وجه رئيس الوزراء دوائر الدولة ومؤسساتها الى الالتفات لقانون من “اين لك هذا” الذي شرع في خمسينيات القرن الماضي في محاولة جديدة للحد من الفساد والاثراء غير المشروع، لاسيما بين النخب السياسية وحواشيهم والمرتبطين بهم.
الانتباه الى هذا القانون جاء متأخراً، فقد بحت اصوات المحتجين في الساحات والشوارع العراقية من الدعوة اليه، الى جانب كتابة المذكرات واطلقت التصريحات والنقاشات شقت الاذان الا ان احداً لم يسمع او يكلف نفسه في الحث على تطبيقه لا يقاف الفساد والهدر وتحريم السطو على المال العام ونهبه، كل كان يعرف بهذا القانون الا انه يغمض عينيه عنه بما في ذلك رئيس الوزراء.
الواقع ان بعض السياسيين والمتابعين تنبهوا الى قضية في غاية الاهمية ان البلاد ليست بحاجة الى قوانين جديدة لملاحقة الحيتان الكبيرة والصغيرة، والى مؤسسات رقابية وقضائية، بل ان ما هو موجود كاف ويمكن ان يؤدي الغرض منه ويوقف سرقة المال العام والاداء السيئ وانهاء استشرائه في جميع مفاصل الدولة لو كان هناك شعور بالمسؤولية وبعض من الضمير الحي الذي لا يرضى اشاعة الحرام ويؤمن بالتصدي له.
كنت اتمنى ان تصاحب دعوة رئيس الوزراء حيدر العبادي لنفض الغبار عن قانون من اين لك هذا تقديم بعض الفاسدين الذين اصبحوا بين ليلة وضحاها، من كبار الاغنياء ليس على صعيد العراق وانما في المنطقة والعالم، الى المحاكم والقاء القبض عليهم وتقديمهم الى هيأة النزاهة او الى القضاء العادل ليأخذ مجراه.
وهذه مؤسسات وسلطات في حال يرثى له بخصوص اداء مهامها، فالملفات تنام في ادراجها دهراً، وتتعرض للحوادث، وتحرك ضد هذا او يخمد ضد ذاك بحسب بعض العارفين لدوافع حزبية ضيقة واجندات سياسية.
الواقع اني لم اجد في دعوة العبادي جدية كبيرة، بل حتى صغيرة فهو لو اراد لفعل هيأة النزاهة وطالبها بان تحرك الملفات ولا يعوزها الاسناد القانوني، وانما تفتقد الى الجدية والقرار الحقيقي بمحاربة الفساد.
ايما قائل يعدد لنا الكثير من القضايا التي حسمت في النزاهة والمحاكم، ولكن يغيب عن هذا التعداد الاشارة الى ان اغلب هؤلاء الفاسدين الذين تمت ادانتهم هم خارج العراق، كأن الجهات المعنية تعرف بهربهم وفرارهم فتزيل الشمع الاحمر عن ملفاتهم.
كان بودي ان يتأبط بعضاً من هذه الملفات ويذهب الى رئيس السلطة القضائية وهيأة النزاهة ويصرخ قائلاً هذه ملفات فساد موثقة وبالادلة واصحابها اعرفهم لم يكن لديهم ما يقتاتون به خلال يومهم قبل التغيير في عام 2003.
وايضاً تمنيت ان يذهب الى القضاء حاملاً ملفات الفساد التي نساها سلفه في احدى زياراته لهيأة النزاهة قبل سنوات، وبث على الملأ حديثه بشأنها ويقول ها هي لقد تسلمتها منه ولن يبتز احد بها، واريد ان تباشروا بفتحها وان تطيحوا باي فاسد مهما علت منزلته ومن دون الرجوع لي.
واخيراً وليس آخراً كنا نتمنى ظهوره على الملأ وهو يلقي القبض على بعض القطط السمان من الذين يتبخترون في المنطقة الخضراء ويعطي مثالاً حياً في تطبيق القانون.
ان محاربة الفساد ليست مجرد حملة تصريحات واطلاق اعلانات لا تضع حرامي وراء القضبان، وانما تطبيق للقانون وضرب قط سمين يقال عنه في القاموس الشعبي “عتوي” كي يخشى سوط العدل فاسد في أي مؤسسة وجد.