انتهاكات وخروقات ومنع من العودة إلى الديار.. كلها مخالفات مارستها ولازالت ميليشيات “الحشد الشعبي” الشيعية بحق عراقيين سنة هربوا من مدنهم وقراهم خشية الوقوع في يد عناصر داعش أو استهدافهم أثناء الحرب على التنظيم من قبل قوات الجيش العراقي وغارات التحالف.
رئيس البرلمان يعد بما لا يتحقق..
ورغم زعم البرلمان العراقي ورئيسه “سليم الجبوري” باتجاه العراق إلى بناء دولة المواطنة والسيادة والعدل بدلاً من النزاعات والخلافات والتقسيم، إلا أن الواقع على الأرض يقول عكس ذلك، فالنازحين السنة لا يستطيعون العودة إلى ديارهم وبلداتهم بأمر مباشر من الميليشيات الشيعية وعلى رأسها “فيلق بدر” في ديالى، الذي لا يسمح بعودة آلاف العراقيين بحجة أن هناك تخوفات من نشاط عناصر داعش مرة أخرى.
تسكين من يدين بالولاء فقط..
لكن في المقابل يرى متابعون للشأن العراقي أن منع الميليشيات الشيعية للنازحين السنة من العودة رغم مرور أكثر من عامين على القضاء على داعش هناك ونحو 34 شهراً على نزوحهم، يرجع إلى تخطيط الحشد الشعبي بأمر من قيادات الفصائل والأحزاب التي تتحكم فيه إلى تسكين من يدينون بالولاء لهم فقط أو من أنصار الحشد نفسه أو عائلات أفراده، ما يلمح إلى إعادة التوطين على أساس طائفي.
أمام الكاميرات شئ والواقع على الأرض شئ آخر..
فالحجج والذرائع الطائفية لازالت إلى الآن هي المتحكم في عراق 2017، رغم الدعوات أمام الكاميرات والإعلام إلى إعلاء المواطنة والمساواة ونبذ الطائفية، في حين تصر الفصائل المسلحة على عدم عودة النازحين بزعم تأييدهم لداعش قبل تحرير مناطقهم أو بحجة “أسباب أمنية”، فضلاً عما يؤكده النازحون أنفسهم على تعرضهم لشتى أنواع المضايقات والإهانات على يد الحشد الشعبي “الشيعي” عند محاولة العودة لديارهم.
نعم السلطات العراقية والحكومة الرسمية سمحت بعودة عشرات الأسر النازحة إلى ديالى على الورق وأمام الرأي العام الخارجي، لكن على الأرض من يحاول العودة إلى دياره تجبره العناصر المسلحة “الشيعية” على العودة من حيث أتى ولا تسمح له بعبور بوابات وحواجز المدينة !
الاضطهاد والطائفية تتسبب في ظهور كيانات مسلحة جديدة..
لا يدرك القائمون على الأمن والحكومة في العراق إن مثل هكذا تصرفات ستدفع مع مرور الوقت إلى تشكيل كيانات جديدة “سنية” ستسعى هي الأخرى إلى حمل السلاح نتيجة إحساسها بالاضطهاد على أرضها وأنها ستجد لها أرضاً خصبة تسمح بذلك، وربما يتسع الأمر إلى حرب شوارع طائفية تمتد إلى مناطق بل ومحافظات بأكملها إذا ما استمر الضغط على المكون السني !
كتيبة “الفارسي” من ورائها ؟
يقول تقرير ألماني مهتم بالعراق، إنه “في نهاية آذار/مارس 2017 ظهرت عناصر من تنظيم داعش في مقطع مصور في محافظة ديالى العراقية وأعلنوا تشكيل كتيبة الفارسي لمحاربة إيران”، الشريط أظهرهم ببعض عربات “التويوتا هيلوكس” وفي مناطق صخرية بها تلال مرتفعة يسيرون عليها وهي مناطق وعرة كجبال حمرين التي ترتبط مع قضاء الحويجة غربي كركوك، كما ظهروا وهم يتدربون على استهداف صوراً لرموز سياسية إيرانية وكذلك رجال دين هناك..
تحالفات سنية مسلحة أم فقط محاولات لتخفيف الضغط في الموصل..
وفق التقرير، فإن الكتيبة الداعشية المزعومة طالبت الإيرانيين بالانتفاض ضد نظام “ولاية الفقيه”، وهي محاولة من التنظيم ربما لتخفيف الضغط على آخر من تبقى من عناصره في الموصل، وربما هي مرحلة جديدة من تشكيل تحالفات سنية مسلحة للانتقام من إيران التي كانت سببا رئيساً في الحرب عليهم ودك معاقلهم والاستيلاء على أرضهم.
التنظيم اختار ديالى وبدا مقاتلوه في مقطع الفيديو يتحركون بأريحية دون أي استهداف من الجيش أو الشرطة أو قوات الحشد الشعبي في مدينة كان من المفترض أن تكون خالية من المتطرفين، إذ أن القوات العراقية أعلنت في 2015 القضاء على داعش وفرض الأمن هناك، لكن في المقابل تقول تقارير إن عدد عناصر داعش هناك لا يتجاوز الـ20 فرداً.
قتل واختطاف على الهوية في قرى سنية..
مراقبون اتهموا ميليشيات الحشد الشعبي المسلحة المسيطرة على الملف الأمني في ديالى باللجوء إلى القتل والاختطاف في ردهم على أي تهديد أمني يستشعروه وربما حتى كإجراءات استباقية بها شبهة الطائفية، كونها تقع في المحافظة التي طالما رفضت أي وجود أميركي طيلة السنوات الماضية.
التقرير الألماني قال إن عودة داعش هذه المرة بتحالفات جديدة مع تنظيمات مسلحة قديمة أعلن الانقلاب عليها عندما كان مسيطراً على الأوضاع قبل 3 أعوام، أبرزها التحالف مع عناصر القاعدة وتشكيلات مسلحة أخرى في ديالي !
الاستخبارات لديها علم.. لكن المناطق مزروعة بالقصب ووعرة..
يلفت التقرير إلى أن هذه المعلومات يعرفها ضباط في الاستخبارات العراقية، الذين يؤكدون عودة عدة خلايا من المقاتلين العرب والأجانب بعد هروبهم من الموصل بينهم قياديين في داعش، وأن مهمة هؤلاء إيجاد أرضية لعودتهم إلى ديالى لأنها بيئة مناسبة لذلك بسبب طبيعتها الريفية الزراعية والتي يسهل التخفي فيها كزراعات القصب.
يبين التقرير أن خطر “داعش الجديد” يأتي عبر سلسلة قرى زراعية كثيفة تمتد من منطقة جغرافية تعرف باسم “سنسل” شمال بلدة المقدادية وصولاً إلى ضواحي بلدة الخالص على نحو هلال يحيط مدينة بعقوبة مركز المحافظة ومقر الحكومة المحلية والدوائر الحكومية التي هيمنت عليها الفصائل الشيعية، بعدما كانت القوى السنية هي الحاكمة قبل 2014، وكأن داعش قد ظهر لطرد السنة من أي سيطرة على بلدات عراقية.
تقارير غربية أشارت إلى أن هذه البلدات والمناطق عبارة عن مدن أشباح مهجورة خالية من السكان منذ 2015، بعدما غادرها سكانها السنة البالغ عددهم أكثر من 1700 عائلة خوفاً من داعش وأيضاً من الفصائل المسلحة الشيعية التي تتهمهم بالتعاون مع المتطرفين.