السياسي المحترف هو من يراهن على الجياد الرابحة ، حتى لوكان لايعجبه شكلها أو طريقة عرضها لرشاقة اجسادها . هذا هو المنطق السليم لكي تحصل على المكاسب ، الغريب ان المالكي والملتفين حوله يراهنون على جواد خاسر بكل المقاييس ، واذا كان التبرير الداخلي هو ان المالكي وجماعته لايريدون سقوط النظام العلوي في دمشق لانه سيفتح علينا ابواب السلفية والجهاد ، وهو تبرير مردود منذ اللحظة الاولى لان نظام دمشق ومنذ سقوط الدكتاتورية الصدامية تحول الى ساحة رئيسية لايواء نفايات البشر وارسالهم الى العراق لتفجير انفسهم في مدارسنا وشوارعنا على نسائنا واطفالنا وعلى عمال المساطر في مدننا وهم الذين لايملكون من الدنيا شروى نقير كما يقال . وهي لعبة جهنمية استمرأتها القيادة البعثية في سوريا بحجة مقاتلة الاميركان وعلى مرمى حجر من دمشق تنام الجولان على الوسادة الاسرائيلية دون ان تتوجه لها دبابات الاسد لا الأب ولا الأبن بل لم يجر حتى توجيه تلك النفايات البشرية الى الجولان لمقاتلة الاسرائيليين بدل ارسالهم الى بغداد لقتل الابرياء !!
اذا أهملنا كل التبريرات غير المنطقية وغير المبررة فان المالكي يراهن على بشار الاسد لاعتبارات طائفية ، ولن نقول انسياقا وراء السياسة الايرانية الخارجية ، وحتى هذا الاعتبار سيلقي بظلاله السلبية على الطائفة الشيعية في العراق ، لسبب بسيط ، هو ان بشارقد تم توقيع أوراقه من المجتمع العربي والدولي والقضية لابسط وأجهل محلل سياسي هي قضية وقت ، وربما تأخذ القضية السورية وقتا أطول مما أخذه القذافي لاعتبارات جيو سياسية تخص سوريا ، وهي الاعتبارات الوحيدة التي جعلته حتى الآن يترنح بانتظار الضربة القاضية التي سيحدد موعدها في لحظة ربما تفاجيء الجميع بما في ذلك السيد المالكي فكيف لم يستشرف المالكي هذا التوقيع العلني والمعلن كما في رواية ماركيز ” قصة موت معلن” حيث ان الجميع يعرف ان شخصا بعينه سيقتل دون ان يستطيع احد انقاذه !!
نشعر بالاسى لان المالكي يفرط بمصالح طائفته لحساب اما قصر نظر سياسية أو خدمة مجانية لايران التي من مصلحتها بقاء نظام بشار فيما مصلحتنا الحقيقية ،بالنظر الى المستقبل، هي في ازاحة الدكتاتورية البعثية من فوق صدور الشعب السوري الشجاع وبناء علاقات حقيقية مع القوى الصاعدة في المشهد السوري القادم . لقد وجهت القوى الاسلامية السنية ” الاخوان ” رسائل الى المجتمع الدولي واميركا تحديدا تطمئنهم على الكثير من مخاوفهم وتجيبهم على الاسئلة المعلقة الاجابة ، رسائل قالت ان “الاخوان ” اليوم ليسوا ” اخوان ” الستينات والبعينات كما انهم فهموا اللعبة في القرن الواحد والعشرين .
لقد وصلت حدود مراهنة المالكي الى حد التفريط باموال الشعب العراقي خدمة لنظام بشار المتهاوي ، فحسب احدى الصحف المحلية ، فان العراق أعلن للجامعة العربية عن استعداده لتزويد بعثة المراقبين العربية ب 17 سيارة مصفحة جديدة وليس مستعملة (سعر الواحدة منها في السوق العراقية 350 ألف دولار ) مع أجهزة اتصالات حديثة ودفع تكاليف البعثة التي طالب بها رئيس البعثة الدابي السوداني البالغة خمسة ملايين دولار في نفس الوقت الذي امتنعت دول الخليج الغنية عن دفع واحد دينار للبعثة في مهمتها الثانية !
لماذا ياسيادة رئيس مجلس الوزراء تراهن على جواد( بعثي) تعمل في داخل البلاد على اجتثاث حتى انفاسه في الوقت الذي تقدم له كل اشكال المساعدات في سوريا الاسد ، التي يقال بانها لو انكشفت”المساعدات” فانها ستشكل صدمة للرأي العام العراقي ،لكي تطيل في عدد أيامه الباقية وليس في منع سقوطه ؟
بعد سقوط بشار الحتمي لن نستطيع تغيير الجغرافيا لكننا سنعاني كثيرا من سياسة المالكي تجاه انتفاضة الشعب السوري كما مازلنا نعاني وندفع ثمن حماقات صدام تجاه ايران والكويت !!