تثبت تجرية الشعب الايراني والكيانات السياسية الايرانية على مدى 38 عاما حقيقة أن النظام الاسلامي المتطرف الحاكم في ايران تخالف طبيعته، روح الديمقراطية والحضارة البشرية. رغم مضي 11 دورة انتخابية وهي في واقع الأمر مهزلة فقد ظل خروج وجه معتدل واصلاحي ووسطي من داخل النظام سرابا. أي من المرشحين عندما وصل الى كرسي الرئاسة فلم يستطع تحسين الوضع المعيشي للمواطنين ولم يغير مصيرهم كونه مطيعا لولاية الفقيه ودستوره ولذلك دوره ليس الا دور آلة لمزيد من أعمال القمع واراقة الدماء على يد هذا النظام.
ولهذا السبب بالضبط نرى الآن وعشية اقامة دورة جديدة من المسرحية المزمع عقدها في الاسابيع المقبلة، آن قادة النظام قد استولى عليهم الخوف أكثر من أي وقت آخر من عامل الانتفاضة وغليان الحركة الجماهيرية. وهذا ما أبداه أزلام النظام رسميا أكثر من مرة وحذروا بعضهم بعضا من ذلك ووضعوا من الآن قواتهم في حالة التأهب.
خوف سلطات النظام من هكذا انتفاضة يمكن لمسه جيدا في آخر تصريحات جهانغيري النائب الأول لحسن روحاني وهو مرشح لمسرحية الانتخابات حيث قال في مقابلة مع اذاعة حكومية يوم الاربعاء 26 ابريل: «أمامنا انتخابات كبيرة ومصيرية والبلد يعيش حالة حساسة من حيث السياسة الخارجية وكذلك الوضع العالمي والوضع الاقليمي الذي يمر بنا. اننا نمر بمنعطف تاريخي وأمامنا فرص نادرة وسط احتدام مسائل ومضايقات وتهديدات مختلفة تحيطنا».
«المنعطف التاريخي» المشار اليه من قبل هذا المسؤول في النظام هو ترجمة عبارة «الاسقاط» التي لمسها لمس اليد كل أجنحة النظام. انهم يدركون جيدا ولم يخفوا ذلك وأعلنوا جهارا أن الخطر الرئيسي هو الشعب والمقاومة الايرانية التي تمهدت الظروف الدولية والداخلية لدخولهما من كل حيث.
ولكن دعونا لنلقي نظرة الى الحقائق على الأرض قبل اقامة مهزلة الملالي باسم الانتخابات:
الحقيقة الأولى لهذه الدورة من مسرحية الانتخابات هي أن النظام لم يكن لديه مرشح ليست يده ملطخة بدماء أبناء الشعب الايراني حتى يستطيع أن يعرضه في واجهة دكان الانتخابات. لأن هذا النظام ليس نظام «محروق» فقط بل يعتبر رجاله محروقين أيضا من قبل الشعب. كون سجل هذا النظام وبكل أجنحته وزمره الداخلية هو أسود قاتم ويمكن اعتباره من علامات فارقة لبدء نهاية النظام! وبلغ السيل الزبى داخل النظام حيث لا يتحملون حتى رجلا مثل محمود احمدي نجاد!
الحقيقة الأخرى في هذه الدورة، والتي تظهر تزامنا مع الانتصارات المتزايدة للمقاومة على الصعيد الدولي، هي نشاطات واسعة لقوى وجماهير مجاهدي خلق داخل ايران حيث أثاروا في جو مشحون بالغضب والكراهية لدى الشارع الايراني من الوضع السياسي والاقتصادي والأمني للبلاد، طاقة في المجتمع جعلت النظام في حالة تدافعية خشية اندلاع شرارة تحرق خيمه النظام برمته بحيث يفقد السيطرة على اخمادها مثلما فعل في انتفاضة 2009 حيث أسعفه باراك اوباما. ولغرض ايضاح الوضع أكثر نستند الى ما قاله وزير الداخلية للنظام رحماني فضلي بتاريخ 22 ابريل: «الأمن أهم من الانتخابات ذاتها».
ومن الحقائق في المشهد الحالي الايراني هو أن مصير هذا النظام لا يتعين بفوز هذا المرشح أو ذاك، وانما المصير يتم حسمه من خلال المواجهة بين الشعب والنظام. على كل حال المهم هو الموقع الهش الضعيف الذي يمر بالنظام وهذا ما لافت للنظر أكثر من أي وقت آخر.
من ناحية أخرى فان جميع المرشحين المشاركين في الانتخابات هم يتوحدون في أعمال القمع والنهب داخل ايران وتصدير الارهاب والتدخل في سائر الدول، لذلك وخلافا لمن يروجه الموالون للنظام أو من لديه صورة خاطئة لطبيعة هذا النظام، كل من يخرج من صناديق اقتراع النظام ، فلن يغير سياسات ولاية الفقيه في التدخل في شؤون الدول الأخرى. غير أن الشعب الايراني وبمقاطعته الانتخابات سيرد عليه وأن الوضع الاجتماعي المحتقن داخل البلاد يتحرك نحو الانتفاضة. كما يجب عدم الرهان على مناورات النظام، بل الطريق الوحيد هو ابداء مزيد من الحزم بوجه الملالي.