18 ديسمبر، 2024 9:37 م

تخلصّوا من الطائفية …يخلوا لكم وجه العراق !!

تخلصّوا من الطائفية …يخلوا لكم وجه العراق !!

إذا وجهّنا هذا السؤال لأي مواطن عراقي : ماهي رؤيتك وخطتك للقضاء على الأرهاب الذي لازال ومنذ عام 2003 إلى اليوم وهو يفتك بالأبرياء من أبناء الشعب العراقي دون رحمة ؟ …..فحتماً سيكون الجواب على شكل نقاط تتعلق بالأمن 1-2-3-4….إلخ دون ذكر أسباب الأرهاب ودوافع الأرهابيين الذين يقومون بعملياتهم الأنتحارية وسط حشود الأبرياء في الأسواق والمساجد والحسينيات والأماكن العامة بأستمرار!!
ولكن …هل سألنا أنفسنا يوماً ؟ماهي دوافع ذلك الأنسان الذي يعبر آلاف الأميال ويتجاوز الحدود ويتعرض لأنواع الأذى والمخاطر خلال رحلة السفر حتى يصل إلى مكان يفجر فيه نفسه وسط النساء والأطفال والشيوخ دون أن يلتفت إلى حكم شرعي أو وازع ديني أورادع أخلاقي أو عاقبة الدنيا والآخرة ؟
ولاشك في أن الكثيرين من الأرهابيين (بل أغلبهم ) الذين جاؤا من الخارج أو من الداخل ونفذوا عملياتهم الأنتحارية أو عمليات القتل والذبح أو التدمير والتخريب هم جاؤا بدافع طائفي صرف ليس له علاقة بالسياسة أو الأقتصاد أو الحكم أو مقاتلة المحتل الغازي لبلاد المسلمين  !! حتى وإن كانت الجهات التي دفعتهم لها غايات سياسية أو مصالح أقليمية ، ولكن نحن نسأل عن سبب أنتحارهؤلاء وقتل أنفسهم ،لكي يقتلوا غيرهم ،وينتفع بموتهم من أرسلوهم إلى حتفهم ،  ماهي مصلحتهم ؟ وما هو الشيء الداخلي الذي يدفعهم إلى فناء أجسادهم وتقطيع أوصالهم ، بهذه الطريقة الوحشية ؟إنها واضحة وصريحة لاتقبل النقاش ….السبب هو طائفي ..عقائدي،لاأكثر ولاأقل !!!!!!!
نعم …السبب هو الطائفية بكل ماتعني هذه الكلمة الشوهاء من معاني قاسية ومؤلمة !! ومن أراد أن يبتدع لها أسباب أخرى فذاك شأنه ، لأن القضية لاتعدوا كونها مسألة باطنية ،تسييّر أصحابها رغماً عنهم ، لأنهم في الواقع قد وقعوا تحت تأثير الكلمات المقدسة،وصرعت عقولهم الروايات المزيفة ، فأفقدتهم التركيز ،ودفعتهم إلى حتفهم وهم لايمتلكون أدنى إرادة …!!
 لكنني أقولها بصراحة ومسؤولية وطنية ودينية وأخلاقية :إذا أردنا أن ننهي الأرهاب ونقضي على الفتنة ونوقف شلالات الدم التي تجرى كل يوم من أجساد الأبرياء ،علينا أن نتخذ موقفاً شجاعاً ومسئولاً من الطائفية بكل أشكالها وعناوينها ، وربما يقول قائل بأنه: ماعلاقة الطائفية بقتل رجل أعمال أو مثقف أو سائق أو تفجير كنيسة أو غيرها من ألوان القتل التي ربما يتوهم البعض بأنها سياسية أو أقتصادية أو غيرها ولكن الحقيقة أقول :   بأن كل مايجري من قتل للناس بكل طوائفهم وألوانهم وتدمير البنية التحتية للبلاد ، وكل أسباب القتل والأغتيال هو يندرج تحت عنوان (أما الطائفية ..أو أعوان الطائفية …أو الساكت عن أعمال الطائفية ) وأتصور أن كلامي واضح ، وللمزيد من التوضيح :
..نكرر السؤال : كيف أصبح هذا الأنسان المسلم حاقداً وقلبه يغلي بالحقد والغضب والأنتقام والرغبة في قتل أكثر عدد ممكن من الناس الأبرياء ، دون أن يخفق له قلب أو يطرف له جفن ؟ والجواب هو: بسبب التاريخ المشوّه ، والروايات الموضوعة ، والأحاديث المدسوسة  التي يرويها أئمة السوء وشيوخ الضلالة على عقول الشباب المسلم الناشيء الذي يتلقف هذه العقائد الفاسدة ويتغذى بها فيتحول إلى برميل من البارود وهو لايعلم  متى وأين سينفجر !!  وهذه الأستنتاج هو الفهم الواقعي  للكثير من  أبناء الشعب العراقي الذين أبتلوا بهذا البلاء القاتل خلال السنوات الأخيرة ..
ولكن لنتكلم بصراحة ..هل نحن ساهمنا بقتل أنفسنا وتدمير بلادنا وأعطينا شيئاً من الذرائع والتبريرات لهؤلاء الأوباش الحاقدين لكي يقتلوننا كل يوم ويعيثون بأرضنا الفساد والخراب والدمار ؟؟
نعم ..نحن ساهمنا بكل ذلك ومن أول يوم ، وذلك من خلال الإصرار على بقاء عبارات [ السب واللعن والشتم والبراءة ، وألوان الطعن والتشويه والقذف ] لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأزواجه أمهات المؤمنين في كتبنا وأدعيتنا وزياراتنا ومجالسنا دون إلتفات إلى عواقبها الوخيمة ونتائجها المروعة !!!
إن ذلك الأنتحاري وقبل أن يقدم إلى العراق أو يفكر في قتل أبنائه وأطفاله ونسائه في الشوارع والساحات والمساجد والمدارس تُعرض عليه أقراص وأشرطة مسجلة ومصورة تحتوي على مقاطع من خطب ومجالس لبعض المعممين والقرّاء الخرافيين يُشتم فيها الصحابة وأمهات المؤمنين ، ويُقال فيهم الكلام الفاحش ، ويُرمون بأنواع الطوامي والدواهي ، وحتى يَرِدُ في بعضها الطعن بكتاب الله وأتهام الصحابة الكرام بتزويره واللعب بمواضع آياته !! ولايعلم أولئك الذين تمسكوا بهذه الترهات والخرافات ورضوا عن قائليها ومروجيها ولم ينكروا عليهم ،وسمحوا بأشاعتها بين العامة ، بأن ذلك سينعكس سلباً على أبناء المذهب ، وتتحول كلماتهم وخطبهم إلى (فتيل تُشعل به قنابل الأرهابيين ) لتتفجر فتمزق وتحرق وتدمركل ماحولها من أجساد المساكين الذين لاناقة لهم ولاجمل في هذا الصراع الطائفي الأعمى!!! 
 إذاً ماهو الحل ؟؟؟
يجب أن يبدأ الحل من أعلى المستويات ، من رجال الدين [ مراجع الدين الكبار ] والشيوخ أصحاب [الكلمة والنصيحة المسموعة ] وذلك بأصدار فتاوى وبيانات واضحة وصريحة – دون لف أو دوران أو غموض أو ضبابية – من على شاشات الفضائيات ، وذلك بتحريم وتداول الكتب والأدعية التي تتضمن عبارات الشتم واللعن والسب والطعن لأصحاب الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وزوجاته المطهرات ، ومنع الأساءة إلى سمعتهم والنيل منهم بأي شكل من الأشكال من قبيل العبارات الواردة في الأدعية المنسوبة زوراً وبهتاناً لأئمة الهدى عليهم السلام مثل : [ اللهم إلعن صنمي قريش وإبنتيهما ] أو مثل : [ اللهّم إلعن الأول والثاني والثالث ] وطبعاً القضية هنا معروفة من هو الأول والثاني والثالث ..إنهم الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، والذين يقرأ سيرتهم الطيبة أطفالنا في كتب المدارس على أنهم خلفاء وقادة وأصحاب فتوحات ، ولكنهم يتفاجأون وتحتار عقولهم الصغيرة حينما يسمعون الشيوخ والملالي يسّبونهم ويرمونهم بالخيانة والأرتداد وبأنواع التهم والأباطيل التي لاتنتهي!! فتصور كيف تتحول نفسية أبناءنا وتتشتت أفكارهم وهم يقرؤن في البداية شيئاً محترماً عن هؤلاء الصحابة في درس الأسلامية والتاريخ العربي ومادة القراءة ثم يسمعون من الخطباء والقرّاء والملايات  شيئاً آخر يتناقض تماماً مع ماقرأوه في كتبهم  !!
بل وصل الأمر إلى صفوف المدارس الأبتدائية… حيث بلغني أكثر من مرة بأن بعض المعلمين قد أمروا تلاميذهم بتجاهل سيرة الخلفاء الثلاثة ، وعدم الأهتمام بها والأطلاع عليها لأنها على حد زعمهم غير مهمة ولاتأتيهم بالأمتحانات !! بل أن هناك من المعلمين من راح يحشي عقول التلاميذ بأن هذا التاريخ الذي بين أيديهم خطأ ومزيّف وهم غير مجبرين على مطالعة حفظ ماورد فيه ، وأن التاريخ الصحيح هو مايمليه عليهم ذلك المعلم الطائفي الخرافي من حقد وأستعداء وكراهية وهو لايدرك النتائج المرعبة التي تترتب على هذا الفهم المشوه للتاريخ على نفوس أطفالنا الذين هم أجيال المستقبل!!!
لقد قال لي أحد أبناء السنة من مدينة ديالى صراحةً : نحن لانثق بكلامكم أنتم الشيعة !!فقلت له لماذا ؟ فقال : كنت أزور شقيقتي – المهجرة من محافظة ديالى –  والمتزوجة من رجل (شيعي)  في مدينة كربلاء في كل شهر مرة ، وخلال أختلاطي ببعض أصدقاء زوج شقيقتي والأستماع إليهم وهم يعرضون قصة الإمام الحسين وجهاده وماجرى عليه  قررت أن أتفهم المذهب الإمامي أكثر ، وأخذت أسافر كل ليلة  جمعة مع الزائرين من الشيعة إلى مرقد الإمام الحسين عليه السلام ومعي جماعة من أصدقائي من أهل السنة  ، وقبل أيام كنت في الحظرة الحسينية المطهرة في مدينة كربلاء المقدسة وزرت أحد رجال الدين ومعي مجموعة من أبناء السنة من مدينة ديالى وقد رحب بنا الشيخ ترحيباً حاراً وتحدث معنا عن ضرورة الوحدة الأسلامية وضرورة إحترام الرموز الدينية لجميع المذاهب والأديان ، وقال لنا بالحرف الواحد :[نحن لانقبل ولانرضى من كائن من كان أن يسب الصحابة والخلفاء الراشدين أبداً ..وإن أوامر مراجعنا وعلمائنا وتوجيهاتهم وأرشاداتهم واضحة وصريحة بهذا الخصوص ]…قال : فلما خرجنا من غرفة رجل الدين سمعنا العشرات من الزائرين  في الصحن الحسيني وهم يقرأون أدعية وزيارات تشتمل على فقرات طويلة فيها اللعن للأول والثاني والثالث وبالخصوص اللعن لأبي بكرٍ وعمر وأبنتيهما عائشة وحفصة ، وهؤلاء يقرأون هذه العبارات وهم على بعد أمتار قليلة من غرفة ذلك المسؤول الديني الذي أتحفنا بخطبته الوحدوّية قبل دقائق !! 
عندها أحترنا وذُهلنا خصوصاً بعد أن أستفسرنا من أحد الزائرين عن من هو المقصود بالأول والثاني في كتاب الزيارة ، فقال الرجل مستغرباً : عجيب أمركم …ألا تعرفوا من هو الأول :أنه الملعون أبي بكر والثاني هو عمر وأبنتيهما الملعونتين عائشة وحفصة !! ….فبقينا ينظر بعضنا في وجه بعض بأستغراب ودهشة ونحن نقول (هل يعقل أن يُشتم ويُسب أصحاب رسول الله وأزواجه في ضريح حفيده الحسين بهذه الطريقة )  ؟؟؟ بعدها  خرجنا من المقام الشريف ونحن نشعر بالألم والأحباط واليأس من كل ماقيل لنا قبل قليل ولم نفكر بالعودة إلى زيارة مرقد الإمام الحسين (ع) مرة أخرى حتى لانضطر أن نسمع من يلعن ويسب الرجال الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا مع رسول الله بأموالهم وأنفسهم  وأن لانسمع لعن النساء اللاتي جعلهّن الله تعالى أمهاتاً للمؤمنين جميعاً  !!!
ورب قائل يقول ، ولكن هذه حقائق وروايات صحيحة ورد فيها اللعن والشتم والبراءه من هؤلاء وأمثالهم والحق يجب أن يقال !!
ونقول أولا ً: هذه ليست روايات صحيحة ، بل إنها روايات الهدم والتخريب في تراثنا وتاريخنا الأسلامي العظيم …أنها روايات الحقد والبغضاء والدس التي تريد لأمتنا الأسلامية أن تعيش التناحر والفرقة والتشرذم إلى يوم القيامة !!
وثانياً : إن أهل البيت عليهم السلام أبرأ الناس من هكذا عبارات ودسائس وإتهامات باطلة لأصحاب النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، فهم عليهم السلام لايسبون،ولايلعنون ولايشتمون أحداً من خلق الله ، وهناك عشرات الروايات الصحيحة الواردة عن أهل البيت عليهم السلام التي لايسمحون لأحد من أتباعهم وأشياعهم أن ينالوا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو ينتقصوا من قدرهم وجهادهم ومكانتهم ..
 وفي نهج البلاغة الجزء الثاني كلام للأمام علي عليه السلام وقد سمع البعض من أصحابه ينال من أبي بكر وعمر فقال عليه السلام وهو غاضب : [لاأسمع أحداً ينال من صاحبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا جلدته حّد الفرية ] ( وكما هو معلوم أن حدّ الفرية  في الأسلام هو الجلد 80 جلدة للمفترى الكذاب ) …وكان الأمام الصادق عليه السلام يفتخر أمام جلسائه ويقول : (لقد ولدني أبو بكر مرتين ).. وهذا الأمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام يطرد من مجلسه بعض من رجال الشيعة وقد سمعهم ينالون من أبي بكر وعمر ،كما ذكر ذلك العلامة السيد هاشم معروف الحسني في كتابه [ سيرة أهل البيت ج2ص265].!! فهل أقتدينا بأمامنا أمير المؤمنين علي عليه السلام مع واحد  من هؤلاء الجهلاء الحاقدين الذين يسبون ويلعنون أبي بكر وعمر يومياً وصفعناه على وجهه القذر بدلاً من جلده 80جلدة ؟؟…أم هل أقتدينا بأمامنا السجاد عليه السلام وطردنا أحداً من مجالسنا ومساجدنا و حسينياتنا أو بيوتنا وهو يسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم !!
أما لوفعلها أحد منا اليوم …لأقاموا عليه الدنيا ولم يقعدوها ..ولأصبح هدفاً سهلاً لجميع التهم الجاهزة مثل ….ناصبي ..وهابي ..عميل ..عدو أهل البيت ..عفلقي ..بعثي ..يزيدي ..سفياني وو..قائمة الأتهام والتسقيط تطول وتطول …كل هذا لأن المسكين أقتدى بأئمته وسادته أهل البيت عليهم السلام ، ولم يرضى بسب أحدٍ من رموز الأسلام ورجالاته حتى لاتكون مبرراً للفتنة ولرد فعل الآخر !!
ثم نقول كيف أصبحت تلك الفقرات التي وردت في كتب الزيارة مقدسة إلى هذه الدرجة بحيث لايُسمح لأحد بمناقشتها أو تحليلها أو البحث عن صحة نسبتها لأل البيت الطهر عليهم السلام ..
وكيف تستقيم هذه العبارة في أحد كتب الزيارة من هذه الحقيقة ..مثلاً (اللهم إلعن بني أمية قاطبةً) …ونحن نتسائل :هل أن أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان مع هؤلاء الملعونين(والتي كانت من المؤمنات الفاضلات وهي التي لم تسمح لأبيها أبو سفيان أن يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما قدم إلى المدينة لأتمام صلح الحديبية وقالت له : أنت رجل مشرك نجس وهذا فراش رسول الله طاهر مطهر !!فقال لها وهو متعجب : بنيتي :هل أصابك شيء بعدي ؟؟فقالت :لا: ولكني امرأة مسلمة وأنت رجل مشرك ، والمشرك نجس بنص القرآن (أنما المشركون نجس ) ..! فهل هذه مشمولة مع القاطبين من بني أمية ؟
أم هل من المشمولين الصحابي الجليل خالد بن العاص الأموي الذي ذكرت الروايات بأنه كان من شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام وأنه من المتخلفين معه في الدار ولم يبايع حتى بايع !!
أم هل من القاطبين الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز الذي منع سب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وأدى للعلويين وآل البيت حقوقهم ومكانتهم ؟
أم هل من الملعونيين القاطبين محمد بن عبدالله بن عمرو بن عثمان بن عفان الملقب ب(الديباج ) وأمه فاطمة بنت الإمام الحسين عليه السلام والتي تزوجها أبوه عبدالله بعد وفاة زوجها الحسن المثنى! وكان محمد الديباج مع آل البيت قلباً وقالباً ومعتقداً حتى قتل مع آل الحسن أيام خلافة المنصور العباسي في منطقة الربذة بعد فشل ثورة محمد ذو النفس الزكية في المدينة المنورة سنة 145للهجرة .. فهل هذا الشهيد من الملعونين القاطبين من بني أمية ؟
أم هل من الملعونين معاوية الثاني بن يزيد بن معاوية (الذي رفض الخلافة من أول يوم وأستنكر في خطبته (التي ذكرتها كل المصادر الشيعية ) مافعله جده معاوية مع الإمام علي (ع) ….وأستقبح وأشمأز مافعله أبوه يزيد من قتل الإمام الحسين (ع)وسبي حرماته …!  ثم ترك الخلافة وأحتجب عن الناس حتى مات حزناً وكمداً  في اليوم الثالث من بيعته  ؟؟ فهل هذا يُلعن ؟؟
وغيره وغيره من الصالحين ..وأنا أريد أبين من هذا البحث التاريخي بأن هذه العبارة الواردة في كتب الزيارة لم يقلها أي واحد من الأئمة أبداً ولاتستقيم مع أخلاق آل البيت عليهم السلام ، فكيف أصبحت في زماننا من المقدسات التي لايجب مناقشتها أو مدافعتها ونسفها ؟؟ 
لأنه وبصراحة نقول : ماهي نتيجة السب واللعن ؟….النتيجة أن يسبك الآخرون ، وقد ورد في الحديث الشريف سؤال : (أيكم يسب والديه !!قالوا لا أحد منا يسب والديه ، ونحن نحترم آباءنا،قال : أنكم عندما تسبون آباء الناس فيسبون آباءكم )..وبذلك تكونون السبب في ذلك ، والله سبحانه وتعالى عرفنا إياها في الدائرة الأوسع ، دائرة الذين نختلف معهم في العقيدة ،هؤلاء الذين يعبدون غير الله أو يلتزمون نهجاً غير نهج الحق ، كيف نحاورهم ، كيف نواجههم بالسب ، وما الفائدة ، هل نهديهم إلى سواء السبيل !!
أن لغة السباب هي اللغة التي تعيش في كثير من المجتمعات المتخلفة ،والسّب عادةً مايكون لتفجير الغيض ،وإذلال المقابل وإهانته ،ولكن ماهي نتائج هذاالسب ؟ بحيث أنت تسب والأخرون قادرون على أن يسبوا، قال الشاعر :
لسانِك لاتذكر به عورة أمريء       فكلك عورات وللناس ألسن ُ
وعينك إن أبدت للناس معايباً       فصنها وقل ياعين للناس أعين ُ
لست وحدك الذي  عندك لسان ، ولا الناس الذين تسبهم وحدهم عندهم عيوب  ونقاط ضعف ، فأنت عندما تسب إنساناً فهل نجعلهم مؤمنين  إذا كانوا كافرين ؟ هل عندما نسّبهم ونسب مقدساتهم نجعلهم مهتدين إذا كانوا ضالين ؟! عندما نسبُ لهم رموزهم  المقدسة عندهم فإننا نزيدهم تعصباً لأن كل إنسان عندما تهاجم مايحب بطريقةٍ فجةٍ ، فإنه يبادر الى أن يعتبر المسألة إساءة له ، فيحاول أن يسب من تلتزم به ، ومن تقدسه وتحترمه ويريد أن يؤذيك كما آذيته ، ويريد أن يسيء إليك كما أسأت إليه ، رغم أنني لم أجد أو أسمع أحداً من أبناء السنّة أو من غيرهم أنه قد سّب أو لعن شخصاً واحداً  من أهل البيت عليهم السلام..! ولكن ربما تجد من علماء السنة من يستنكرون ويرفضون بعض الأحاديث التي يرويها الشيعة وتنسب إلى أهل البيت كذباً وزوراً مثل : (أن أهل البيت يخلقون ويرزقون) ..! فإذا قلت لراوي الحديث : أن هذا الحديث باطل ، فأنه سيصرخ بوجهك قائلاً : لماذا تكرهون أهل البيت !!!!
إن الله  جعل من غرائزنا الطبيعية إن الأنسان يتعصب لعمله ، ويتعصب للرموز التي تمثله ( ولا تسبوا الذين يدعون من دونة الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) الله يقول : هذه المعادلة من أين تأتي ، أنك إذا سببت هؤلاء  فإنهم سيسبون الله (كذلك زينا لكل أمة عملهم ) كل إنسان يعتبر أن الحق معه ، فعندما تأتي وتصدمه رأساً ، تقول له يازنديق ، ياكافر ،يافاجر ، وتسب له مقدساته كلها ، إذا أطلقت عليه رصاصة فسوف يطلق عليك رصاصة ، الكلمة التي تريد أن توجهها لأنسان فيما يحترمه ويقدسه دون سابق أنذار ، هذه الكلمة رصاصة ، ولكن رصاصة معنوية ، الرصاص يصيب الجسم ، والكلمة تصيب الكر امة ، أذا إستثرت كرامة أنسان فإنه سيثور ، وإذا ثار فإن طريقته في  الثورة هي أن يبادرك بمثل مابادرته به ، فيسب الله إذا كان كافراً وكنت مؤمناً ( ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم كذلك زينا لكل لإمة عملهم ) إنه سب لايفيد  ولا يحلُّ مشكلة ، بل يعقد ، لكن يمكنك أن تقول يافلان تعال نتفاهم ،أنتَ برّد عقلك وأعصابك ، وسأبرّد أنا عقلي وأعصابي ، ثم نبدأ الحوار والنقاش بكل هدوء و أريحية ، ولابد من أن يكون المسؤولون قدوة لغيرهم ،لأن المشكلة في كثير من الناس أنهم إذا أطلقوا السباب كعنوان لطريقهم في الصراع ،فإن ّكل الناس الذين يتبعونهم يتحولون إلى سبّابين يستهلكون كلماتهم وربما يزيدون عليها لأنهم يعتبرون ذلك ضوءاً أخضر من كبرائهم وقادتهم ،مثلما يقول الشاعر :
إذا كان رب البيت بالطبلِ ضارباً      فشيمة أهل البيت الضرب والرقص ُ 
 الأمام علي عليه السلام يمثل لنا الخط والقدوة يقول :(إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ، ولكنكم لو وصفتم  أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر ) إذاً قل الكلمة تكون حجة ٌ لك ، وقل الكلمة التي تكون صواباً، ثم لاتكن روحيتك أتجاه الناس الذين تختلف معهم روحاً تدميرية ، ولاسيما أذا كانت  الخلافات  في دائرةٍ واحدة ٍ ، دائرة يؤمن أفرادها بالله  ويختلفون بالطرق التي تؤدي إلى الله، أو يختلفون في طريق الأستقامة والأنحراف ، لاتكن روحك روح الأنسان الذي يشتهي الفتنة ، أو يشتهي الحرب أو يشتهي التدمير ، لتكن روحك روح الأنسان الذي ينظر إلى من يختلف معه نظرة عطفٍ وإشفاق ورثاء ،وأمل كبير بأن تنفتح عليه، وينفتح عليك  في المستقبل .
ولهذا أرادنا الله سبحانه وتعالى  أن نتكلم  الكلمة الطيبة من أجل أن نشارك في إيجاد العلاقات على هذا الأساس ،وحتى عندما أرادنا أن نجادل قال ،إنك تجادل الناس لا لتسجل النقاط عليهم ، ولكنك تجادل الناس لتهديهم إلى سواء السبيل ،ولذا حاول أن تقول الكلمة الأحسن حتى تفتح الطريق إلى عقل الناس ، وهذا في كل المجالات ، سواء في البيت ، أو في الشارع ، أو في ساحة العمل السياسي و الأجتماعي ، حتى يكون مجتمعنا  مجتمع الكلمة الطيبة ، لا مجتمع الكلمة الخبيثة ،
إن مشكلتنا أننا نفكر في الأمور بتوتر ، إننا نريد أن نركز هذه النقطة ، حتى نصل إلى مرحلة المجتمع المهذب في إجتماعه ولقاءاته، الذي يملك نظافة اللسان ،ويمارس عملية إحترام الناس بعضهم لبعض ، فالسب لايمثل حالة إحترام في حياة الناس ، ثم أن الله سبحانه وتعالى يريد منا كمؤمنين أن لانزيد العداوة بين الناس ، عندما يصبح الناس أعداءك لأنك مؤمن ، فهنا المسؤولية ليست مسؤوليتك ، ليس ذنبك إن عاداك الأخرون لأنك إنسان شريف ، بل تتحمل المسؤولية إذا صاروا أعداءك لأنك تسبهم ، وتشتمهم ، وتتكلم عليهم بدون حق ..
فلا بد أن تكون وسائل الصراع وسائل مهذبة  ومعقولة حتى يمكن أن نصل في صراعاتنا سواء كانت سياسية أو أجتماعية أو عقائدية أو أقتصادية إلى النتائج والأهداف الكبيرة والمهمة في الحياة الأنسانية ،وأن تكن كلمتنا رحمة وليس نقمة حتى على من يخالفنا في الرأي والأعتقاد ،  وهناك حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  يقول فيه :(إني لم ُأبعث عذاباً إنما بُعثتُ رحمةً للعالمين )… فاستحق قول الله تعالى فيه ( فبما رحمةٍ من الله لنِتَ لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك )آل عمران 159) .
هذا هو الأسلوب  الصحيح الذي يرسمه لنا القرآن الكريم والذي يجب أن ننطلق فيه في العلاقات الأجتماعية والعقائدية والعلاقات العامة ، وليس السباب والشتم واللعن والتنكيل والنيل من الأخرين هو أسلوبنا ولغتنا في هذه  الحياة ، لأنه في الواقع أسلوب الجاهلين ، ولغة المتخلفين، وغرض الحاقدين ..
فأذا أردنا أن نحفظ دمائنا وبلادنا ونقطع دابر الأرهاب والقتلة ، فعلينا أن لانسمح لشيوخ الفتنة وعلماء السوء وبعض المخرفين من القرّاء والملالي والمنشدين الذين يثيرون الفتنة الطائفية في بلادنا وذلك بالتهجم على رموز الأسلام ومقدسات المسلمين ويكونون السبب في دفع  المتطرفين لأستباحة دمائنا وقتل أطفالنا وتدمير بلادنا ، وأن الله تعالى لايسألنا يوم القيامة لماذا لم تلعنوا ولماذا لم تسبوا فلان وعلان ، ولكنه سبحانه وتعالى سيسألنا عن الدماء التي تسيل مثل الأنهار أمام أعييننا ونحن لانحرك ساكناً سوى الصراخ والعويل واللعن والسب والشتم …
كذلك فإن على الناعبين والناعقين واللاعبين على وتر الطائفية من علماء الوهابية وشيوخهم وأذنابهم أن يخففوا من خطابهم المتشنج بحق الشيعة ، وأن عليهم أن لايبقوا يجترون ويكررون هذه النغمة المزعجة (نغمة تبعية الشيعة إلى المجوس وإلى إيران ) وأنهم رافضة وأنهم خارج الأسلام وأنهم وأنهم ..مما يدفع ذلك بالمغررين من أتباع الوهابية والسلفية  بتفخيخ أجسادهم ثم تفجيرها وسط الإبرياء الذين لايعرفون لماذا قتلوا ولماذا تقطعت أوصالهم في الشوارع والساحات !!؟وعليهم كذلك أن يوقفوا نباح بعض الأصوات المسعورة في قنواتهم التي  تحرض وتزيد من الشحن الطائفي الموجه إلى أبناء الشعب العراقي الذي خرج لتوه من فتنة الحرب الطائفية التي كادت أنت تاتي عليه لولا عناية الله تعالى وتظافر جهود الطيبين والعقلاء من أبنائه !
وأخير نقول .. أن كل من لايعجبه هذا الكلام ويريد الأستمرار بما يسبب لنا آلاماً جديدة ومصائب قادمة ويريد أن يزيد بفرقتنا وتشرذمنا فما هو إلا صاحب غرض شيطاني لايريد الخير للعراق وأهله…ونسأل الله العلي القدير أن يحفظ العراق وشعبه الصابر من غرض الطائفيين ، ومن كيد الكائدين، وحقد الحاقدين، وجهل الجاهلين أنه سميع مجيب ..