قدّمت الصحافة العراقية الكثير من النجوم والكواكب التي هوى بعضها لينتقل إلى الرفيق الأعلى ملبّية نداء ربها وهي تشكو إليه ما أصابها من طعنات مزّقت أجسادها بفعل السكاكين الصدئة أو الرصاصات الطائشة أو تلك التي حملها أناس ماهرون لتنفيذ أجندات مفروضة على المشهد العراقي الذي تتلاعب به كواتم الصوت أو العبوات الناسفة التي يتم توقيتها مع مرور أو خروج الصحفي ليرتفع عدد الشهداء والمعاقين من الصحافيين إلى أرقام نأمل أنّها ستبقى محافظة على نسبةٍ معقولة علّها تجد من ينتحب معها ولا يرقص على أشلائها الممزّقة التي لا يعرف الكثير من أصحابها أين استقر بها الحال .. من كتب له أن ينجو من ناسفة أو (طلقة) ، بقي حبيساً لجراحاته التي يئس منها وفضّل القبور التي احتوت زملاء له ممن تركوا أحبابهم من دون معيل أو حتى سائل ليخفف عنهم ، ليضيعوا مع الذين إبتلعتهم الحيتان التي تسير على قدمين من التي تاجرت بأرواح أناس مهنيّون لم يكن لهم من ذنوب سوى أنّهم بحثوا عن الحقيقة بمهنيّة عالية فكان الجزاء ، الموت أو الإعاقة وحتى من كتبت له النجاة أصبح أسيراً للهواجس وعيناه ترنو صوب نقابته التي وضع حجرها الأساس متنبي العصر الراحل محمد مهدي ألجواهري الذي لعن الساعة التي أسس فيها النقابة التي ترأسها ، لأنّه وهو في قبره أتته الصيحات التي تشكو له أفعال من جلسوا في مكانه متربعين مترعين من الخير الذي يدخل إلى جيوبهم على حساب الثكلى والمحتاجين. وصل الحال بنقابة الصحفيين العراقيين أن تستنجد بالعوالم والراقصات من نافخات الشفاه والصدور مع بعض الفنانين المنتهين الصلاحية ، ليرقصوا جميعاً أمامنا ويضحكون علينا في واحدٍ من المشاهد الدراماتيكية التي أعادت إلى الأذهان صور الشهداء وعائلاتهم المنكوبة بهم لتختلط المشاهد ، رقص ودبكات هنا وبكاء وعويل هناك والنقيب المنتشي يصفّق للراقصين والراقصات بعد أن أشاح بوجهه اليتامى والأرامل الذين تاجر بهم وجمع من وراء ذلك ما صرفه على حفلةٍ أقل ما توصف به أنّها كانت (ماجنة) قبل حتى أن تتعانق الكؤوس وتقرع الأنخاب. معلومات غير دقيقة نقلت إلى من خصص الأموال من دون دراسة جدوى أو تنسيق مع المانحين ، ليكون عرس الدم الذي تنكّر مما أريق من الدماء الزكية ، فقذفت الدنانير العراقية على رؤوس الخائبين والخائبات من النائحين والنائحات الذين نالوا المقسوم وبطاقات السفر وأكلوا وشربوا حد التخمة مع وجود آلاف الجياع من عائلات الصحفيين الذين كانوا يتطلّعون أن يستذكرهم أحد ويستذكر مآثر أهلهم الذين طافت أرواحهم فوق مكان الردح والهز على الأنغام المصرية واللبنانية وهي تلعنهم بالسر والعلن لأنّهم لوّثوا شرف المهنة الذي مرّغوه قادة القلم بوحل الرذيلة ، رغم ارتداءهم ثياب الإحرام في غير موسم الحج أو العمرة ، ليشعروا من حضر أنّهم تقاة ثقاة وهم أبعد ما يكونون عن ذلك. لقد ضاعت هيبتك أيها القلم العراقي بعد أن غرسوك في مدادٍ ملوّث بالسحت لتبقى أنت الضحية ومن حملك من المهنيين تحوّلوا إلى نسّاك آثروا العزلة التي فرضت عليهم ، لأن النقيب بات لا يرضى برتبته وهو وبعد أن تعالت درجات المكاسب غير المشروعة التي لم يسأل عن أيٍ منها ، أصبح يطمح برتبة مهيب وسينالها رغم أنوف الجميع ، بعد أن وضع الأغلبية في جيبه الخلفي. يا أرواح الشهداء أخاطبكم وأعلن أمامكم أني أتبرأ من أفعال نسبت إلى نقابة (ألجواهري) زوراً وبهتاناً ولا يغرّنكم أنكم رأيتموني مع جوقة المصفقين ، لأني والله كنت لا أصفق بل ألطم بكفّي وأنا أستذكر كل الشهداء الذي تمت المتاجرة بهم. كل عام وبنت طبر أو عبد الوهاب أو ابن ماهر وهم بألف خير لأنّهم ومن معهم أخذوا معهم كل الخير …