18 نوفمبر، 2024 12:42 ص
Search
Close this search box.

الطائفية والتخلف

كلما أزداد تخلف ألشعوب وألأمم أزدادت فيها ألطائفية وألعشائريةوألمناطقية؛
وأخطرها على ألأطلاق هي ألطائفيةألدينيه. لقد أزهقت أرواح ألملايين من ألبشر عبر ألعصور ؛ ومن يقرأ تاريخ أوروبا وماحصل بين شعوبها من حروب طاحنة بين أتباع ألكنيسة ألكاثوليكية وألبروتستانية وألكنيسة ألأنكليزية ؛ولا زالت أثارها باقية لحد ألآن كما نشاهدها في أيرلندا ألشمالية ؛حيث تقسم أحيائها ألكاثوليكية والبروتستانية بجدران عالية لمنع ألأحتكاك بينهما وألتي تؤدي في بعض ألأحيان ألى أستخدام ألسلاح أو ألتشابك بالأيدي في ذلك ألجزء من ألعالم.
أن ألعقلية ألعربية وألأسلامية لازالت تحمل أثار ألفكر ألطائفي على ألرغم من تطور مصادر ألتعليم ألحديثة ووسائل ألأتصالات مثل ألأنترنت وألتويتر والفيسبوك وغيرها ؛ وألتي تعمل على تقريب وجهات ألنظر بين ألناس؛فلا زال ألنقاش محتدما بين أتباع هذه ألطوائف عن أحقية هذا ألصحابي في ألخلافة أوذاك وتكفير ألناس بناءا على ذلك؛ أو ألنقاش عن صحة ألصلاة في حالة غسل ألقدمين أومسحهما ولازال ألفقهاء من ألطرفين يستخدمون ألدلائل ألنقلية وألعقلية لآثبات وجهات نظرهما ألمختلفة وألخوض في تعميق ألخلافات ألفقهية وألعقدية.
وألغريب أن هذا ألنقاش في وقتنا ألحاضر أمتد ألى ألطبقات ألعلمانية وألألحادية ؛ فتراهم يتخاصمون في ألدفاع عن هذه ألطائفة أوتلك ؛ فبمجرد أن تنتقد شخصية سياسية سنية لفسادها ؛أو طغيانها ؛ أو جهلها ؛ حتى ينقض عليك ألمتدين ألسني وألعلماني وألملحد بالشتائم وأتهامك بالصفوية وألأصول ألفارسية ؛وأنك من أبناء ألعلقمي ؛ويشيد بعروبة ألسياسي ألسني وبمواقفه ألوطنية ونزاهته ؛وربما هو لايعرف خلفيته ألثقافية  ولاتاريخه ألسياسي أو ألوطني ؛ وعلى ألطرف ألأخر ما أن تفتح فمك بأنتقاد شخصية  شيعية ؛ حتى ينبرى أليك ألشيعة بمختلف مواردهم ألدينية وألسياسية بأتهامك بالوهابية وألسلفية وبمعادات موالي آل ألبيت؛ويشيد بنزاهة ألشخص ألمنتقد.
أما ألدول فقد أصبحت مصنفة ؛ فأيران هي سبب كل ألكوارث ألتي حصلت في ألمنطقة من خلافات طائفية أو عرقية وأنها ألسبب بالوقوف ضد وحدة ألأمة ألعربية ؛ومساعدة أليهود في أحتلال فلسطين وفي تمزيق وحدة ألعالم ألأسلامي ؛ووصفهم بالمجوس و ألصفويين وغيرها من ألصفات ألذميمة، وعندما تتحدث عن ألسعودية وغيرها فينعتونها بالوهابية وألسلفية والتخلف وأنها سبب ألمشاكل ألتي تحدث في ألمنطقة وتدمير ألعالم ألأسلامي.
ولكن أين ألخطأ؟ألأجابة على ذلك تكمن في فشل ألتربية ألدينية وألأجتماعية وألثقافية وألفكرية وكلها ساهمت وبدرجات متفاوته في هذا ألتدهورألحاصل في عالمنا ألعربي وألأسلامي على حد سواء؛ وغياب روح ألتسامح وحرية ألتعبير ألحر في مجالات ألحياة ألحياة ؛وخاصة ألفكر ألديني الذي يعتمد على ألتلقين وألأنقياد ألأعمى لأفكار لم يعد لكثير منها مجال للتطبيق في عالمنا ألحاضر وهي من قبيل ألأساطير أوألقصص ألتي نطلق عليها قالت جدتي!!.ولاننسى أن ألكثير من هذه ألأساطير  وألخلافات ألمذهبية تصب في مصلحة ألحكام وبقائهم في ألحكم؛ كما نلاحظه بوضوح في هذه ألأيام.
أن تصريحات تركي ألفيصل وزير ألداخلية ألسعودي في مؤتمر أمن ألخليج؛ توضح بشكل واضح وصريح ألعقلية ألعربية ألطائفية ألبدوية ألمتخلفة{ أن ألنظام ألعراقي ألسابق؛ويعني نظام صدام ؛حافظ على ألتوازن في منطقة ألخليج!!وأن أسقاط ألنظام من قبل ألأمريكان كان خطأ فادحا ؛لأنه أخل بالتوازن في ألمنطقة لصالح أيران وتمددها في ألعراق ؛بل واحتلالها ألفعلي للعراق؟!!}وهذه هي ألعقلية ألسلفية ألجامدة ألتي أعتمدها ؛هي تكرار لما أفتى به وعاظ ألسلاطين بأطاعة ألحاكم ألظالم ؛وأن ظلمك وضربك وأخذ مالك؛ ما دامت تصب في بقاء ألحاكم ؛ وتناسى ضحايا نظام صدام حسين ألتي ملئت مقابر ألعراق والتي عمت كافة طوائفه وأعراقة بدون تميز أوتفريق ؛وتغاضى عن أحتلاله للكويت ؛وتسهيل دخول ألقوات ألأمريكية عبر أراضي ألسعودية وتدمير بنيته ألأساسية ؛ فما دام صدام حسين سنيا!! فيجب ألتغاضي عن جرائمه وحروبه ألكارثية ؛أنه يسعى بهذه ألتصريحات أن يصب ألزيت على ألنار ؛وتأجيج ألصراع ألطائفي ألذي يصب في مصلحة ألمتربصين بالأمة ألعربية وألأسلامية ؛لأرضاء نزوات نظامه ألطائفي ألعشائري ألمتخلف .بدلا من أن يدعوا ألمسلمين ألى ألوحدة وتناسي ألخلافات فيما بينهم لمصلحة شعوب ألمنطقة ورفاهيتها ,وكما يقول محمد مفتاح ألفيتوري:
     قتل امرئ في غابة  جريمة لاتغتفر   وقتل شعب أمن مسألة فيها نظر
يقول أحد ألمفكرين ؛{ما أجمل أن تتكون  دولة بلا هويةتتعايش فيها كل ألهويات في أنسجام وحب ووئام ويشعر ألجميع بحاجة بعضهم للبعض ألآخر}.ويقول مفكر آخر{ان ألحضارةهي  أن تشعر ألأقلية بالأمن وألأمان في ظل ألأغلبية ؛وأن تعمل على توفير كل متطابات العيش الكريم وألتعليم لهم} .وبالرغم من وجود هذه ألثورة ألمعلوماتية وألتقدم في مختلف ألمجالات ألحياة؛ فقد فشلنا في أن تتعايش في أوطاننا بسلام وطمأنينة ؛مع ألعلم أن معظم دولنا تتألف أما من قومية واحدة أو دين واحد وتعيش بين ظهرانينها أديان وقوميات أخرى منذ ألوف ألسنين؛ لم تستطع دولة واحدة من دولنا أن تتعايش مع أقلياتها ألدينية أو ألعرقية كما هو ألحال عليه في دول مجاورة لنا مثل أسرائيل؛فلا زالت ألأقليات ألشيعة في دول ألخليج وغيرها من ألدول ألأسلامية تعيش في حالة تهميش وينظر أليها بنظرة ألريبة والحذر وتتهم بأمتدادتها ألخارجية وتعاطفها معها ؛ويعنون بذلك أيران وتحرم من ممارسة طقوسها ألدينية وألفكرية ومعزولة عن مراكزألقرار وألمؤوسسات ألأمنية؛ وتقوم هذه ألدول بتطبيق طقوسها ألدينيةعلى هذا ألمذهب أو ذاك؛ ومن يشاهد ألأفلام ألمصرية وطريقة عقد ألزواج ؛حيث يقول ألعاقد :زوجتك على مذهب ألأمام أبو حنيفة ألنعمان ؛ ولايقول حسب ألشريعة ألأسلامية وهي أشمل وأعم وتشمل كافة ألمذاهب ألأسلامية؟! .
ينص ألدستور ألأيراني على أن مذهب ألدولة ألرسمي هو ألمذهب ألجعفري وتستنبط ألقوانين بناءا على هذا ألمذهب؛ بينما تعيش في آيران أقلية من ألسنة فكيف يستقيم ألأمر في ظل أغلبية لاتعترف بمذاهب ألأقليات وتفتقر هذه ألأقلية كماهو ألحال في دول ألخليج ألى حق ألمشاركة في صناعة ألقرار ؟!!.
أن هذا ألتخندق ألطائفي سيؤدي عاجلا أو آجلا الى صدام بين مكونات ألشعب ألواحد وسيكون هذه ألمرة كارثيا على ألجميع لحجم ألآلة ألعسكرية ألمكدسة في هذه ألمنطقة وللحقد ألقائم بين مكونات هذه ألشعوب ألذي كرسته أدبيات وثقافة ألحقد ألطائفي والعرقي وألديني على مر ألعصور ؛ ولاننسى ألعامل ألخارجي ألذي ينتظر هذه أللحضة ببالغ ألصبر ليحقق مآربه في هذه ألمنطقة لأنها تمثل عصب ألحياة لصناعاتها وخاصة ألنفط ومشتقاته وبقية ألخيرات ؛ وعندها ستطلب هذه ألشعوب ألنجدة من هذه ألدول لتخليصها من ألعصابات ألطائفية وألعرقية وألدينية التي أتت على ألأخضر وأليابس كم حصل مؤخرا في ليبيا ويحصل ألآن في سوريا ؛ وسنعود مرة أخرى ألى الحماية كما حصل عقب ألحربين ألأولى والثانية ؛ وسنخرج من هذه ألكارثة بخسارة جماعية في ألأرواح وألممتلكات وألسيادة أن وجدت!!.
أن عودة شعوب ألمنطقة وحكامها ألى ضمائرهم وعقولهم بعيدا عن تأثير رجال ألدين ألمتحجرين وألذي يعيشون في ألماضي في كهوف مظلمة وألسياسيون والحكام ألأنتهازيون ألذين يعيشون على أكتاف ألآخرين ؛وألعمل بجد وأخلاص على  تقليص مساحات ألأختلاف وتوسيع مساحات ألألتقاء وهي كثيرة ومتنوعة ومنها ألقومية وألدين وألمعايشة ألتي تربط بين سكانه منذ ألوف ألسنين ؛ وكما تقول كاتبة أردنية؛ أن مشاهدة رجل يمر من أمام طفل مزقته سيارة مفخخة او حزام ناسف ولايشعر بالألم لأنه من مذهب أودين آخر غير دينه أومذهبه ؛أنه رجل ينتمي لمجتمع يفتقد لأبسط قواعد ألناموس ألديني أو ألحضاري . أن مشاركة ألأقليات ألدينية والعرقية في ألعالم ألعربي عبر ألعصور قد ساهمت في بناء حضارة وتاريخ هذه ألمنطقة؛فمعظم أئمة مذاهبنا من أصول غيرعربية كما أن ألكثير من علاماؤنا ألذين ساهموا في ألحضارة ألأسلامية وألعالمية هم من أصول غير عربية ؛ومثالين موجزين يدلان على ذلك؛ وهو فتح بيت ألمقدس من قبل ألقائد ألمسلم ألكردي صلاح ألدين ألأيوبي ؛ كما أن مضخات ألماء ألتي أحدثت فجوات في خط بارليف في سيناء في حرب أكتوبروألتي سمحت بتسهيل ألعبور الى ضفة ألقناة ألأخرى كان مخترعها بطلا مسيحيا قبطيا في سلاح ألهندسة في ألجيش ألمصري ؟!!.أنتبهوا ياشعوب ألمنطقة قبل أن يجرفكم ألطوفان وعندها لاينفع ألندم؛ وكما قال ألشاعر :
ألرأي قبل شجاعة ألشجعان    هو أول وهي ألمحل ألثاني .

[email protected]

أحدث المقالات