كم شهيد لنا فقدناه ولم نكلله بالزهور، ضائع قبره المجيد كم ضائعة لنا قبور تتنزى دم ونور …كنت اردد مع نفسي هذه الأنشودة التي لها اثر كبير في نفسي وأنا في الطريق الى مكتب وزارة حقوق الإنسان فرع الكرخ لإجراء لقاء مع مديره الأستاذ سنان حمدان نجم وخرجنا منه بهذا الحوار:
* عن تأسيس مكتب وزارة حقوق الإنسان كانت اجابة السيد المدير:
لوزارة حقوق الإنسان مكاتب في جميع محافظات العراق، وأولهن تأسس عام 2004 في البصرة وكان المسؤول عن الجنوب ولم يتم فتح أي مكتب أخر إلا بعد استقرار الوضع الأمني حيث تم فتح مكاتب في جميع محافظات العراق عدا إقليم كردستان… وبعد ذلك ارتأى السيد الوزير ضرورة دعم الوزارة بفتح مكتبين ساندين للوزارة في بغداد نظرا لكبر مساحة المدينة، وهكذا تم فتح مكتب الرصافة نهاية عام 2011 ومكتب الكرخ في بداية هذه السنة 2012 .
… وأضاف الاستاذ نجم: أن طبيعة عمل مكاتب وزارة حقوق الإنسان يتلخص بالتالي :
1- كل مايتعلق بحقوق الإنسان ومنها حقوق المرأة وبشكل خاص وضع الأرامل والأيتام كما يقوم منتسبو المكتب بزيارات ميدانية لمتابعة الواقع التعليمي والصحي والخدمي والبيئي وكتابة تقارير، بهدف تحسين الاوضاع.
2- نشر وتعميم البنود الدستورية الخاصة بحقوق الإنسان من خلال الدورات التأهيلية للعاملين في مجال التعليم كما أن هناك دورات خاصة للأرامل وتعريفهن بحقوقهن.
3- استلام شكاوي المواطنين اذ هناك مكتب في الوزارة خاص بذلك .
… كما تم في بداية هذا العام ووفق لقانون رقم 5 لعام 2006 الخاص بضرورة حماية المقابر الجماعية، ومن اجل الحصول على قاعدة بيانات، قررت الوزارة وبالاتفاق مع دائرة الطب العدلي ومؤسسة الشهداء اطلاق الحملة الوطنية لجمع المعلومات عن الحامض النووي وعينات الدم (DNA) في بغداد والمحافظات من أهالي الضحايا، لمطابقتها مع رفات المقابر الجماعية الموجودة في دائرة الطب العدلي، لغرض الكشف وتحديد مجهولي الهوية… إذ يقوم الشخص المانح:
1- مليء استمارة لمعرفة المعلومات المتوفرة، مثلا أخر مكان تواجد فيه الضحية ومتى تم اعتقاله وما هي المقتنيات التي كانت معه وما هي الملابس التي كان يرتديها وغيرها من الأدلة .
2- اخذ وخزه دم من الأصبع من اجل تحليل الـ ,DNA ومطابقتها مع رفات الضحية، ثم تسجل في بطاقات خاصة يمكن خزنها لفترة طويلة .
… وأضاف المتحدث: ان فرق حقوق الإنسان مستمرة بهذه العملية وبالتنسيق مع معهد الطب العدلي لمطابقة العينات مع الرفات . وإذا ما تم التطابق وتمت معرفة الضحية يتم تسليم رفاتها لذويه ليوارى الثرى ويرقد بسلام في المكان الذي يرغب ذويه فيه…
* أما بشأن الحملة الوطنية للكشف عن مصير ضحايا النظام المقبور وضمان نجاحها، قال الاستاذ سنان حمدان نجم:
انه مشروع مكتب حقوق الإنسان… فهو الراعي الرسمي لهذا الموضوع ومن اجل تحقيق أفضل النتائج لتلك لحملة الوطنية تم التحضير لها وتوفير جميع المستلزمات المطلوبة من خلال الاتصال والتنسيق مع مؤسسة الشهداء ومعهد الطب العدلي ، وقد سبق هذا كله حملة إعلامية على مستوى الصحافة والتلفزيون لغرض إشعار المواطنين عن بدأ الحملة، الخاصة بكشف هوية ضحايا النظام السابق… كما تضمنت الحملة الوطنية توزيع “فلكسات” على محافظات العراق كافة اضافة للإعلان عن الحملة عن طريق الإذاعة… وأضاف: من اجل ضمان وصول الإعلان لكل عوائل الضحايا تم الاتصال بمجالس المحافظات ومنظمات المجتمع المدني وجميع الأحزاب والتيارات والمراجع الدينية لذلك الغرض، سيّما أن الكثير من تلك الأحزاب لديها ضحايا في المقابر الجماعية وعلى اعتبار أن كل حزب لديه قاعدة جماهيرية وهم من ضمن الضحايا . كما وللوزارة تعاون مع وسائل الأعلام من خلال عقد المؤتمرات الصحفية ذات الصلة, وبهذا اعتقد أننا استطعنا أن نعمل بقدر الإمكانيات المتوفرة لدينا خاصة وأن مالية الوزارة ليست بالقدر الكافي لهذا الغرض. ولذلك طلبنا – ومن اجل إنجاح هذه الحملة – مساعدة كل الجهات والأطراف لأنها حملة وطنية شاملة، على الجميع المساهمة فيها للكشف عن حجم الجرائم التي اقترفت بحق أبناء الشعب العراقي، وكشف وتحديد رفات الضحايا .
* وعن مدى تجاوب وسائل الإعلام في إيصال هذه الرسالة النبيلة… قال السيد مدير مكتب وزارة حقوق الانسان فرع الكرخ:
لغرض الاستمرار بنشر الإعلان في وسائل الأعلام يتطلب ذلك مبالغ كبيرة، وكما ذكرت سابقا فأن ميزانية الوزارة لاتحتمل ذلك، ومع هذا قامت مكاتبنا في المحافظات بنشر الإعلان في الفضائيات المحلية… كما قام بعض مجالس البلديات بتقديم “فلكسات” لذلك الغرض وكان يجب أن تنتهي الحملة نهاية هذا العام لكن السيد الوزير وجد من الضروري الاستمرار بها دون تحديد سقف زمني لها من اجل إحصاء اكبر عدد ممكن من عوائل الشهداء.
* وحول أي من الدول لها تجربة ناجحة في هذا المجال، ومدى التنسيق واللتعاون معها، أجاب الاستاذ نجم:
لم يكون هناك تنسيق كبير مع الدول التي لديها ظروف مماثلة في هذا المجال ، فقط كان هناك تنسيق مع البوسنة على اعتبار وجود مقابر جماعية هناك… ومن ضمن النشاطات التي قامت بها الوزارة هو أقامة معرضين: احدهما في لندن والأخر في جنيف، لغرض تدويل هذا الموضوع ومن اجل الحصول على قرار دولي بان المقابر التي اقترفها النظام هي مقابر جماعية… وأضاف: ان لقسم المقابر الجماعية في الوزارة باعاً في هذا المجال وهو يعمل بالتنسيق مع المنظمة الدولية المسؤولة عن ملف المفقودين وثمة تعاون ودعم من قبل هذه المنظمة .
* وفي رده على سؤالنا: هل تكتفون بالإعلان عن الحملة ام هناك آليات تسهل عملية الوصول الى عوائل الشهداء خصوصا وان اغلب هذه العوائل تسكن في مناطق نائية ومسحوقة… قال السيد المدير:
ان الحملة تعمل باتجاهين اولهما هو حضور المواطنين للمكتب، إذ يتم اخذ العينات منهم، والاتجاه الأخر هو تحرك فرق المكتب وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والأحزاب والمراجع الدينية الى المناطق التي بها كثافة في عدد عوائل الضحايا… ثم يقوم الفريق بمليء الاستمارة واخذ عينات الدم. علماً باننا لدينا صلاحيات بأن نخرج الى أي مكان وان نلتقي بالعوائل، خصوصا كبار السن والذين لايستطيعون الوصول للمكتب، وذلك من خلال التنسيق والتعاون مع الجهات التي تم ذكرها اعلاه * اما بشأن فتح باب التطوع في هذا المجال، فقد أجاب الاستاذ نجم:
ان الباب مفتوح لكل من يرغب بالمساهمة بالدعاية والإعلان عن الحملة… ويتلخص دور المتطوع بتجميع العوائل، وباقي التفاصيل مثل مليء الاستمارة واخذ العينات، فيجب ان يكون متخصص من فريق مكتب حقوق الإنسان…
* كما تم التطرق خلال الحوار الى دور مؤسسة الشهداء في الحملة الوطنية، وجرى التأكيد:
ان وزارة حقوق الإنسان قد قامت بدعوة مؤسسة الشهداء ودائرة الطب العدلي بالتوقيع على مذكرة تفاهم، إذ لكل طرف دوره… فمؤسسة الشهداء قامت بتنسيب موظف لغرض الاتصال بعوائل الشهداء والقيام بمليء الاستمارة… بينما يتركز دور الطب العدلي على جمع العيينات وتحويلها الى المعهد لغرض تحليلها ومطابقتها مع رفات االضحية…
ثم استمرت اسئلتنا، والاجابات عليها من قبل السيد مدير مكتب وزارة حقوق الانسان فرع الكرخ…
* هل خصصتم ندوات لعوائل الشهداء ام للكادر العامل لديكم وهل هي مستمرة؟
** عملنا قبل انطلاق الحملة ورشاً خاصة لعوائل الشهداء وعوائل المفقودين لتأكيد أهمية إجراء فحص الدم الذي لايكلف المانح شيء سوى وخزه الإبرة واخذ عينة الدم.
* هل لديكم إحصائية بعدد العوائل التي تم اخذ عينات منها؟
** بالنسبة الى مكتب بغداد الكرخ تم لحد الان مليء 264 استمارة تضمن بحدود 660 مراجع لان كل استمارة يأتي عليها بحدود 3 مانحين، وتتم العملية بالشكل التالي وحسب المعلومات التي لدينا من الطب العدلي الموضوع تحت بند شجرة العائلة:
– عينة دم الاب نصف بصمة، ونصف بصمة عينة دم الام، وبذلك تصبح بصمة كاملة… اما إذا كان الأب متوفياً فيمكن اخذ عينة من إلام واحد الأبناء أو الأب واحد الأبناء… أما إذا كان الأبوان متوفين فيجب اخذ عينة من ثلاثة إخوة، لان كل أخ ربع بصمة… وحين يكون هناك شخص واحد من العائلة فقط على قيد الحياة، فيكون الأمر ضعيف لكن ممكن تعزيزه بأخذ عينة من الأقارب…
* هناك عوائل هجرت قسرا خارج العراق أو بسبب ظروف معينة، وهذه العوائل لديها ضحايا في زمن نظام صدام المقبور، خصوصا وان أعداد تلك العوائل كبير جدا، ومنتشر في جميع إنحاء المعمورة فهل لديكم خطة للوصول لهم وتسهيل عملية اخذ العينات منهم؟
** لحد ألان لم نصل الى هذا الموضوع، لأنه يحتاج الى تنسيق مع وزارة الخارجية، والحملة مطلقة في الداخل… اما الخارج، فكما قلت يتطلب الأمر تنسيقاً وتحضير مناسبين.
* هل هناك تنسيق مع إقليم كردستان؟
** هم لديهم وزارة الشهداء، وهي مسؤولة عن ذلك.
* بالنسبة الى المراجع الدينية هل استثمرتم العلاقة معها بهذا الخصوص؟
** نعم فمن خلال منابرالخطب في الجوامع يتم التنويه عن الحملة الوطنية، واعتبار ذلك واجباً شرعياً للإدلاء بالمعلومات ومنح العينة، وقد تم الاستفادة من سيارات الإسعاف والتي قامت بنشر الإعلان في جولات بالمحافظات…
* أما سؤالنا الأخير للأستاذ سنان حمدان نجم فقد كان حول اكثر المعوقات التي تواجه العمل… وجاءت الاجابة:
* ان الامور تسير بشكل جيد لكننا بحاجة ماسة للدعم الاعلامي من اجل التعريف بالحملة الوطنية…