لعل افضل ماتوصلت اليه انظمة الحكم الديمقراطية المعاصرة لتعزيز وجودها وارساء وترسيخ قواعد الديمقراطية وضمان حقوق الشعب هو اقامة البرلمانات القوية الممثلة لجماهيرها والمشرعة للقوانين التي تخدم المصالح الوطنية العليا وتحقق متطلبات الشعب .لاشك ان مجالس النواب او مجالس الشعب او البرلمانات – وغيرها من المسميات حسب ما تصطلح عليه الشعوب والدول بما تعارفت عليه او ورثته عبر تأريخها الطويل في الحكم ونظم ادارة الدولة – لاشك انها تحظى باحترام الشعب اولا كون اعضاؤها جاؤا عبر تصويت واختيار شعبي وبالتالي وبالتالي فهم صوت الشعب وممثلو ارادته ، وهم السلطة التشريعية النافذة في تركيبة الدولة وهيكلية الحكومة ثانيا . تلعب مجالس النواب دورا اكبر في النظم التي تختار النظام البرلماني في ادارة دفة الحكم وتسيير امور الدولة ، كما ان دورها في النظم الرئاسية لايقل اهمية وخطورة .
مجلس النواب العراقي ليس بدعا من هذه المجالس مع انه كان شكليا وكارتونيا شأنه شأن مجالس النواب العربية ، اعضاؤه تعينهم الحكومة وتحديدا الملك اوالرئيس، يتحول الى ديكور امام الرأي العام العالمي ومنظمات حقوق الانسان .الاّ انه صار – بفضل عملية التغيير الديمقراطي وازاحة الدكتاتورية عن صدور العراقيين – صار من افضل برلمانات منطقة الشرق الاوسط وافضل برلمان عربي منتخب حر يتمتع بصلاحيات تشريعية لم تتوفر لغيره من البرلمانات العربية .وحتى يحتفظ بهذه الخصوصية توجب على الحكومة احترام ارادة الشعب متجسدة بممثليه اعضاء مجلس النواب واحترام ما اقره الدستور من صلاحيات لهذا المجلس ، بالمقابل يتوجب على البرلمان رئاسة واعضاءا تحمل مسوؤلياتهم تجاه شعبهم ووطنهم والتزامهم بسلوك واخلاقيات العمل ومراقبة حساسية مواقفهم مع السلطتين التنفيذية والقضائية .
مالاحظه المراقبون للشأن العراقي وسجله العراقيون البسطاء قبل السياسيين واهل الاختصاص سعة الفجوة بين الحكومة والبرلمان : القاء متبادل للتهم ، تخوين ، عرقلة ، خلافات ، اعتراضات ، تعطيل قوانين ومشاريع وقرارات ، مطالبات باستجواب و سحب ثقة متبادلة ايضا .
من الطبيعي ان تلحق مثل هذه المواقف اساءة بالغة بمجلس النواب وتضعف دوره فضلا عن الاساءات التي الحقت به نتيجة ظهور بعض دعاة الارهاب بين صفوفه وكذلك بعض المزورين ،ناهيك عن التغيب المستمر لبعض اعضائه وتواجد بعضهم في دول الجوار واطلاقهم التصريحات المتناقضة واصطفاف بعضهم مع المواقف المشبوهة .
ومن الطبيعي ان مثل هذه الامور تزري باية مؤسسة ومهما كانت اهميتها وعظمتها .