على أية حال، لم يكن مفاجئاً لأحد، العودة خالية الوفاض، بعد غيبة طويلة قضتها الوفود الكتلية العراقية، داخل القاعات المختلفة والمخصصة للتواصل والاجتماعات، بهدف إجراء سلسلة من المفاوضات الاستكشافية الشرعية والعلمانية والافكار الاقليمية واثار القوى العظمى، والتي كانت مثاراً للجدل، بين العديد من الساسة والمحللين والأكاديميين والاعلاميين والمتسيسين والمتفيقهين وغيرهم، حيث كان من المفروض أن تكون الفرصة الأخيرة، أمام الجميع على نحوٍ خاص، للتوصل إلى اتفاق مشترك، بغية التوصل إلى طريق أو طرف خيط، يمكن أن يسهّل عملية العودة إلى العملية الاصلاحية والتنموية والديمقراطية والادمية وهلما جرى، وإعادة المفاوضات إلى المسار الصحيح، لكن هذا لم يحدث.
فكما أُعلن، ومن قبل الأطراف، لم تحرز تلك المفاوضات الاستكشافية الكتلية أي نوعٍ من التقدم، وذلك بطبيعة الحال مسئولية الشعب المباشرة أولاً، ولاشتراك السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية تلك المسئولية ثانياً، ويمكن أن نضيف في المشاركة، الطرف المسمى بالضمير كذلك الى جانب الطرف الامريكي. ناهيك عن الأدوار المتهرئة في الأساس، وهي التي قامت وتقوم عليها كلٌ من اللجان والبرلمان بوجهٍ خاص.
حتى الإشارات واللفتات، التي كانت الاطراف قد ألمحت إلى الجدية في اتخاذها، كبادرة حسن النية، لم تتخذ قبل إجراء المفاوضات وإلى حد الآن، وما دام هكذا النمط السياسي العراقي الذي اثبت تخلفه الفكري والمنهجي دينيا وعرفا وعلمانيا، فإنه لن يُتخذ في المستقبل أي منها، وهي فيما يتعلق، باستبعاد العقوبات التي اتخذت في أعقاب لجوء السلطة القضائية الى الحسم لكثير من القضائية، للاعتراف باستقلاليتها الى جانب السلطات الاخرى ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسة الاعلام منذ اقرار الدستور على عواهنه التي تصل الى تجاوز الضمير والوطنية، وبشأن بادرة العفو العام وتجاوز سياسات القديمة الجديدة باجتثاث الافكار ومصادرة الاراء والعمالة لهذا الطرف او ذاك، وتقديم بعض التنازلات على الأرض في أجزاء من المواقف السياسية.
ولا شك فإن درجة التصنيف هذه، التي حصلت عليها الكتل، ذلك لأنها لم يكن في نيّتها تقديم أي نوع من التنازلات، أو حتى التفسيرات المطمئنة للسلطات الثلاثة وقبل ذلك الضمير وسلطة الشعب، بل إن رؤساء وفودها، لم يكونوا تقدموا أو قاموا بالتوضيح للجانب الاخر أو للجنان المتشكلة، موقفها من المسائل الكبرى، وأهمها مسألة المشاركة ومصادر الاموال وتعريف الارهاب والعمالة للدول كالسعودبة مثلا وايران ليتركوا العراق ساحة لحرب ايرانية سعودية بعد فشلها في لبنان والبحرين وسورية لوجود زكنيين اكفاء هناك خلثوا وخلصون بلدهم من وباء التدخل، وإصرارها على تجنبت الخوض فيها، وكأن الأمر مبيّتاً لها، ذلك ما كان بادياً من تصريحات قادتها ومسئوليها، من خلال إبرازهم شعار انعدام الآمال في التوصل إلى تحقيق تقدم، بحجة ضعف الشريك الاخر وتلويحه بالمفاوضات المشروطة، وحتى في المديين المنظور والبعيد .
وأما بالنسبة لمسؤولية السلطة القضائية، هو انجرارها السريع، للموافقة على إجراء مثل تلك الاجتماعات والقرارات غير المدروسة بحكمة، وإن كان حياءً من الطرف الضمير او الطرف الامريكي اللاعب الاساس في العراق، حيث كان من الصعب قول لا لاي طرف الذي كان على أملٍ ليس بالقليل، في أن تجلب تلك الاجتماعات، شيء من التقدم في عملية السلام والبناء والمشاركة ولم نذكر العدل على رغم ضرورته، وذلك كما يبدو من خلال عددٍ من الأوراق المهمة، التي يمتلكها كل منهم في مقابل التعنت والصلف للطرف الاخر، كان أومأ بها هذا الطرف او ذاك ضد الاخر، باتخاذ الإجراءات الضرورية واللازمة، التي من شأنها أن تضر بالعراق وشعبه في حال لم تثبت جدية واضحة، في الشأن التفاوضي مع الجانب الشريك المقر دستوريا، اي ان هناك تجاوز من قبل الجميع لارادة الشعب عندما اختارهم وايضا الى الدستور وقبل كل شيء الضمير، وهي الإجراءات التي من شأنها، أن تقوي صورة كل منهم ولو بالحد الادنى، في مقابل عدم الجدية الاطراف دون استثناء في التوصل إلى حل عادل وشامل، ومن ناحيةٍ أخرى، الممارسات التبعية لافراد لهم اثرهم في الكتل من تبعية لهذه الدولة وتلك فضلا عن سلوكيات عنصرية على الأرض لاول مرة يشهدها العراق.
ومنها العلاقات مع الشعب الفرح بالتغيير والصامت بسبب هذا الفرح وعلى مضض من تصرفات الكتل والسلطات الثلاثة العراقية غير متوازنة، التي تعتبر الحلقة الأضعف في العراق، وإن في هذه المرحلة بالذات، خاصةً وسط الضوء الساطع للربيع العربي بل وليس فقط العرب بما تشهده المنطقة من ارهاصات ستنال كل مناكق الدكتاتوريات من غير العرب كايران وبقوة .
وكانت الكتل قد مهّدت لتلك الاجتماعات، حينما أعلنت بأن تختار الشراكة ما بين الديمقراطية، وجملة السلوكيات المرفوضة، ضد بعضها البعض وضد مصلحة العراقيين والقضية الوطنية، والتي كانت قد بدأت بعدم استحسان استقبال ممثلاً عن اي منهما للاخر، دون تقديم تنازلات ذات شأن، يتمكن للعراقيين بالسماح لأنفسهم المقدرة على تبريرهم، عودة الحرية الحقة ومصلحة العراق إلى طاولة المفاوضات والقرارات العملية.
وكانت ذكرت بعض المصادر، بأن هناك الكثير من الأوراق لدى الاطراف جميعها، بحيث يمكن استخدامها ضد الطرف الاخر، وأولها إجراءات يستطيع إلغائها أو تعليقها او مساومات ليكون الشعب كما يقول المثل اطرش بالزفة وهناك من هم خارج العمليات السياسية من الكتاب والاعلاميين ومن يدعي الراي يشجع على الدماء اكثر مما يشجع على ابداء الراي والعجيب ان الغالب منهم خارج العراق ولم يشعر لالام شعبه الا بالمراسلة مع اهله او اصدقائه ان وجدوا ان لم يكن من المستفيدين من الاجندة لهذا الطرف او ذاك او جهات اجنبية .
كل ذلك هي ذات صلة بمعاهدات السلام في العراق والبناء والقضاء على ارهاب بين كل الاطراف، وبالتدرج هناك إمكانية لتجميد جميع العلاقات الثنائية حتى بين الاطراف نفسها ان لم تكن مجمدة لتبقى المجاملات التي لا تغني عن جوع والضحك على الذقون .
وهناك الأمر الأهم، وهو التضييق على الشعب في الداخل، من عملية التقارب الشعب لهذا الطرف او ذاك او الموقف المتششد الشعبي ضد ايران مثلا والذي تساوى ان لم يفوق الموقف ضد القاعدة لما لفيلق القدس من دور ارهابي الى جانب حزب الله والتي تحاول الجهات الواعية السعي لإنضاجها على نحوٍ أعمق، وهذا بلا شك أكثر ما يُغيظ الاطراف الايرانية مثلا او اذا كان لطرف المضاد لها اكثر مما يغيض الجهات السعودية، والذي يدخل في حساباتها، جنباً إلى جنب مع بقية القضايا المقلقة كما تدعي نهضة العراق، ومع ذلك فإن الناظر إليها، لا يمكنه أن يتوقع جنوحاً للكتل العراقية على قدرٍ يمكن الاعتداد به وطنيا.
وبالرغم من أن الجميع، قد وضع الكرة في الملعب الدولة اي السلطة التنفيذية، فإنه ليس لديهم أية توقعات عالية، بأن الدولة بعيدا عن الشراكة ستعلن الاستجابة لمطالب الكتل الاخرى، في الوقت الذي يتم التغافل عن امر مهم دستوري وهو تجميد الدعم المالي لاطراف كتلية عراقية من هذه الدولة او تلك كرواتب منظمة بدر من السفارة الامريكية كل شهر وامام الملأ العام وكما يقول المثل اذا لم تستحي فافعل ما تشاء بالاخص بعد انفصال المجلس الاسلامي وعودته لاحضان الوطنية بجدية والى المرجعية الشرعية حقا في النجف والتحرر من ولاية الفقيه الدموية والمحرفة للمذهب كالوهابية المحرفة للسنة، والاعتراف بحدود الوطنية والسيادة العراقية التي تتجاوز عليها الكتل بانتماءاتها مع هذه الجهة او تلك من الدول الاقليمية او انتهاكات هذه الدول كايران وتركيا للسيادة العراقية كأساس للمفاوضات والقرارت.
على أية حال، وفي ضوء النتيجة المخيبة للآمال هذه، سيتحتم على العراقيين أولاً، إلى تدارس الوضع بجديةٍ أعلى، وعلى موقفٍ أقوى من الحزم، تجاه السلوك الساسة العابث، والمدعوم بقوى اقليمية لا ترغب للعراق بالنهوض، بطريقةٍ أو بأخرى، وفي انتظار ما تقرره السلطة التشريعية الضعيفة التطبيق والسلطة القضائية المترددة، التي لا بد من اتخاذها الإجراءات الكفيلة، لصد ومواجه التسفيه الكتلي للعقلية العراقية بما لديها من إمكانات ونقاط قوة، بالإضافة إلى المضي قدماً، في الاستمرار بالتحرك الاعلامي والتنموي والشخصي العراقي العراقي، باتجاه الأمم والمؤسسات والمنظمات الدولية ورجال الاعمال للنهضة بالعراق وبنائه والا سنرى العراق بسلامة هؤلاء الساسة لا عراق.