لم تمض فترة طويلة على خروج القوات الامريكية من العراق حتى بدأت الاحزاب السياسية بتصفية حساباتها بعضها مع البعض . قضية نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي كانت ابرزها، فجاءت اتهامات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للهاشمي بدعمه للارهاب ما جعل الاخير يهرب مع مجموعة من مرافقيه وهو متهم بالمادة اربعة ارهاب الى كردستان العراق شبه المنفصل . من هنا بات المشهد العراقي معقدا فالدولة العراقية اصبحت تعاني من انهيار حقيقي في مؤسساتها واصبحت الحكومة تواجه خصومها من القريب والبعيد فلا تكفي التدخلات الاجنبية في الشأن العراقي وعلى رأسها ايران والسعودية بالاضافة الى تركيا فالجميع حركوا اجنداتهم في الداخل للحصول على فرص للسيطرة على ثروات العراق بطريقة او باخرى ، انهيار حقيقي في المشهد السياسي يتابعه الشارع العراقي حيث يدرك المواطن بان بعد كل خصام بين الساسة العراقيين ستقع كارثة ويدفع ثمنها المواطن الفقير واقصد هنا الانفجارت التي تحصل داخل العراق بعد كل خصام سياسي. من هنا لابد ان نقول ان العراقيين باتوا شبه متاكدين بان الرؤوس التي تدير البلاد هي اشبه بزعماء مافيا هدفها السيطرة على كل خيرات البلد وتنفيذ اجندات الدول التي بعثتها او التي دعمتها سواء في حملاتها الانتخابية او من خلال الميليشيات التي تملكها تلك الدول في العراق بالاضافة الى ذلك فان العراقيين يدركون ماذا كان يملك المسؤول قبل عام 2003 من اموال وعقارات ومالذي يملكه اليوم حيث وصفت لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي قبل ايام الفساد الاداري بانه الاكبر في تاريخ العراق . المالكي الذي فضل ان يفضح خصمه السني طارق الهاشمي عبر وسائل الاعلام ماكان اصلا ليفضحه بهذه الطريقة لولا تشديد الهاشمي من لهجة طلب الاقاليم في مناطق ذات اغلبية سنية حيث تشير كافة التقارير الواردة بان المالكي كان يعلم جيدا بما يفعله الهاشمي من انتهاكات ولكنه فضل السكوت، وعندما وصلت الامور الى مستواها فعل مافعل ليقلب الوضع رأسا على عقب واصبحت المسألة كانها حرب بين اطراف سنية بقيادة الهاشمي والمدعوم من السعودية وبين المالكي الشيعي والمدعوم من ايران، واصبح للاكراد دور في هذه اللعبة حيث استضافوا الهاشمي وبالتاكيد ليس حبا بنائب رئيس الجمهورية ولكن كي يحصلوا على قطعة اكبر من الحلوى وهي الملفات العالقة بين المركز والاقليم بالاضافة الى قضية مدينة كركوك الغنية بالنفط وهي القضية المعقدة نظرا لكون المدينة ذات تنوع عرقي فيها العرب والاكراد والتركمان والاشوريون ومن هنا اصبح الاكراد يلعبون بنار قد تصل اقليم كردستان والذي يعاني هو الاخر من انقسامات في مشهده السياسي و اختلافه مع معارضيه وكان اخرها حادثة محلات الخمور المشهورة وماسببته من دمار ، بالاضافة الى دعم اقليم كوردستان لتحركات حزب العمال الكردستاني المحظور الحزب الذي لديه مشاكل حقيقة مع الحكومة التركية ومن هنا بات من المؤكد بان تاتي النار من الجارة الشمالية للعراق حيث بدأت التصريحات النارية من قبل مسؤولين بالحكومة المركزية تدعو تركيا بالكف عن التدخل بالشأن العراقي ولكن الاخيرة تجد نفسها الاقوى كي تتدخل و تفرض سيطرتها. الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي فضل سحب قواته من العراق كان واعيا كل الوعي بحجم التدخلات الخارجية في الشأن العراقي ولكن قرار سحب القوات الامريكية برأيي كان صائبا كل الصواب والسبب بسيط فالولايات المتحدة الامريكية حررت العراق من نظام الدكتاتور صدام حسين وبقيت فيه لمدة تقارب 9 سنوات وسلمته بيد عراقيين فلماذا هي باقية؟ ولماذا يضحي الرئيس الامريكي بجنوده ؟ والرئيس اوباما قد اوفى بوعده للامريكيين فلا ننسى شعاره الكبير بانسحاب القوات الامريكية من العراق اثناء حملاته الانتخابية فحقا الرئيس وعد واوفى . ولكن للاسف الذين يديرون العراق لم يفوا بالتزاماتهم للعراقيين وهذه حقيقة يدركها المواطن العراقي الذي لربما سياتي اليوم الذي يحرر نفسه من بطش زعمائه الذين يكافؤون الدول التي جندتهم.
[email protected]