منذ نهاية الحرب الباردة لم يأتِ رئيس قوي لقيادة أمريكا , وهذا الفشل الذي تحقق في ربع قرن مضى , تسبب بتداعيات وتفاعلات أخذت تدفع بالعالم إلى مهاوي الردى والضياع الرهيب.
فالعالم ومنذ أقدم العصور يكون محكوما بقوة عظمى تسود وتتمكن لحين , حتى تعلو قوة أخرى وتحل محلها.
وبعد الحرب العالمية الثانية تقاسمت العالم قوتان هما أمريكا والإتحاد السوفياتي , حتى أفل نجم الأخير , ووجدت أمريكا نفسها لوحدها في العالم , كالذي كان مقيدا ومحكوما بإرادة قوة أخرى , وإذا به حرا ويمكنه أن يفعل ما يشاء وبلا رادع أو تحسب , وفي هذه الفترة لم يكن هناك رئيس قوي , ولهذا تم إتخاذ قرارات أدت إلى تغيرات مأساوية في العالم , وبرزت قوى متعددة لا يمكن مقارعتها بسهولة , وأصبحت الدنيا في متوالية أخطار ذات عواقب وخيمة.
وفي هذا الزمن المتوتر , جاء إلى البيت الأبيض رئيس قوي بلا خبرات سياسية , وهذا يعني أن العالم سيتغير تماما , وستحصل فيه تطورات متسارعة ذات إتجاهات لا يمكن التنبؤ بها وتقديرها , لأنها ستكون منبعثة من إرادة العنفوان الذاتي والموضوعي.
وهذا حال يقبل إحتمالين فقط لا ثالث لهما , فأما سينحدر العالم إلى سقر , أو سينطلق في تفاعلات إيجابية ذات مردودات نافعة للجميع , وهذا خيار صعب ونادر , مما يعني أن الإنحدار السريع نحو الهاوية سيكون المرجح والفاعل في القرن الحادي والعشرين.
وقبل أن يتم الإحتفال بتنصيب الرئيس الجديد , أخذت التطورات تتسارع ونشر القوات في بولندا تنذر بشيئ ما , والتحذيرات من الصين وكندا والمكسيك وغيرها أخذت بالإنطلاق , أي أن التوتر بدأ بالتراكم والتفاعل , وهذا سيؤدي إلى تأجيج المواقف وتعقيد العلاقات ما بين الدول والمحاور , التي تتشكل ما بين الدول المستشعرة بالمخاطر , التي تلوح في أفق الربع الأول من القرن الحادي والعشرين.
وعليه فأن السنوات القادمات ربما ستكون معبأة بالأحداث الجسام , والحروب العظام , فالأجواء تبدو وكأنها مثل التي سبقت الحرب العالمية الثانية , فالعالم يحتاج لقرار فردي ليسقط في الهاوية , ويبدو أن هذا الشخص قد وضع قدمه على مسرح التطورات والتحديات , التي تتفاقم بسرعة وعنفوان غير مسبوقين.
وهكذا سنترقب ما ستأتي به الأيام وخصوصا في هذا العام الذي سيرسم خارطة قرن عجيب!!