بعد أن من الله سبحانه وتعالى بجلاء القوات المحتلة الغازية عن عراقنا الحبيب وتطهرت هذه الأرض الطاهرة ( ولو جزئيا) من أقدام الغزاة الكفرة وهي اللحظة التي كان ينتظرها العراقيون كي يفرحوا بها وينسوا شيئا مما اقترفته أيدي الغزاة من الدمار الذي طال كل شيء ,احتدم الصراع بين الصدريين بعضهم البعض أو مع ما يسمى بالجناح المنشق عن التيار وهم العصائب وظهر للعيان تراشق بالتصريحات بينهما ووصل إلى مستوى القيادات من كلا الطرفين وأنا كنت من المتابعين لما يحدث من هذا الاختلاف وبعد البحث والتحليل وعقد الحلقات النقاشية والحوارية مع بعض الطلبة في كليتنا خلصنا إلى هذه النتيجة والتي نأمل أن يطلع عليها السيد مقتدى الصدر وهي كالآتي :
إن العصائب أو ما يسمى الآن (أهل الحق) هم عبارة عن قسمين لا ثالث لهما وهما أولا القيادات وهي المتمثلة بالشيخ قيس الخزعلي ومحمد الطباطبائي والشيخ أكرم ألكعبي وثانيا القاعدة الشعبية وهم أفراد العصائب وكلا من الطرفين له أسبابه في البقاء في العصائب والقتال على البقاء فيها وان دفعه ذلك الى فقدان حياته.فأما القسم الأول وهم القيادات للعصائب فهم من طلبة العلوم الدينية في الحوزة العلمية في النجف الاشرف والى وقت قريب من قدوم الاحتلال كانوا يعيشون على الراتب الحوزوي الزهيد أو على ما يحصلون عليه من المنبر الحسيني أو المساعدات التي تقوم بتوزيعها مكاتب المراجع في النجف الاشرف وكل هذه المساعدات لا تسمن ولا تغني من جوع (وهذا الحال إلى وقت قريب جدا من الاحتلال) ثم فجأة وبعد الاحتلال وخصوصا بعد أحداث النجف برز هؤلاء الثلاثة كشخصيات مقربة للسيد مقتدى الصدر وتم اعتقال قسم منهم وأصبح له حضوه بين أبناء التيار الصدري الذي كان يعيش مرحلة البحث عن عظماء يذكرونهم بالسيد محمد الصدر ويتخذونهم رمزا والى حد أنهم اعتقدوا أن السيد مقتدى الصدر هو الإمام المهدي المنتظر لذلك برز هؤلاء الأشخاص الثلاثة مما دفع بعض الجهات الخارجية إلى احتضانهم وأصبحت تغدق عليهم الأموال وأصبح لهم أتباع وتزايدت شعبيتهم إلى درجة أنهم لم يتحملوا تلك الشعبية ومع الأسف صدق هؤلاء تلك المكانة والى درجة انه لم يستطيعوا أن يفكروا بأنهم سيتخلون عنها في يوم من الأيام وخصوصا أن مصطلح( السيد القائد, وأمين عام المقاومة الإسلامية, وعلي وياك علي ) ألقاب تسيل لها لعاب الكثيرين منهم ومن غيرهم لذلك أصبح هؤلاء بين أمرين أما ان يبيعوا كل شيء( دينهم, مكانتهم الاجتماعية, اتصافهم بصفة طلبة السيد الشهيد, وغيرها) وان يبقوا على حالهم هذا وليكن ما يكون أو ان يتركوا هذه الدنيا بأموالها الطائلة والسفر في بلدان العالم والصبايا ويعودوا الى التيار والى مكتب السيد الشهيد وبذلك يكونون كبقية الناس وقد لا يسمع منهم كلام او رأي وقد يكونون تحت سلطة غيرهم من مشايخ التيار وحقيقة ما أصعبه من خيار واعتقد أنهم اختاروا الخيار الأول ولن يتخلوا عنه .
أما القسم الثاني وهم القاعدة الجماهيرية حيث أنهم على قسمين فقسم كان لا يجد رغيف الخبز وفجأة أصبح في كل شهر يستلم الملايين وأصبح عنده بيت فخم وسيارة وملابس جديدة ولا اعتقد أن عاقلا يريد الدنيا يوافق ان يترك هذا النعيم ويصبح من عموم الناس في العراق ويتوسط في سبيل ان يحصل على عقد في إحدى الوزارات العراقية حتى وان دفعه هذا البقاء على أن يشرب من دماء العراقيين لا أن يقتلهم فقط لأنه قد رتب وضعه ووضع عائلته على هذه الحياة المترفة هذا قسم وقسم آخر قد تورط بقضايا قتل وأصبح مطلوبا للعدالة وللعشائر لذلك فهو مضطر إلى البقاء وخصوصا أنه يعرف انه لو فكر بترك العصائب أو عدم تنفيذ الأوامر فسيتم التبليغ عنه والتخلي عنه فهو باقي ببقاء هذا الو ضع إلى ان يشاء الله .
وبعد هذه الدراسة وصلنا الى نتيجة وهي ان العصائب (قيادة وقاعدة) مجبرين على البقاء على وضعهم هذا ولم ولن يتخلوا عنه لان تخليهم عنه معناه إعدامهم فكلا من (القيادة والقاعدة) لن تستطيع ان تعيش بين أوساط التيار الصدري وهل يستطيع مثلا قيس الخزعلي او الطباطبائي ان يكون له بيت في المدينة ويعيش حالة طبيعية بين الناس ؟ او هل يستطيع أن يعيش من قتل وهو معروف انه قتل بعض أبناء منطقته أو محافظته أن يعيش بين أهلها؟ لا اعتقد ان ذلك يكون إلا بمشيئة الله لذلك نطلب من السيد مقتدى الصدر والقيادات الصدرية بإيقاف الحملة على العصائب والبحث عن بديل مقنع لاستيعابهم لان لغة التراشق وكيل التهم ستزيد الطين بلة وقد تؤدي الى نتائج لا يحمد عقباها وخصوصا ان القوم قد تسودت قلوبهم بالدماء وبحب الدنيا الفانية .
كلية العلوم السياسية / بغداد
[email protected]