14 نوفمبر، 2024 8:47 ص
Search
Close this search box.

رحلة إنتهت إلى سراب .. الموسيقى والغناء في مصر ارتبطا بنهضة إجتماعية

رحلة إنتهت إلى سراب .. الموسيقى والغناء في مصر ارتبطا بنهضة إجتماعية

كتبت – سماح عادل :

عرف المصريون القدماء الموسيقى، واستخدموا الآلات الموسيقية وكانت عبارة عن آلات وترية مثل “الجنك” و”القيثارة”، وأدوات نفخ مثل “الناي” و”المزمار” و”الأرغول”، و”المصفقات النحاسية والعاجية”.. وكانت هناك فرق كاملة للموسيقيين أو الراقصين تشارك في الحفلات والأعياد، كما كان الرقص المصري القديم منسقاً ورقيقاً، مع اختلاف أنواع الرقص طبقاً للمناسبات المختلفة.. واستخدمت كثيراً موسيقى الرقص المعتمدة على “الصنج النحاسي، القيثارات، المزامير، والكلارينت، الصكوك والأعواد”. وكان السلم الموسيقى يتكون من خمسة أصوات.

حفل فرقة سلامة حجازي بمسرح البوليتياما سوق الترك طرابلس ليبيا 1914

البدايات.. من موالد الأولياء الصوفية إلى الاوبرا..

مع حكم “محمد علي” باشا لمصر عام 1805، حدثت نهضة حضارية، بسبب نزوعه إلى بناء دولة قوية، وتفتحه على الدول الغربية.. حيث تطور الغناء والإنشاد الذي كان سائداً في الموالد الشعبية للأولياء، والأفراح والمناسبات  إلى الأغنية الشعبية ثم إلى “الأدوار والطقطوقة”.

وفي عهد الخديوي “إسماعيل” (1863 – 1879)، الذي سعى لتقليد الغرب وبناء العاصمة لتكون مشابهة للدول الغربية، شهدت القاهرة تطوراً، وبمناسبة افتتاح قناة السويس أمر الخديوي “إسماعيل” ببناء دار الأوبرا المصرية، وطلب من الموسيقار الإيطالي “فردي” تأليف “أوبرا عايدة”، حيث اهتم بعمل حفل افتتاح تاريخي يحضره ملوك وأمراء أوروبا.

ألمظ وعبده الحامولي

مع حدوث نهضة حضارية اهتم المصريون بالموسيقى، وأصبحت مصر قبلة للفنانين والموسيقيين من الدول المحيطة، حيث توافد عليها من مبدعون أتراك ومن الشام ودول أخرى قريبة، وأصبح للموسيقيين مكانة اجتماعية نتيجة ارتباطهم بالقصر والحاكم، وأصبحت موسيقى القصر خليطاً من ألحان مصرية وسورية وتركية، وكانت العائلات من أقارب الخديوي يشجعون الموسيقيين، ويحيون الأمسيات والحفلات بمصاحبة “تخت” صغير وأناس يغنون الطقاطيق، حيث ظهر فنانون مثل “عبده الحامولي”، الذي دعاه الخديوي “إسماعيل” للغناء بالقصر، وأحياناً كان يصاحبه “أنطون الشوا” من سوريا الذي أدخل آلة “الكمان” إلى التخت المصري.

عبده الحامولي..

“عبده الحامولي” كان له تأثير كبير على تطور الموسيقى المصرية.. فقد ولد الحامولي بمدينة طنطا عام 1845، و تعلم الإنشاد على أيدي شيوخ للتجويد، ثم بدأ بإحياء حفلات الزفاف، إلى أن أصبح مغني قصر الخديوي، وكان الخديوي يرسله إلى تركيا ليغني أمام السلطان “عبد الحميد الثاني”، وهناك تأثر الحامولي بالغناء التركي ومقاماته وإيقاعه.

سلامة حجازي..

كما كانت تقام حفلات موسيقية في “حديقة الأزبكية” بشكل دوري، وظهر فيها المؤذن والمنشد “سلامة حجازي” (1852 – 1917)، وهو أول من ربط الإنشاد بالمسرح، حيث كان يغني الأدوار بين الفقرات المسرحية، وانتقل الغناء على يديه من القصور إلى الشارع، حيث أسس فرقته عام 1888 وقام بعمل عدة مسرحيات مثل مسرحية “صلاح الدين الأيوبي” ولعب دور روميو في مسرحية “شهداء الغرام”، واستعان بالتخت والموسيقى في مسرحياته، وكان التخت يتكون في ذلك الوقت من العود والقانون والناي والرق و الكمان، ومع بداية القرن العشرين تطور التخت وأصبح يتعدد فيه عازفوا الكمان وبعض الآلات الأوروبية.

منيرة المهدية..

تألق نجم سلطانة الطرب “منيرة المهدية” (1885 – 1965)، وكانت أول سيدة تقف على خشبة المسرح، فقد اشتركت مع “سلامة حجازي” و”عزيز عيد” في رواية لسلامة حجازي 1915، ثم أسست ملهى في حي الأزبكية يجتمع فيه الأدباء والشعراء، وتعاقدت معها شركات الأسطوانات لتسجيل الأغاني، والجدير بالذكر أنها اشتركت في الحركة النسائية وأبدعت في فن الأغنية والطقطوقة.

دخول تقنية “الإسطوانة” إلى سوق الغناء..

في عام ١٩٠٥ اهتمت شركات الاسطوانات الأوروبية بالغناء المصري، وتعاقدت شركتي “أوديون” و”بيضا فون” مع الموسيقيين، ودخلت الأسطوانة التي تدار على الفونوغراف إلى مصر، لولاها لضاع الكثير من التراث الغنائي المصري في ذلك الوقت.. أعمال الفنانين الشيخ “محمد عبد الرحيم المسلوب” و”محمد عثمان” و”عبده الحامولي” وزوجته “ألمظ”، حيث أن كل هؤلاء الذين أسسوا فن الغناء المتقن من أواسط القرن التاسع عشر إلى نهايته كانوا قد رحلوا، واهتم كبار المطربين الذين جاءوا بعدهم بتسجيل أعمالهم على الأسطوانات حفاظاً عليها من الضياع، وسجلوا الأدوار والموشحات بأصواتهم.

وكانت الأسطوانة لا تزيد عن 5 دقائق للتسجيل، مما أدى إلى تطوير الأدوار، كما بدأ الاهتمام بكتابة “النوتة الموسيقية” حيث كانت شركات الأسطوانات تأخذ ألحان مطربيها وحقوق طبعها وبيعها.

“سيد درويش” وإنبعاث جديد في الأغنية المصرية والعربية..

ثم ظهرت “الطقوطة” على يد الملحن “محمد علي علبة” في نهاية العقد الأول من القرن العشرين، و طغت على باقي ألوان الغناء الأخرى في الحفلات و الأفراح والأسطوانات بسبب أنها أغنية صغيرة لها جملة لحنية واحدة وإيقاع واحد فتعجب المستمعين ولا تبعث على الملل.

و تزامن مع اختراع الطقوطة حركة بعث للغناء والفلكلور المصري والتي قادها “سيد درويش”.. ظل في القاهرة خمس سنوات من ١٩١٨ إلى ١٩٢٣، كانت كفيلة بأحداث نقلة في مجال الغناء سواء الفردي أو المسرحي.

الشيخ يوسف المنيلاوي

“سيد درويش” (1892 – 1923)، كانت أغانيه تخاطب الكادحين وتطالب بمقاومة المستعمر، كما طوّر الموسيقى حتى يستطيع تقديم “الأوبريت” التي كان يؤلفها، ومنها “أوبريت الباروكة”.. ويذكر أن السلام الوطني المصري من تأليف “سيد درويش”.

في الثلاثينيات نشأت الطقطوقة المتقدمة، وبدأت الأغنية تحل محل الطقطوقة، وانتهى “عهد التخت” وزاد عدد عازفي الكمان، وظهر ملحنون بارعون مثل “زكريا أحمد” و”صالح عبد الحي”، وأصبح لكل مقطع في الأغنية موسيقاه الخاصة به وإيقاعه، حتى وصلت إلى الأغنية الكاملة، وظهرت بجانب “أم كلثوم” مطربات مثل “فتحية أحمد” و”نجاة علي”.

تطور الأغنية العربية وإنتشارها بظهور وتعدد الوسائط الفنية..

مع دخول “الراديو” إلى مصر حدث تطور آخر.. فازدهرت الموسيقى والغناء، وفي الأربعينيات ظهر الفيلم الغنائي بأغانيه القصيرة، وأحدثت السينما طفرة كبيرة للغناء فزاد عدد المغنيين مثل “فريد الأطرش”، الذي أدخل “البيانو” وقام بابتكار ألحان يدخلها “التانجو” والألحان الغربية، ومثل “محمد فوزي” الذي عمل أول أفلامه عام 1944، واشتركت معه في الأفلام الغنائية المطربة “نور الهدى” و”ليلى مراد” و”صباح” وغيرهن. وفي عام 1958 أسس محمد فوزي أول شركة للأسطوانات مصرية لتسجيل الأغاني شركة “مصر فون”، وسجل محمد فوزي أغاني لـ”محمد عبد الوهاب” و”أم كلثوم” وغيرهم من الفنانين الشبان.

رغم تأثر الموسيقى المصرية بالغربية، بقي فنانون يقدمون أغنية الطرب في صورتها القديمة مثل “عبد المطلب” وكان يلحن له “محمد عبد الوهاب” و”محمد فوزي” وغيرهم.

ساعد على تطور الأغنية مساهمة الشعراء مثل “أحمد شوقي”، والمؤلفين المبدعين مثل “أحمد رامي” و”بيرم التونسي”. وبدأ محمد عبد الوهاب (1911 – 1991) بغناء أغاني الشيخ سلامة حجازي ، ثم في 1927 ابتكر طابعه الخاص، وكان يغني لأحمد شوقي ويؤلف ألحان جديدة يدخل فيها الإيقاع الأوروبي مثل “التانجو” و”السمبا”، كما أدخل آلات أوروبية عديدة مثل “الباص والكونترباص والشيللو والفيولينة والكاستانيت”، في مثل أغنية “ليه ليه يا عين ليلي طال”.

واستمر التطوير الموسيقي في مصر على أيدي الملحنين الجدد في ذلك الوقت في مقدمتهم “زكريا احمد، محمد القصبجي، محمد عبد الوهاب، رياض السنباطي”، وكان قد واكب ظهورهم “أم كلثوم” فتسابق هؤلاء الملحنين في وضع الألحان التي تكون على مستوى هذا الصوت العبقري الذي أتاح لهم فرص جديدة حتى يجوبوا في آفاق فسيحة رحبة وجديدة.

وفي عصر “أم كلثوم” تغير تكوين التخت الموسيقي.. فظهر “العود والقانون والناي والكمان” وعدد كبير من الآلات التي لم يكن التخت عهد بها من قبل، وقام الموسيقيون المصريون بتعريب هذه الآلات وإدماج أصواتها في السلم الموسيقي العربي.

من المطربين المهمين “كارم محمود، وعبد العزيز محمود، ومحمد الكحلاوى، وعبد الغنى السيد، وإسماعيل شبانة، وعبد الحليم حافظ”، الذي ساهم في انتعاش الأغنية المطولة، و”محرم فؤاد، ونجاة الصغيرة، وفايدة كامل، ووردة الجزائرية، وشريفة فاضل، ومها صبري، وعبد اللطيف التلباني، وماهر العطار، ومحمد قنديل، وعادل مأمون، ومحمد رشدي، وإبراهيم حمودة، وعباس البليدي، وشكوكو، وأحمد غانم، وشفيق جلال، وشريفة ماهر، ومحمد العزبي، ومحمد طه، وعصمت عبد العليم، وكامل أحمد علي” وغيرهم.

ومن الملحنين الموهوبين “محمد الشريف، ومحمد الموجي، وكمال الطويل، وبليغ حمدي، وسيد مكاوي، وفؤاد حلمي، وسعيد عزتن وعلي فراج، ومحمد الحفناوي”، وكثيرون.

مع السبعينات من القرن الماضي رحل معظم الفنانون الكبار، وساهم الانفتاح في انحدار مستوى الموسيقى والغناء.. حيث أصبحت النهضة حلم بعيد ودخلت مصر في مراحل أخرى.

 

دورعبده الحامولي قلبي عليك

https://www.youtube.com/watch?v=ygcztqQgOBo

الكوباية عبده الحامولي

https://www.youtube.com/watch?v=otytPjlOvCM

صلاح الدين الايوبي للشيخ سلامة حجازي

https://www.youtube.com/watch?v=Bx_4S3ATNGI

قصيدة يا نسيم الصبا الشيخ علي محمود

https://www.youtube.com/watch?v=GrP_DpagqUc

داود حسني

ما احب غيرك

https://www.youtube.com/watch?v=iZSU-jEQkKQ

داود حسني انا قلبي هني

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة