18 ديسمبر، 2024 8:39 م

أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق ظهرت على شاشات التلفزة صورة طفل عراقي لايتجاوز الثانية عشرة من عمره يحمل إطار ثمين لصورة جدارية كان قد أخذه من بيت طارق عزيز في ظل أعمال النهب، التي تمت برعاية جيوش التحالف، وتنفيذا لرغبتهم في تدمير العراق، وقد أوقفت القناة شريط الفيديو على مقطع هذا الطفل، ومقدم البرنامج ينادي أيها الفتى كُرْ فإنك حُرْ ، ادركتُ في حينها أن العراق تحت طائلة العقاب والانتقام في مسلسل النهب والسلب والضياع ويجب أن يتم هذا والعراق تحت حكم الإسلاميين .
وخاصة الإسلاميين الشيعة لأنهم تصدروا المشهد السياسي، وأعتقد أن بحوثاً أُعدَّت لهذا الغرض، وإن نتاج زراعتهم سيحصدوه بعد برهة من الزمن ، وحينها سيكون حكم الإسلاميين قد تم تشويهه تماماً وقد ساعدهم في ذلك قلة خبرة الحكام الجدد في إدارة البلد، وعقلية المعارضة التي لازمتهم أثناء وجودهم في الحكم، وكذلك تسلق أعداء التيارات والأحزاب الإسلامية في مناصب قيادية في الدولة الحديثة وقد عاثوا فيها فساداً، وقد كان مشروعهم إفساد الدولة الجديدة واعطاءها صبغة الفساد ، تلاقت مع هذا البرنامج تصرفات بعض الأحزاب السياسية الإسلامية العشوائية وتخبطها المستمر، لإبعاد أقرانهم عن سلم الحكم وتسقيط بعضهم البعض للحفاظ على مكاسبهم ، بل وعمدت أحزاب السلطة على حماية سراق المال العام ظناً منهم بذلك يتم إنكار حالة الفساد، إلا أنها اعطت نتائج عكسية حيث تم تسليط الأضواء على هذه الجزئيات ولم يتم تناول باقي مشاريع الدولة بالبحث والتحليل، ولم يضع أحد الفوارق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تحت المجهر، ولم تجرى مقارنة معقولة بين ماكان عليه العراق وما أصبح عليه بعد عام 2003  .
وقد كان السباق نحو السلطة هو السبب فأصبحت نظرة الشارع العراقي شمولية ، 
كان الفساد الحاضر الأقوى فيها  .
وقد تم التركيز على فساد أدوات الأحزاب الإسلامية فقط ورصد أفعالهم ، وتضخيم ادوارهم في دوامة الفساد التي اجتاحت البلد .
ثم جاءت التظاهرات التي نادت باقصاء الإسلاميين وكأن غير الإسلاميين ملائكة نزلوا من السماء وكأن أحزابهم لم تشترك في حكم العراق متناسين أن أذرع الأحزاب اللادينية كانوا جزءاً من منظومة فاسدة لعقد من الزمن إن لم يكن لهم الدور الأكبر في ذلك، إلا أن الضوء لم يُسَلّط عليهم لغايات اتضحت فيما بعد  .
يجب أن يميز الشارع العراقي بين الأحزاب الساعية للسلطة من أجل التسلط واذكاء الفساد ، وبين من لديه مشروع سياسي يسعى لتحقيقه من خلال مشاركته في السلطة لإبراز دوره الوطني في بناء دولة مؤسساتية بعيدة عن الشخصنة والتطرف والقضاء على تحفيز التفرقة.