مبارك أيُّها الصادحُ الجامحُ الحرُّ الأصيل.
والسلام عليك أيُّها السلام الأكبر.