كشفت وثيقة استخباراتية سرية عن توصيات قدمتها شرطة مدينة نيويورك الأميركية لزيادة الرقابة على الشيعة ومساجدهم في المدينة. وتهدف إجراءات المراقبة -بحسب الوثيقة- للبحث عن إشارات بشأن وجود من وصفتهم بأنهم “إرهابيون” إيرانيون محتملون في المدينة.
وتعطي الوثيقة -التي نشرتها وكالة أسوشييتد برس- مؤشرا نادرا يفيد بأن شرطة نيويورك تكثف مراقبتها للمساجد والمسلمين عندما تشعر “بخطر داهم”، لكن ما تضمنته الوثيقة يخالف قانون شرطة نيويورك الذي يمنعها من القيام بأي تحقيقات أو أعمال استخباراتية على أساس الدين.
وأدرجت الشرطة عشرات المساجد في ضواحي المدينة لم تثبت “صلتها في السابق بأي أعمال إرهابية”.
وكانت الوكالة نشرت تقريرا يؤكد تسلل عناصر من شرطة نيويورك بالملابس المدنية للمساجد ومراقبتهم لجميع المقاهي القريبة من المجتمعات المسلمة، وأضافت أن عمليات المراقبة بدأت عقب أحداث سبتمبر/أيلول 2001 بمساعدة من وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) في تعاون نادر بين الجانبين.
كما تأتي بعد مرور أسابيع على كلمة لوزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس تحدثت فيها عن أن إيران تشكل خطرا كبيرا على بلادها.
وفي عام 2006 أعد مدير شرطة نيويورك رايموند كيلي تقريرا بعنوان “الصراع الأميركي الإيراني- الخطر على مدينة نيويورك”، نشر من خلاله سلسلة من التوصيات بينها “توسيع وتركيز المتابعة الاستخباراتية على مساجد المسلمين الشيعة”، التي تقدر الشرطة عددهم بحوالي 35000 بينهم 8.500 إيراني.
تناقض
وهذه الوثيقة تناقض جذريا ما قاله عمدة ولاية نيويورك مايكل بلومبرغ الذي أكد أن شرطة مدينته لا تأخذ بعين الاعتبار الدين في ملاحقاتها، وتأكيد كيلي أن الشرطة تذهب باتجاه الأدلة والبراهين وليس الدين.
وتعيد هذه الوثيقة السجال الدائر حول نظرة شرطة نيويورك الخاصة إلى المسلمين، وقد واجه كيلي دعوات للاستقالة في الأشهر الماضية من ناشطين مسلمين لمشاركته في فيديو يقول إن المسلمين يريدون التسلل والسيطرة على الولايات المتحدة.
وقامت شرطة نيويورك بعرض الشريط على أكثر من 1500 من ضباط شرطة المدينة خلال جلسة تدريب.
وبدوره، قال مسؤول حكومي مطلع على التقرير إنه منذ صدوره عن شرطة نيويورك تبين أن حزب الله حزب سياسي أكثر مما هو ديني، وأن مراقبة الشيعة في الولايات المتحدة ليست مفيدة.
ولم تستطع الوكالة الحصول على تعليق على التقرير سواء من المتحدث باسم شرطة نيويورك أو أي ضابط آخر في الإدارة.
ويقول مراقبون إن قلق واشنطن من طهران ليس نابعا فقط من برنامجها النووي، وإنما من جهل طبيعة رد فعل الإيرانيين داخل الولايات المتحدة في حال نشبت مواجهة عسكرية بين البلدين.
عين على إيران
وعن هذا يقول المسؤول عن مسجد بيت القائم في فيلادلفيا إن حكم شرطة نيويورك على الشيعة غير عادل، متسائلا هل إذا هوجمت كوبا فإن الكاثوليك سيهاجمون الولايات المتحدة معتبرا أن هذا اتهام غير منطقي “ليس لأننا من نفس المذهب فهذا يعني أننا سنقف مع إيران ضد الولايات المتحدة، إنه أمر سخيف”.
وفي السياق، قال محللون سابقون في مكافحة “الإرهاب” إنهم لم يروا وثيقة كهذه من قبل، مؤكدين أنه أمر خاطئ أن تقفز من احتمال حصول صراع دولي للقول إنه تجب مراقبة مساجد الشيعة.
وتشير الوثيقة مثلا إلى أنه تجب متابعة مؤسسة ألافي الخيرية الإيرانية في نيويورك والتي اتهمتها الحكومة الأميركية بأنها تدار سريا من طهران، ولهذا قامت شرطة نيويورك بمراقبة المسجد الذي يصلي فيها أعضاء هذه المؤسسة الذين قالت الشرطة إنهم مرتبطون بجهات حاولت شراء معلومات عن تكنولوجيا صواريخ إيرانية.
وتظهر الوثيقة أيضا اقتراحات لمهمات استخباراتية خارجية أوسع من التي نفذتها شرطة نيويورك في السابق.
وتوصي اقتراحات الوحدة الخارجية في الشرطة بضرورة مراقبة المنظمات الإسلامية كحماس وحزب الله في الشرق الأوسط وأوروبا، وتعد هذه المرة الأولى التي يكشف فيها عن نشاط استخباراتي لشرطة نيويورك لجمع المعلومات عن إيران.
كما تدعو الوثيقة إلى متابعة التجمعات الفلسطينية التي قد تضم “عناصر إرهابية” من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو متعاطفين معها، وخصوصا في ظل العلاقة التي تربط الحركة بطهران.