إذا أردنا أن نخلق حالة من التوازن بين القطاعين العام والخاص علينا أن نفكر كثيراً في وضع استراتيجيات عملية من شأنها إعطاء القطاع الخاص مساحة مناسبة تجعله شريكاً أو منافساً للقطاع العام المهيمن على جميع مفاصل التنمية ، لاسيما أن عدد العاملين في القطاع الخاص يناهز الستة ملايين عامل ، مقابل نحو 4 ملايين ونصف المليون يعملون في القطاع العام مع وجود رغبة جامحة لدى جميع الشباب العاملين في القطاع الخاص في الحصول على فرصة وظيفية في المؤسسات الحكومية ، بصرف النظر عن إيرادها الشهري فهي مضمونة – كما يقولون- .. ولهذا فأن الهدف من وضع أي إستراتيجية هو إحداث هجرة عكسية من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص
واعتقد أن الإستراتيجية التي وضعتها الحكومة لو قدر لها أن تمضي على وفق الآليات والتوقيتات التي وضعت لها ستكون جديرة بتغيير صورة القطاع الخاص تماماً وتحسين واقعه ، لأنه سيكون شريكاً تنموياً حقيقياً في ظل توجه عالمي نحو إيجاد شركاء حقيقيين لتحقيق أهداف أجندة التنمية المستدامة 2030وفي مقدمتها تخفيف الفقر في العالم ..
تسير إستراتيجية تطوير القطاع الخاص التي وضعتها الحكومة بثلاث مراحل زمنية لتنفيذها على مدى 15 عاماً يفترض ان تكون المرحلة الأولى وهي مرحلة الشراكة قد بدأت عام 2014 لغاية نهاية هذا العام لتبدأ بعدها المرحلة الثانية وهي مرحلة تفعيل الأنشطة والدعم المباشر وهذه تستمر لغاية 2022 .. والمرحلة الأخيرة التي ستكون الحاسمة هي مرحلة الانتقال التدريجي لقيادة زمام التنمية من القطاع العام إلى القطاع الخاص بحلول عام 2030 .. وترتكز هذه الإستراتيجية إلى أربع أثافي ، الأولى ، ضرورة فهم القطاع الخاص والثانية تحسين بنية الأعمال والثالثة وضع برنامج لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورابعة الأثافي وضع هيكلة لتنفيذ كفء وفاعل للإستراتيجية .
ومن المؤكد إن خطة واعدة بهذا الطموح تبقى محتاجة إلى جهود وتشريعات كبيرة لضمان تحقيقها ، وهذه الجهود ترتبط بطرفي المعادلة (الحكومة والقطاع الخاص) ، فالحكومة مطلوب منها العمل على ضمان وتحسين الاستقرار والحرص على وضع منهج تشاركي وشمولي مع الشريك الآخر من خلال التشاور والتحاور مع ممثليه ، فضلا عن ضرورة تنفيذ الإصلاحات التشريعية والتنظيمية والمؤسساتية ، ولابد من تشجيع الصناعات الوطنية ودعمها والحد من المستورد .. وفي المقابل مطلوب من الشريك القوي (القطاع الخاص) العمل على تقوية اتحاداته وجمعياته والإسهام في جهود الحكومة لتعزيز المشاركة في صياغة السياسات والخطط القطاعية التي يمكن لها أن تتحول إلى مكونات خطط التنمية الوطنية الخمسية .
خلاصة القول ..إن إستراتيجية تطوير القطاع الخاص التي نتحدث عنها تبين بوضوح وجود جدية لدى الحكومة بتفعيل دور القطاع الخاص ليكون شريكا وقائدا للتنمية في ظل التوجه نحو اقتصاد السوق وإدراك حقيقة مهمة هي إن جميع الدول التي تطورت اقتصاديا وتنمويا ما كان لها أن تتطور إلا بعد أن تولى القطاع الخاص زمام قيادة التنمية وهذا ما تسعى إليه إستراتيجية القطاع الخاص التي انيطت مهمة تنفيذها بوزارة التخطيط.
نقلا عن الصباح الجديد