19 ديسمبر، 2024 7:38 ص

فأما البزّونة التي جئنا على ذكرها الطيب ، وشتلناه فوق رأس المكتوب ، فهي التي جمعها بزازين بلغة أهل العراق ، وهي البسّة بلغة العمّونيين والشوام ، لكنها القطة ابنة القط ، والهرة بنت الهر ، ومنها أشتق اسم العتوي الذي به دلالة الضخامة والقسوة والطمع والفحولة . شخصياَ ، أفضّل مواجهة أربعة سباع وخمسة ضباع وستة ذئاب وسبع حيّات من صنف أم رأسين وثمانية ثعالب مكارة وتسعة نمور ونمرة ، على مواجهة بزّونة أو قطة مقطوطة تسحلني من خشمي صوب واقعة ، وقعت قبل أزيد من أربعين سنة . وقتها كنت في الصف الرابع الأبتدائي باء . في مساء يشبه مساء مقبرة ، نصف قبورها مخسوفة مطموسة ، دخلت الى حوش الدار ، بزّونة مدنفشة مريّشة ، مازالت تتمطق وتتلمّظ ، اذ يلبط فوق لسانها طعم سمكة أمي التي نهبتها بزّونة الدار ، قبل غداء أبي بساعة ، وكادت تنتج واقعة طلاق مثلثة بالثلاثة . حظ البزّونة المصخّم ، وثولها ونقاء سريرتها ونبلها ، جعلها تختار أول غرف الحوش من وجهة الشارع ، ويطلق عليها ناس وناس ، اسم الديوانية ، وأظن أن اسمها منحوت من اسم زوجها الديوان . كنت أنا وأخي الأصغر جاسم ، نكمن عند مرقاب خفي ، ولما تيقنّا من أن ثأرنا السمكي اللابط ، قد صار ببطن المضافة ، هببنا كما ريح صرصر قوية ، وأغلقنا علينا والبزونة المسكينة المصبوغة بالبياض وبالسواد الذي يسبي العباد ، باب الديوانية المتين الذي لا تستطيع فكّه ، كتيبة دبابات في طور ” اعادة تنظيم ” . كنت أحمل بيميني آلة مدبب رأسها ومخمّس ذيلها ، تسميها العامة ” نجّاخة ” بكسر النون ، وطش ثلاث نقط تحت الجيم المشددة لتعجيمها ، وترك باقي الحروف تمشي على سجيتها . في أول تصويبة من يميني الراسخة ، أستقرّت النبلة بخاصرة القطة ، فأنتفضت وهاجت وفحّت وصوبت حلقها صوب النجّاخة المغروسة كي تخلعها ، فلم تتوفق . قفزت نحو النافذة المزججة ، وتركت فوق عتبتها قطيرات دم مغدور ، ثم قتلتنا بصلية خزرات من عينيها الساخنتين ، أذ كنا في الوصلة البعيدة عن باب الغرفة الذي لم نستطع فتحه من قوة الخوف ، والربكة التي ينتجها ، بلل اللباس الداخلي ، حتى لحظة قيّض لنا فيها ، الرب الرحيم ، أباَ طيباَ جميلاَ ، فتح باب الديوانية فصارت ساقاه ، ممراَ آمناَ لبزّونة لم أرها بعد تلك الواقعة ، الّا في مناماتي التي تأتيني فيها ، كأنها ثأر مؤجل . هذه الحكاية المميتة ، كنت جئت عليها في جرجرة استعادية من برنامج محبب اسمه ” أطراف الحديث ” وصاحبه ، صاحبي الأريحي مجيد السامرائي . صفن مجيد ، وأتبع صفنته بضحكته الحلوة . في تلك اللحيظة من أطراف الكلام ، كان بمستطاعي ، أن أشوف بعيني مجيد ، خوفاَ مثل خوف أخي ، الذي كان سندي في تلك المحشرة المرعبة . سيسأل الليلة ، سائل بطر منكم ، وسائلة بطرانة منكنّ ، عن سر مجيئي على واقعة مريعة وقعت وبادت ، وكان الأحسن ، أن يأتي مكتوبي هذا ، على ذكر وسب وشتم ، أمريكا الكلبة بنت الكلب ، التي مازالت تلعب بالبلاد طوبة وشاطي باطي وجقّة وشبر . سؤالكم حقّ سليل حق ، وزعلكم على عيني وعلى رأسي ، وأزيد الظن هو أن الأجابة الماحقة ، ستكون قدّامكم في خاصرة الأسبوع الجاي ، فسامحوني ، سامحكم ربي البديع ، وغفر ذنب كل رعديد ، كان زرع نجّاخة ، بظهر بزّونة فقيرة يتيمة مرمّلة دائحة ، وليس بظهر بلاد ، صار جسدها الطاهر العزيز ، مزرعة نبال عظمى . فيمالله .
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات