لم يكن عبثا ولا بطرا إن تقيم الدولة احتفالات عيد الصحافة في بغداد وتنفق أموالا طائلة وتستقدم رؤساء مؤسسات وساسة وكتاب وأدباء وفنانون وان تشعل أجواء بغداد بالألعاب النارية وتمطر طائرات القوة الجوية ألاف من علب الحلوى والهدايا على المحتفلين في حدائق الزوراء . والذين ماجت واحتشدت بهم الشوارع والساحات لساعات متأخرة من الليل.كان لهذا الحدث رسالة مهمة وواضحة وهي إن بغداد أمنة وواحة للسلامة والطمائنينة .وأصبحت قبلة ومكانا لطقوس الألفة والمحبة والسلم الاجتماعي بعد إن أراد الإرهاب والظلاميون إن يحولوها إلى مدينة أشباح ومأوى للجثث وخفافيش الليل .
تلك الرسالة الواضحة الجليلة للعالم من إن بهجة وألق بغداد قد عاد مع ما رافقته من اجرءات خففت من عسكرة الشارع من اختزال السيطرات ورفع الحواجز والصبات الكونكرتية وإخفاء المظاهر التي جعلت من شوارع بغداد الحبيبة ساحة من سوح المعارك أو مكان منكوب سقيم تائه الروح يستبشعه الناظر . رسالة تلقفها المستثمرون وأصحاب الأموال ومن يريد إن يساعد في بناء العراق فشهدت بغداد توافد عشرات الوفود التجارية واستقدام الممثليات الدبلوماسية وحضور العديد من الوفود السياحية.
على عكس مايجري في بغداد. تجري الرياح هنا وبشكل عكسي لما تجاهد به الحكومة المركزية وتستقتل من اجله الماكنة الإعلامية والصحفية الوطنية النزيهة الشريفة من رسم صوره مشرقه وضاءة للعراق الجديد بمدنه وقصابته فها قد تحولت مدينة الناصرية ومنذ أيام إلى سوح من سوح معارك تذكرنا بمعارك أبو (هدلة )خائبة الذكر!! فقطعت أوصال المدينة وانتشرت السيارات الحربية السوداء والخاكية والبيضاء والزرقاء وأقفلت الشوارع الفرعية وعطلت مصالح البلاد والعباد.وتحولت المدينة إلى ستالين غراد أيام حصارها أو إلى لندن أيام حريقها . ولن ترى فيها إلا شرطة مقنعي الأوجه ويحملون عدة التدخل السريع و معدات الحرب الكونية وعشرات الحواجز والعوارض التي أحالت المدينة إلى جسد مقطع الأوصال مهشم الملامح واختنقت شوارعها الضيقة القليلة بآلاف السيارات التي أحالت الوضع إلى أرضيه خصبه وصيد سهل لاستهدافها من قبل قوى الشر والظلام .والأدهى إن تظهر هذه الملامح فقط في مركز المدينة وشارعها (ألحبوبي ) وكان الناس هنا هم من العنصر الذهبي أو من النخبة فيما بقية المناطق فهم عراقيون ( من درجات ادني ومن سلالات أخرى ) .
والأغرب إن تجد عشرات البسطات والعربات في شارع ألحبوبي يتزاحم المارة عليها بالمئات وتعتبرا صيدا سهلا ومنطقة للقتل بالأحزمة الناسفة أو العبوات اللاصقة والتي قد تنقل بأكياس أو حقائب الإرهاب (لاسامح الله) وإمام الدوريات والحواجز الأمنية و التي تتفرج عليها وبدون اكتراث ولن تحرك ساكنا .
,,, فأنت أين ما تحل يصادفك رتلا بترنيمته المشهورة (واط ويط واط ) وأين ما تستقر يفزعك زعيق الرجال المكممين.وحملة الرشاشات والهراوات والسكاكين . فماذا اعد ومما أحصي والناصرية …. كلها شرطة في شرطة … أين ماتحل تطاردك الهمرات والزعيق وصوت الصافرات ..وأنت جالس في مقهى تسمع( الويط واط وووط) وأنت جالس في حديقة تسمع ذلك وأنت تسير في شارع يرعبك( الويط واط وووط )وحتى وأنت في بيتك لاتسلم من إزعاج الصفير وزئير (الويط واط ويط) …. فالناصرية اليوم لايمكن أن تكون هي الناصرية التي تغنى بها الشعراء والمطربين وزارها الرحالة والعاشقين…. ناصرية الحب والوئام والسلام……. ناصرية المحبين وكهف المجاهدين.. اليوم فقدت جمالها وعفتها وزينتها فالفرات الذي يضفي عليها الرونق والكبرياء والزهو والخيلاء ماعاد هذا النهر كما كان فها قد اختنق جنبيه بمئات السيارات التي لوثت صفاء مياهه عوادمها وشق سكون ضفافه زعيق أبواقها …. فمتى تعود الناصرية إلى زمان عرسها ونحتفي جميعا بزفتها وهي مخضبة بحناء فرحتنا بإزالة مظاهر التسلح والعسكرة ..؟ ومتى تقام حملة شاملة لرفع الحواجز الكونكريتية والعوارض الحديدية عن جسدها المنهك..؟ ومتى تنخفض أعداد أرتال الشرطة وأفواج الطوارئ ومتى يتنفس ألحبوبي شهيقا ملء رئتيه متى نعيش في مدينتنا دون زعيق ودون تهديد ولا نذارات ولا تحسبات …؟؟
متى نتخلص من(( الويط واط ووط )) وتطمئننا شرطتنا الوطنية أننا بخير ومدينتنا بخير . رغم محبتنا ومودتنا لهم وهم يواصلون الليل والنهار بأداء واجباتهم والتي يستحقون قبلة على جبين كل واحد منهم و تقديرنا لدورهم الوطني وجهدهم المخلص في الذود عن أرواح وممتلكات المواطنين . ولكن بوسائل علمية عصرية تواكب الحضارة والمدنية وباستخدام تكنولوجيا الكشف والمراقبة وتفعيل دور المعلومة الأمنية الصحيحة وتفعيل الضربات الاستباقيه لجحور الإرهاب والجريمة. لا باستخدام لوجستية( حرب البسوس) وخطط (الزير سالم) بإجلاء السكان وقطع الطرق والمواصلات والعوارض والحواجز .
وان استمر الحال كما هو فالبشرى لكم بان لا مستثمر يقدم ولا زائر يزور و لا سائح يحل إلى الناصرية ، لأن هذا المستثمر أو الزائر سيعود إلى بلده ويقول وجدت ذي قار عبارة عن ثكنة عسكريه وساحة حرب وميدان للرمي والمصفحات لا أكثر لأنه لم يلمس سوى شرطة وطوارى ووجوه واجمة مترقبة ومواطن مبتلي يائس بائس وأصوات( الويط واط ووويط ) فهذه هي ألان الناصرية ..!!!