هل شخص دونالد ترامب واقعنا العراقي سياسيا واجتماعيا بشكل دقيق عندما قال شعب فاسد وحكومة فاسدة ام انه جانب الحقيقة واحاق مزيدا من الظلم بهذا الوطن فالولايات المتحدة هي السبب الاول والاخير لكل مآسي العراق التي مر بها قبل وبعد عام 2003 .
لقد ازاحت قوات التحالف الطاغية الذي كان يجثم على صدر العراق بشيعته وسنته وعربه وكرده ولكننا في الوقت نفسه دفعنا ثمنا باهضا لهذا التغيير الذي كلف العراق ما يقرب من مليون انسان ازهقت ارواحهم تارة بنيران شرطي العالم وتارة بنيران الطائفية التي مهدت لظهور التنظيمات المتطرفة من امثال القاعدة في بلاد الرافدين بقيادة ابو مصعب الزرقاوي ومن بعده تنطيم داعش الظلامي بقيادة ابي بكر البغدادي الذي شوه الاسلام المحمدي حتى طالت مخالب هذا التنظيم دول الاتحاد الاوربي بل حتى الدول التي مولته واسهمت بتكوينه وتمدده فكريا وعسكريا واقتصاديا ليلحق الدمار بالماضي والحاضر .
هل إن كل ما جرى ويجري في العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها من الدول جاء بمحض الصدفة ام إنه مخطط مدروس بشكل دقيق ومعد له سلفا منذ أمد بعيد لاعادة تقسيم المنطقة بما يضمن مصالح الغرب في الشرق الاوسط حتى وإن استلزم ذلك تمزيق وحدة هذه الدول او اضعافها الى اقصى حد ممكن لان الانظمة الحاكمة والعقل الجمعي لهذه الشعوب يميل الى معادة الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة وحليفتها اسرائيل.
ترامب يريد عودة قوات المارينز الى العراق من جديد من اجل وضع اليد على حقول خامس احتياطي نفطي على مستوى العالم علما انه ليس بحاجة الى هذا فقد وضعت الشركات الغربية يدها الى هذا النفط الى اخر برميل من البترول ولكنها لم تضع يدها بعد على ثالث احتياطي من الغاز عالميا واعتقد انه على خطا كبير فان عدد قوات المارينز المتواجدة في العراق يناهز العشرة الاف مقاتل مع كامل عدتهم ومجرد اعلانه عن اعادة احتلال العراق سوف يلهب مشاعر عداء جزء كبير من الشعب العراقي الرافض لاحتلال ارضه مرة اخرى وحتما سيكون ثمن هذا الرفض هو مزيد من الدماء العراقية لان الفصائل المسلحة التي ازدادت قوة بعد ظهور تنظيم داعش سوف لن تقف مكتوفة الايدي .
الولايات المتحدة والغرب عموما لا تهمهم معاناة الشعوب بقدر ما يهمهم وجود حلفاء في منطقة الشرق الاوسط بسبب التنافس على المزيد من النفوذ بينها وبين روسيا والصين وايران الصاعدة كقوة اقليمية تعلن العداء لاسرائيل وتدعم حزب الله في جنوب لبنان والحوثيين في اليمن وبشار الاسد في سوريا واغلب فصائل المقاومة الفلسطينية .
بالنسبة الى العراق فالولايات المتحدة راضية عن الحكومات العراقية المتعاقبة عليه بعد عام 2003 رغم أن الشيعة هم من يقودون هذه الحكومات الضعيفة ولهم علاقة وثيقة مع ايران وان هذه الحكومات تمتاز بكونها غير منسجمة كونها حكومات احزاب طائفية واثنية ولكن يبقى الغرب داعما لها رغم فسادها وما تلحقه من ضرر بمقدرات ومستقبل هذا الوطن لذلك فإنه لن يحصل تغيير سياسي ايجابي في العراق رغم مطالبة الشعب بذلك ويبقى مسعى الولايات المتحدة لتقسيم العراق الى اقاليم قائما ولكنه يختفي ويظهر بين الحين والاخر …ترى
هل إن الحكومة والبرلمان والوزارات هم وحدهم المفسدون إم أن هناك غيرهم … من جانبي اكاد اجزم ان اغلب الشعب العراقي هو شعب لا يحمل قيم اخلاقية حقيقية صالحة بل يمتاز اغلبه بالازدواجية في تعاملاته الاجتماعية والدينية على مستوى التطبيق فاغلبهم يصلون ويصمون لكننا نلاحظ أن الغش في التعامل التجاري قائم على اوسع نطاق بل حتى بائع الفواكه والخضروات يغش الاخرين وان المعلم غير نزيه وغير مخلص في عمله وشرطي المرور كذلك وبعبارة مختصرة فإن الفساد مستشري في المؤسسة التعليمية والقضائية والامنية والاقتصادية والسياسية فهل يمكن لنا ان نضم اصواتنا الى صوت دونالد ترامب وهو يصفنا بالفاسدين إم سننكر حقيقة سيطرة الفساد علينا في جميع مجالات حياتنا وان الله سلط علينا من هم على شاكلتنا وانه لن تجدي جميع التظاهرات في تغيير واقعنا المرير طالما إن حكوماتنا نالت رضا الشرق والغرب وان اي تغيير بالقوة سوف يكون تعدي على الشريعة وان الحل الوحيد هو من خلال صناديق الاقتراع التي تسيطر عليها احزاب السلطة بطريقة واخرى … لقد نقل لي احدهم عن الرئيس جورج بوش الاب انه قال يوما ما أن الولايات المتحدة لم تضرب البنى التحتية للعراق عقب احتلال الكويت بل ضربت اهم هدفين هما أولا هيبة الدولة وثانيا المنظومة الاخلاقية للشعب العراقي ففي الوقت الذي فرض فيه الحصار على الشعب العراقي انهار التعليم والقضاء والطب وانتشرت الرشوة وساد الغش في كل مجالات الحياة حتى الادوية … من هناك بدء الفساد عندما وجد له ارضا خصبه والى ان وصلنا الى يومنا هذا تغلغل اكثر واكثر لان العراقي يشعر ان وطنه ليس ملكه لهذا كان ينظر الى جميع مؤوسسات الدولة أنها ملك لصدام وحزبه قاستولى الشعب عليها فيما عرف بمصطلح الحوسمة وهذا سر استعداد العراقي لسرقة المال العام دون وازع من ضمير .