29 سبتمبر، 2024 7:25 ص
Search
Close this search box.

المواعظ الدينية والواقع الاخلاقي

المواعظ الدينية والواقع الاخلاقي

في البدء لابد من الاشارة ان الموضوع الذي نطرحه لا يمثل تهجما على دين او مذهب وانما هو محاولة لمناقشة واحدة من المتناقضات التي تعصف بمجتمعاتنا والتي تتمثل بالزيادة الكمية للمواعظ الدينية عبر المحطات الفضائية ومواقع الانترنت والانحدار الاخلاقي الذي يلف مجتمعاتنا وكأن العلاقة بينهما عكسية.
لايصال الفكرة للقاريء نأخذ مثلا صلاة الجمعة ذلك لان نصفها موعظة فبمجرد سمعاع الآذان وقد يسبق ذلك بوقت قصير تبدأ جموع المصلين بالتوافد على المساجد بالعشرات او المئات وقد يصل العدد الى الآلاف يغلب عليهم اللباس الابيض منهم من يحمل سجادته وبعضهم  يحمل مسبحته وهم يسابقون الزمن بهمة ونشاط من اجل ولوج باحة المسجد لافرق بين عامل وتاجر ولا بين جندي وظابط موج جارف من المشاة والسيارات تتجه باتجاه المساجد تصطف باي شكل واينما يكون فالمهم هو الوصول الى المسجد والوقف في الصف الاول.
لايقتصر الموضوع على المساجد بل خارجها كذلك ونحن في بيوتنا نشغل جهاز الستالايت بما يحتويه من مئات القنوات المختلفة في توجهاتها دينية اخبارية افلام اغاني، تنضم فيما بينها لتنقل لنا صلات الجمعة وخطبتها الدينية التي هي في جلها موعظة ونحن في الطريق نشغل راديو السيارة لنجد ان اغلب محطاته تنقل لنا صلاة الجمعة، انها  اجواء من الايمان والخشوع تملا مدننا الاسلامية حتى ان بعضها يفرض على المسلمين التوجه الى الصلاة او قد يتعرضون للتعزير.   
بمجرد انتهاء اجواء الخشوع والايمان حيث ينفض الناس الى بيوتهم او اشغالهم يطفو على السطح المفعول العكسي المناقض للموعظة الدينية فبعض المصلين يخرج من المسجد ليجد ان نعله او حذائه قد سرق ويمكن ان يصل الامر الى سرقة محفظته ونقوده والبعض الاخر يحاول ان يخرج بسيارته ليجد ان مصلي اخر من شدة التقوى والايمان قد اغلق عليه طريق الخروج ويضطر الى الانتظار لفترة حتى يتكرم عليه اخوه الخاشع في اروقة المسجد ويحرك سيارته وقد يصل الامر الى اغلاق الشارع بالكامل امام مرور السيارات او الوقوف المزدوج وحتى خطا ثالثا ورابعا فكل شي مباح من اجل الوصول الى المسجد واداء الصلاة حتى لو كان على حساب حقوق الاخرين والافضع من ذلك كله فان معضم ابواب مساجدنا تكون مليئة بالفقراء يفقدون ماء وجوههم وهم يحاولون سد جوعهم والبعض منهم امتهن الشحاته حتى اختلط علينا الحابل بالنابل ولا مجال للتميز بينهم.
عجبا كل العجب فمع هذ الكم الهائل من الموعظة عبر الاف المساجد وعشرات المحطات الفضائة التي تبث الموعظة الدينية ليلا ونهارا ومئات او آلاف من المواقع الالكترونية على شبكة الانترنت في مقابل ذلك كله هناك انحدار اخلاقي مخيف في مجتمعاتنا وكأن الموعظة باتت تعطي مفعولا عكسيا تماما لما اراد لها الاسلام الحنيف.
قد يعترض البعض ويقول ان الامر مبالغ فيه ونحن وبكل رحابة صدر نقول لهم دعونا نناقش الموضوع بطريقة مبسطة ومن واقعنا اليومي من منا لم يضطر لدفع رشوة الى موظف حكومي ومن منا لم يتعرض لمضايقات من احد جيران السوء من منا لم يتعرض الى الضرب المبرح على يد احد معلميه خلال فترة الدراسة او حتى من اب او ام  او اخ  من منا لم يتعرض الى السب والشتم اثناء قيادته لسيارته بسبب او بدون سبب من منا لم يتعرض للسرقة خلال فترة من فترات حياته اذا لم يتكرر الامرلمرات عدة من منا لم يتعرض لعملية خداع من قبل ميكانيكي سيارات او فني صيانة اجهزة كهربائية او كمبيوتر او اي فني اخر مع احترامنا للشرفاء منهم هل يوجد امراة في مجتمعنا لم تتعرض للتحرش اللفظي او الجسدي الا نصادف كل يوم اناس يخرقون القانون ويوقفون سياراتهم في اماكن ممنوعة كمدخل منزل او مدخل كراج او اصطفاف مزدوج او يبيعون المواد باغلى من سعرها المقرر من الدولة كالمحروقات مثلا من منا لم يتعرض للخداع من قبل سائق تكسي من منا لم يتلقى معاملة سيئة في المستشفيات العامة وليس اخرها آفة الفساد المستشرية والقائمة تطول فاين رجال الدين واين مواعظهم الدينية من كل هذا.
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات