(من وحي حوار مع الأستاذ زيدون النبهاني)
السعي والمثابرة يؤديان إلى النجاح، فإن فعلت ذلك لن تكون الناجح الوحيد في الساحة، فغيرك يسعى بجد أيضا ليحقق نجاحا يصبو إليه، ويتبوأ موقعا.
إذن هو السعي المشروع للارتقاء لنكون من علية القوم وصفوتهم.
أما وقد اخترت لنفسك أن تكون متميزا من بين الصفوة، فهذا هو غاية المنى، وأن ارتضيت لنفسك أن تكون ومضة، سطع بهاؤها وتألقت بجمالها للحظة، ثم خبت، فقد يتذكرها القليلون، لكن بالتأكيد سوف ينساها الكثيرون.
ففي فن الكتابة عليك أن تقول: أنا كاتب، لا أن تقول: كنت كاتبا، فالسيرة الذاتية ماض، لكنها محطة للوثوب نحو الاعالي، فالمطلوب ليس النجاح والتألق فحسب، بل المحافظة على هذا النجاح، والطموح لارتقاء صهوة المجد، لتكون ربانا لسفينة منحتك شراعها، وريح تكاد تستجيب لأهوائك وطموحاتك، فامتشق يراعك، لأن الميدان ينتظرك، والصولة مفتاح نجاحك، فلا تترد.
فمن لم يجرب صعود الجبال ** يعش أبد الدهر بين الحفر
وانت لا يليق بمقامك غير القمم الشماء، لقد جددت لتكون، فلا تتراجع ولا تتقهقر، فالملل والإحباط والقنوط هو بداية الانتكاس والنكوص، وهو انحراف عن التجديد، وبعدها لن تكون.
انت من علية القوم، وصفوتهم، أنت كاتب! ياله من منصب رفيع لن يبلغه إلا ذو حظ كبير.
أنت كاتب، لست متحدثا في الشارع او المقهى، ولست ناقلا لحديث، ولا قارئا لقصة او رواية على مسامع الآخرين.
أنت كاتب، أنت مفكر، صائغ لمفردات تنتقيها بدقة وحذق، ونحات لجملة يلقيها غيرك جزافا، فأنت تكتب ليقرأ الآخرون أفكارك، يتأثرون بك، يتفاعلون معك ثم يؤثرون في اوساطهم الأخرى، فتنتشر انت فكرا، تتداولك العقول، ويحلل النقاد أبعاد أفكارك وكتاباتك.
أنت اذن في موقع خطير جدا! على يراعك تقع مسؤولية التغيير والبناء الجديد، فأنظر كيف تؤسس لغد جديد.
أنت تنظر إلى الحياة بنظرة فاحصة، ناقدة، محللة، والآخرون يرونها هي التي تقع أمام نواظرهم، وتمر الأحداث بهم كشريط سينمائي، لكنك انت من يصنع هذا الشريط، ويوجه مسارات الأحداث فيه، لأنك تمتلك الخيوط وتحركها حسبما تقتضي الفكرة.
وعندما تدرك أهمية وخطورة قلمك ورشاقته ودقة تصويبه وما يمكن ان يفعله بتأثير لا يقل عن السيف، لا بل أكثر أهمية، لأنك تعزز وتقوي وتنصر قوة المنطق لتدحر بها منطق القوة ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وذلك لا يكون إلا عندما تمتشق يراعك وتخاصم غمده.